إفرست.. الممل - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إفرست.. الممل

نشر فى : الثلاثاء 22 سبتمبر 2015 - 11:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 سبتمبر 2015 - 11:50 ص

لولا مشاركة هذه الممثلة النابغة فى الفيلم، لغادرت القاعة بعد ربع، أو نصف الساعة من عرضه، ذلك أن المخرج، بلتاذار كورماكور، يتخبط بين عدد كبير جدا من شخصيات تستعد للقيام برحلة، محفوفة بالمخاطر، إلى قمة أعلى جبل على الكرة الأرضية.. العدد ضخم، وبالتالى، ما أن يتوقف، لحظة، عند المتسلق الفلانى، ليقدم شذرة عن مكالمة تليفونية مع أسرته، حتى ينتقل إلى متسلق آخر، يستكمل ارتداء ملابس المغامرة المميتة.. ثم يتركهما ليجعل أحد المتواجدين يسأل متسلقة يابانية عن دوافع مشاركتها فى هذا الأمر.. طبعا، يؤدى التقطيع أو «المونتاج» المكوكى إلى بداية التشتت بين ذلك الكم من النماذج البشرية، التى لا نكاد نعرفها، وبالضرورة، يتسرب الملل إلى المشاهدين، وأنا منهم.

اعتمد الفيلم على ما حدث فى رحلة مشئومة، لمجموعة استكشافية، انتهت نهاية فاجعة فى العام ١٩٩٦، حيث لقى معظمهم، حتفه، متجمدا، فى ثنايا جبل لا يعرف الرحمة، وطبيعة قاسية، متقلبة، يبدو الإنسان فيها، مجرد ألعوبة بلا حول أو طول.. لكن، وسط المتابعة، شبه التسجيلية، لما يعانيه أبطال التسلق، من غدر الانهيارات الثلجية، والعواصف الغاضبة، وقلة الاكسجين، يلتمع الفيلم البطىء ببؤرتين ذهبيتين، تستحقان الالتفات والتقدير: صمود الإنسان، بإرادة من حديد، أمام موت محقق.. هنا، فى بعض المشاهد، نتابع، بقلوبنا، مقاومة التثلج الذى يجمد أطراف ذلك البطل الذى يحاول، بكل قواه، عدم الاستسلام لدبيب النهاية.

النقطة الثانية التى تستحق التقدير، تتمثل فى التعاطف بين المستكشفين، فالواحد منهم، بكل همة، يتعرض للخطر، وهو يعمل، بكل جدية، لإنقاذ زميله المعلق فى سلك يربط بين ارتفاعين.. يمتد التعاطف، أو التآخى، بين أفراد الرحلة من ناحية، وموظفى الشركة المنظمة للرحلة.

هنا، تتألق الممثلة البريطانية القديرة، إميلى واتسون، القادمة من أجواء وليم شكسبير، حيث إنها جسدت العديد من بطلاته.. دورها فى الفيلم، مجرد موظفة فى الشركة، نتابع، عبر دائرة تليفونية، مع زميلتها، مسار المغامرة.. وعلى وجهها إحساس، نكاد نعرف، ما يدور من أحداث، وهى فى هذا تمنحنا درسا ثمينا، فى كيفية الاستماع اليقظ، إلى معلومات، تستقبلها بروح شفافة، تتجلى بوضوح، فى عينيها اللتين تقدم بهما دراما كاملة، ربما أعمق تأثيرا من المشاهد الحية.. نظراتها، يمتزج فيها التوجس مع الأمل، ثم القلق مع الشفقة، ثم الألم المعنوى، ثم الحزن مع اليأس.. المشكلة أنها أقوى وأعمق حضورا من الجميع، ليس لأن أداءهم ضعيف، لكن لأن صدقها الداخلى، المنعكس على ملامح وجهها، شديد التفوق.. إنها تجعل المتابع، ينتظرها بشغف.

لا يفوت المخرج، بلتاذار كورماكور، الوافد إلى هوليوود من أيسلندا، أن يوجه تحية حارة للعم سام.. فأحد موظفى الشركة يتصل بالسفير الأمريكى فى النيبال، ليخطره أن متسلقا أمريكيا، عالقا فى الجبل.. بعد هنيهة تطالعنا طائرة هيلكوبتر صغيرة، تحاول الوصول إلى المنكوبين، وليس إلى الأمريكى فقط.

«إفرست»، الثلاثى الأبعاد، المعتمد على شىء من الجرافيك، المبهر فى تصويره، يتشتت بين شخصياته الكثيرة، التى تم تقديمها بتعجل، لا يتبقى منه فى الذاكرة، سوى بعض مشاهد العواصف الثلجية، ومغامرين أقرب للمقامرين، من أجل هدف لا يستحق أن يدفع الإنسان حياته، مقابل تحقيقه، وهو الوصول إلى القمة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات