قبل أن نتفق مع الأوروبيين على المهاجرين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن نتفق مع الأوروبيين على المهاجرين

نشر فى : السبت 22 سبتمبر 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : السبت 22 سبتمبر 2018 - 9:45 م

يوم الخميس الماضى، أعلنت فيديريكا موغيرنى الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى دعمها لمقترح دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى، لعقد قمة أوروبية عربية فى مصر بشأن الهجرة فى فبراير المقبل. وقالت: «أعتقد أنه من المحتمل أن نجد حلا لمشكلة الهجرة بمزيد من المسئولية والتعاون».

الذى لفت نظرى للموضوع هو مسارعة المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبوزيد، بأن القمة العربية الأوروبية لن تكون قاصرة على ملف الهجرة فقط، بل ستركز على جميع أوجه التعاون العربى الأوروبى.

أبوزيد ــ الذى يستعد خلال أيام قليلة لمغادرة منصبه الحالى، ليتولى مهام منصبه سفيرا لمصر فى كندا ــ قال إن انعقاد القمة أمر مقرر سلفا، وفقا لقرار القمة العربية فى البحر الميت فى مارس ٢٠١٧.

السؤال، وما أهمية كل ما سبق؟!.

الموضوع باختصار أن أوروبا ــ شديدة البراجماتية ــ تسعى لتوقيع اتفاق مع مصر، للحد من تدفق اللاجئين إليها انطلاقا من السواحل المصرية.

سيجيب مجيب، ويقول ولكن مصر أعلنت أكثر من مرة وعلى لسان أكثر من مسئول بأنه لم يخرج مهاجر واحد غير شرعى من سواحلها إلى أوروبا منذ نحو عامين، خصوصا بعد غرق المركب المتهالك قبالة مدينة رشيد، وغرق أكثر من ٢٠٠ شخص معظمهم من الأخوة الأفارقة.

نعم هذا صحيح، لكن ما تريده أوروبا، أكثر من ذلك وهو أن تلعب مصر دورا قياديا فى الحد من الهجرة، ليس فقط من سواحلها، ولكن فى المنطقة خصوصا ليبيا.

ولكى تكتمل الصورة، علينا أن نتذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، استقبل دونالد توسك يوم الاثنين الماضى، وكان بصحبته أيضا سيباستيان كورتز مستشار جمهورية النمسا قبل ساعات من لقاء القمة للاتحاد الاوروبى فى السالزبورج النمساوية.

البيان الذى أصدره المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضى قال إن المباحثات شملت ملفات كثيرة منها ملف الهجرة، وأن الرئيس أوضح للمسئولين الأوروبيين الأعباء التى تتحملها مصر للتصدى لانتقال اللاجئين إلى أوروبا، واستضافتها الملايين منهم وأنها تعاملهم مثل أبنائها، وأن الحل يتمثل فى ضرورة معالجة الجذور الأساسية للهجرة وهى حل أزمات المنطقة وتنميتها.

ما لا تقوله الأخبار المتواترة الأخيرة بوضوح، أن أوروبا تسعى لعقد اتفاق شامل مع مصر، يبدو أنه على غرار ما حدث مع تركيا عام ٢٠١٥، حينما قالت أوروبا إنها ستعطى لأنقرة ٣ مليارات يورو سنويا، مقابل منعها لتدفق اللاجئين إلى القارة العجوز، وحزمة من التسهيلات المختلفة تشمل إعفاء الاتراك من الحصول على تأشيرة شينجين.

ألمانيا توصلت مع مصر عام ٢٠١٦ إلى اتفاق مبدئى لوقف تدفق اللاجئين، مقابل «دعم اقتصادى وسياسى لتوفير مناخ وظروف معيشية أفضل للاجئين فى مصر، وكذلك إنشاء مركز للوظائف والهجرة وإعادة الدمج فى مصر» والكلام السابق على ذمة شتيفن زايرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل قبل عامين.

إذا كنا نتذكر فإن القاهرة عارضت فكرة هذا المركز، لأن الأمر قد ينتهى إلى فكرة إقامة معسكرات للاجئين. كلام غالبية الاوروبيين عن حقوق الإنسان يمكن أن يتبخر، فى سبيل مصالحها، ويبدو أنها تحاول إغواء القاهرة بالعديد من المزايا، مقابل استيعاب المهاجرين الذين يتم طردهم من أوروبا فى معسكرات داخل مصر.

لا أعرف هل تم طرح الأمر رسميا على مصر بهذه الصيغة أم لا. لكن تصريحات المسئولين الأوروبيين فى الأيام الماضية، تشير لوجود تقدم فى المفاوضات، ليس مع مصر فقط ولكن مع بعض دول شمال إفريقيا المطلة على البحر المتوسط.

بطبيعة الحال منع الهجرة غير الشرعية واجب أمنى وأخلاقى، ومصر نجحت فعلا فى ذلك طوال العامين الماضيين، خصوصا بعد تشديد عقوبات الهجرة غير الشرعية. ومن المهم أيضا أن نسعى للحصول على أكبر دعم اقتصادى أوروبى، لأن مصر تتحمل الكثير جراء المشكلات المتفجرة فى إفريقيا والمنطقة العربية. لكن ينبغى أن ندرس الملف بعناية، ونسأل بوضوح عن المزايا والمخاطر التى ستعود علينا من وراء هذا الاتفاق المحتمل، خصوصا إذا تضمن فكرة إقامة المعسكرات لعزل اللاجئين. والسؤال: هل أى مساعدات أوروبية، مهما بلغ حجمها، ستكون كافية أمام المخاطر من جراء استضافة اللاجئين الذين سيتم إعادتهم من عرض البحر أو من الشواطئ الأوروبية، وربما من المقيمين بالفعل هناك؟!

الموضوع شائك ويحتاج إلى نقاش واسع النطاق بين الخبراء والمختصين، حتى لا ندفع ثمنا كبيرا نظير مكاسب قليلة!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي