«لف ودوران».. أحمد حلمى يستعيد لياقته الفنية - محمود عبد الشكور - بوابة الشروق
الأربعاء 17 أبريل 2024 1:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«لف ودوران».. أحمد حلمى يستعيد لياقته الفنية

نشر فى : الخميس 22 سبتمبر 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الخميس 22 سبتمبر 2016 - 9:20 م
سعدت كثيرا لأن الموهوب أحمد حلمى قد استعاد لياقته الفنية بفيلم العيد «لف ودوران» الذى كتبته منة فوزى، وأخرجه خالد مرعى. اعتبرت الفيلم هو الأفضل بين أفلام موسم عيد الأضحى، كما أن حلمى قد عاد فيه إلى كوميديا رومانسية بسيطة، كتبت بشكل جيد باستثناء بعض الملاحظات، وكان الضحك فيها من خلال المواقف، وليس عبر اللوازم التى تميز كل ممثل، بدليل أن آخرين شاركوا حلمى الإضحاك، من إنعام سالوسة إلى ميمى جمال، مرورا بدنيا سمير غانم، وبالطبع ذلك المنتشر فى معظم الأفلام:
بيومى فؤاد!

أبرز ما كان يميز حلمى هو أنه يبدو كصديقك الذى يتحدث معك على المقهى، مجرد شخص عادى تماما، يمكن أن ترى شبيها له فى أى مكان، وهو لا يتصنع «الإفيه»، ولا يفتعل الحركة، ورغم نماذجه الأكثر تعقيدا كما فى «كده رضا»، بالشخصيات الثلاث التى لعبها، أو كما فى «أسف للإزعاج»، بتركيبته النفسية خاصة، فإنه يجد نفسه أيضا بقوة فى الكوميديا الرومانسية، والتى ينتمى إليها معظم رصيدنا من أفلام الأبيض والأسود، وكان يضاف إليها الخط الغنائى، إذا كان البطل مطربا مثل محمد فوزى.

قدم حلمى من هذه النوعية أعمالا مثل «زكى شان»، و«مطب صناعى»، البناء يعتمد على خطين أحدهما كوميدى، والآخر رومانسى، والاثنان مثل ضفيرة واحدة، لم نعد قادرين على ضبط هذه النوعية، بينما ما زالت السينما الأمريكية تقدمها ثم نقتبسها منها، وكأنها اختراع جديد وابتكار لا نظير له.

فى «لف ودوران» اقتربنا كثيرا من النموذج الكوميدى الرومانسى، الفكرة عن علاقة الرجل بالمرأة التى يوجزها عنوان الفيلم فى أنها «لف ودوران»، مع أن كل طرف لا يستغنى عن الآخر، ومع أن كل طرف يعرف بالضبط ما يريده من الآخر، إنها لعبة القط والفار التى نراها طوال الفيلم من زاويتين: واحدة رومانسية، والثانية كوميدية.

الموقف الأساسى تمت صياغته بشكل جيد إلى حد كبير، ذلك أن اعتذار عريس عن استكمال زواجه، وعدم ذهابه إلى شرم الشيخ، سيؤدى إلى محاولة إنقاذ مزدوجة للموقف: صاحبة موقع الزواج ليلة (دنيا سمير غانم) ستذهب منتحلة اسم وصفة العروس، لإنقاذ موقعها، ولاستمرار الرحلات المجانية المقدمة من إحدى شركات السياحة، وموظف فى شركة السياحة التى قدمت الرحلة اسمه نور (أحمد حلمى) سينتحل صفة العريس، وذلك لاستقبال فتاة إيطالية جميلة، أرسلها والده لكى تؤسس مركزا للتأمل الروحى فى شرم.
فإذا أضفت إلى ذلك أن أم نور وجدته وخالته وأخته يصرون على مرافقته إلى شرم، خوفا من أن يتزوج أجنبية، فيرحل معها، ويتركهم مثل والده، فإن نقطة الانطلاق تبدو مناسبة تماما لخلق الصراع، ولوضع رجل واحد وسط ست نساء هن: الضيفة الإيطالية، وأم نور الشكاءة (ميمى جمال)، وخالته التى لم تتزوج (صابرين)، وأخته المشاكسة (جميلة عوض)، وجدته (إنعام سالوسة)، وليلة (دنيا سمير غانم).

يسير السيناريو فى اتجاهين: صراع كوميدى أساسه اللف والدوران حتى لا يتزوج نور من الضيفة الإيطالية، وحتى لا يكتشف مدير العلاقات العامة فى فندق شرم الشيخ (بيومى فؤاد) أنه أمام عريس وعروسة مزيفين، ولعبة رومانسية أساسها أيضا اللف والدوران لكى يقع نور فى غرام ليلة، التى تبدو فتاة قوية الشخصية، ليس من السهل ترويضها، وهى تتطور فى مشاعرها من إنقاذ موقعها الإلكترونى، الذى يوفق رأسين فى الحلال، إلى الغيرة من الضيفة الإيطالية، وصولا إلى الوقوع فى حب نور، وهو أمر متوقع وضرورى حتى تكتمل اللعبة الكوميدية الرومانسية.

ملاحظتى الأهم على البناء، رغم أن منة فوزى تعرف تماما خصائص الكوميديا الرومانسية التى تشتغل عليها، أنه لم يتم تضفير الخط الكوميدى والرومانسى بشكل كامل ومتقن، فقد احتاج الأمر إلى عزلة رومانسية فى جزيرة بعيدة، استأثرت مشاهدها بالجزء الأخير من الفيلم، وكان الأكثر براعة أن تكون هذه العزلة فى ذروة الصراع الكوميدى، وفى وجود الضيفة الإيطالية.

ولكن هذا الخلل الواضح عوضه إلى حد ما أمران: الطريقة الجيدة التى رسمت بها ملامح كل الشخصيات، خصوصا شخصية ليلة ونور، وبناء مواقف جيدة سواء كانت رومانسية أو كوميدية، أو كوميدية رومانسية. فى أجزاء كثيرة بدا كما لو أن الشخصيات تتصرف بتلقائية، كل ممثل أو ممثلة فى مكانه، كما أن فكرة اللعبة (والدراما لعبة بالأساس) حاضرة طوال الوقت، والمعنى المتكرر دائما هو أن المرأة هى التى تدير اللعبة، كل الشخصيات النسائية تقاتل فى سبيل هزيمة الوحدة، والشعور بالأمان، وبناء العائلة، المرأة أنانية تماما فى هذا المجال، هكذا أرادت نساء عائلة نور، وهكذا أرادت ليلة لكى تتجاوز وحدتها، أو كما قالت لنور إن المرأة تحتاج إلى «حضن»، وهكذا أيضا ستجد الخالة ناهد أخيرا عريسها المناسب ممثلا فى رجل العلاقات العامة بالفندق، وإن حشر الفيلم حكاية ترحيب ناهد بالبقاء فى البيت بعد الزواج، بدون لزوم أو معنى، مثلما حشر حكاية إيهام الضيفة بأن نور مثلى جنسيا حتى تنصرف عنه، وهى دعابة غليظة وفجة فى فيلم معظم مشاهده الكوميدية لطيفة وظريفة.

يلعب الفيلم إذن لعبة العواطف المتقلبة بين الرجل والمرأة، وينتهى إلى أن اللف والدوران لن ينتهيا أبدا حتى النهاية، كل طرف يعرف ما يريده بالضبط، ولكنه لا يأخذ أبدا الطريق المستقيم، ولذلك سيحكم سوء التفاهم كل شىء، مثلما حكم سوء التفاهم بين أم ليلة ووالدها، اللذين لم يصلا أبدا إلى «لغة حب» مشتركة، نور وليلة وضعهما الفيلم أيضا فى نهاية مفتوحة، وكأن الحكاية تنتهى لتعود من جديد.

استعاد حلمى بساطته فى الأداء، واستعاد حضوره فى المواقف الكوميدية، وكانت دنيا معه على نفس الموجة، وكانت بقية الممثلات فى أدوارهن، حتى ميمى جمال التى قدمت فى حياتها الفنية الكثير من الأدوار العابرة، تترك هنا شيئا مميزا فى دور الأم التى هجرها زوجها والتى لا تملك سوى ابنها الوحيد.

كانت العناصر التقنية أيضا فى مستوى جيد، خصوصا صورة أحمد يوسف التى قدمت شرم الشيخ فى شكل مختلف، على كثرة الأفلام التى صورت هناك، وموسيقى عمرو إسماعيل التى تلونت بين مرح المواقف الكوميدية، ورقة المواقف الرومانسية، ومونتاج خالد سليم الذى نجح مع خالد مرعى (وهو أصلا مونتير جيد) فى تقديم مشاهد ناجحة، وإن كنت ما زلت أرى أنه كان يجب التدخل لتكثيف مشاهد الجزيرة، أو حتى اقتراح دمجها فى البناء بشكل أفضل، حتى لا تبدو كفيلم رومانسى صغير مستقل.

«لف ودوران» جماله فى بساطته، وفى أنه يعيدنا إلى كوميديا رومانسية مفتقدة. ليتها تستمر فى تجارب أخرى قادمة.
محمود عبد الشكور كاتب وناقد سينمائي وأدبي مصري
التعليقات