كيفية الاستفادة من خسارتنا فى اليونسكو - جورج إسحق - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيفية الاستفادة من خسارتنا فى اليونسكو

نشر فى : الأحد 22 أكتوبر 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 22 أكتوبر 2017 - 9:30 م
بداية هل المصريون جميعا كانوا لا يتمنون أن تنجح مرشحة مصر فى انتخابات اليونسكو؟ بالطبع لا، الكل كان يتمنى أن يكون لنا مرشح مؤهل للفوز يقود معركة حقيقية ثم ينتصر فيها ويرفع اسم مصر.

السؤال الثانى: هل مصر بالفعل بلد مؤهلة لأن يكون لها مرشح لمنصب مدير عام اليونسكو؟ التى تعتبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، وهدفها المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم فى مجالات التربية والتعليم والثقافة لإحلال الاحترام العالمى للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية. فى كل سنة تحاول المنظمة النهوض بحرية التعبير وحرية الإعلام باعتبار أنهما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية عن طريق اليوم العالمى لحرية الإعلام فى الثالث من مايو من كل سنة. يقام هذا الحدث للاحتفال والتركيز على أهمية حرية الإعلام كمبدأ أساسى لأى مجتمع سليم حر ديمقراطى. 

وماذا عن مصر؟ أن التعليم فى مصر كما نشر الموقع الرسمى للمنتدى الاقتصادى العالمى هذا العام أن مصر ترتيبها رقم 134 من حيث جودة التعليم من إجمالى 138 دولة، وترتيبها رقم 112 من حيث الأولويات الأخرى للتعليم العالى. أما عن حرية الصحافة فى مصر فتحتل رقم 159 من عدد 180 دولة، وفى 2017 مصر لديها أكثر من 430 موقعا محجوبا من الحكومة المصرية.

من هذه الأرقام والإحصائيات هل ترى مصر أنها كانت مؤهلة بالفعل للترشح لمنصب كهذا؟ 

للأسف مصر تناست أن المنظمة تهتم بمواقع التراث الثقافى العالمى والنهوض بحرية الإعلام وحقوق الإنسان وذلك الاهتمام اصطدم بواقع الحالة المصرية فكانت الخسارة من نصيبنا بكل أسف.

***

ثالثا: مع احترامنا البالغ للسفيرة مشيرة خطاب، كيف اختارتها مصر لكى تكون مرشحة لهذا المنصب؟ 

ما هى المعايير التى انطبقت على شخص مشيرة خطاب دون غيرها من المصريين المؤهلين لهذا المنصب؟

أما كان الأجدى والأنفع أن تعلن مصر بداية عن ماهية هذه المعايير؟ والمؤهلات المطلوبة لهذا المنصب، والمهارات والسير الذاتية المؤهلة لذلك. ويتم اقتراح أكثر من اسم أو مرشح ويتم انعقاد جلسات حوارية ونقاشية عن المرشحين وتصويت داخلى فى مجموعات حتى نصل إلى أقرب المرشحين تطابقا مع المعايير والمهارات والمؤهلات. 

إن شخص مشيرة خطاب ذاته مختلف عليه، فكان يوجد آخرون أكثر قبولا، فقد رشح البعض إسماعيل سراج الدين، نظرا لكونه أكثر شهرة ومكانة فى مجال العمل الدولى، ورشح آخرون مندوب مصر الدائم لدى اليونسكو الدكتور محمد سامح عمرو.

واعترض الكثيرون على شخص مشيرة خطاب، لأن شخصيتها دبلوماسية من الدرجة الأولى ومتعلقة بالأسرة والسكان وبعيدة عن المجال الثقافى والتربوى. ولا يوجد فى ملفها ما يدعم الحريات بشكل خاص أو عام. كما أن المرشحة المصرية لم تكن موفقة فى اختيارها، فدورها لم يكن محسوبًا على المستوى الدولى حاليا ولا بالتقارير الدولية التى تدين حقوق الإنسان وحرية الإعلام والتعبير بها.

ورجح آخرون أن سبب اختيار السفيرة مشيرة خطاب للدفع بها كمرشح لمصر فى انتخابات مدير عام اليونسكو، جاء نتيجة للعلاقة الوطيدة بين خطاب والخارجية المصرية نتيجة لفترة عملها الأخيرة بوزارة الخارجية. 

كما أنها لم تعبر عن إدانتها لغلق مكتبة البلد ومكتبات الكرامة التابعة للشبكة العربية لحقوق الإنسان، رغم مناشدة جمال عيد والمطالبة المباشرة منه لها بالتدخل ووقف غلق المكتبات فكيف تكون مرشحة للثقافة والعلوم عالميا ولم تستطع التدخل حتى المعنوى لوقف هذه المهزلة فى بلادها!!! 

***

رابعا: التربيطات الدبلوماسية 

مصر عولت على الأصوات الأفريقية والعربية.. ولكن تلك الأصوات لم تكن محسومة بشكل كامل.. حيث دخلت المنافسة وهى خاسرة بعض الأصوات مثل عمان المرتبطة بإيران والداعمة لقطر. وكان من الخطأ الحديث عن وجود دعم إفريقى للمرشحة المصرية، ما ثبت بالعكس بدليل حصول المرشح القطرى على أغلب أصوات القارة السمراء، وهذا ليس بجديد، فقد سبق فى انتخابات 2009 الإعلان عن وجود قرار للقمة الأفريقية بدعم فاروق حسنى، ولم يحدث ذلك على أرض الواقع، ولذلك فإن حديث البعض وتحليلهم فى وجود دعم من الأفارقة لمشيرة خطاب مجرد «شو إعلامى» خال من أى مضمون حقيقى. ومن الخطأ الشديد والعيب فى حق دور أفريقيا أن تتهم بتلقى رشاوى فهذا أثار غضب أبناء القارة الأفريقية جدا. 
ولن نستطيع أن نغفل السبب الأول والرئيسى وراء سقوط المرشحين والمرشحات العرب وهو عدم توحد الدول العربية وتضامنها، فلن يكون للمال والدهاء تأثير قوى، بل كان للانقسام ما بين الدول العربية الدور الأكبر.

خامسا: اختزال السقوط فى ما يعرف بالمؤامرة 

فاختزال عدم صعود مشيرة خطاب للمنصب فى ما يعرف بالرشوة الانتخابية ودور المال وشراء الأصوات والمؤامرة المحاكة ضد مصر كلام سطحى لن يجعلنا أبدا قادرين على الفوز فى أى انتخابات دولية قادمة. فلابد من الوقوف على الأسباب الحقيقة وأن يبحث الجميع فى القضية من كل الجوانب حول التوازن بين الإرث الحضارى لمصر والذى أسهم فى جلب الكثير من الأصوات للمرشحة المصرية وبين الموقف السياسى الراهن للبلاد مع بعض دول القارة السمراء ووضع مصر الحالى فى التقارير الدولية لحقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير. 

سادسا: الوفد المصرى المرافق 

حيث إنه خرج علينا أحد المصريين الحاضرين بأسلوب غير تحضرى بالمرة يهتف هتافا يدل على أنه غير مؤهل إطلاقا لحضور مثل هذه الأحداث الدولية، وخرج علينا المتحدث باسم وزارة الخارجية بأن هذا الشخص ليس دبلوماسيا! ولكن سيبقى السؤال: كيف انضم هذا الشخص للوفد المصرى ومن سمح له بالحضور، وإن فى كل الأحوال هذا خلل فى العمل الدبلوماسى تتحمل مسئوليته كاملة وزارة الخارجية. 

هل من عقلاء فى هذا الوطن ينقذونا من هذه العشوائية والقرارات الفردية المتسرعة!
جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات