من الظلمات إلى النور 4 ــ نور النبوة الخاتمة - جمال قطب - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الظلمات إلى النور 4 ــ نور النبوة الخاتمة

نشر فى : الخميس 22 نوفمبر 2018 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 22 نوفمبر 2018 - 10:15 م

ما زالت «بحمد الله» رحمة الله تحيط الناس ــ كل الناس ــ بهذا النور المبين نور القرآن الكريم المتاح مجانا دون مقابل لكل باحث عن الحقيقة، فها هى البشرية كلها تجد بين أيديها كتابا خالدا اقترب مرور 1500 عام على تنزله مشاعا لكل راغب، والنظرة المحايدة لهذا الكتاب المبين جديرة أن تبين لك رحمته غير المتناهية.
ــ 1 ــ
فالقرآن الكريم كتاب عام يخاطب جميع شعوب الأرض خطابا واحدا لا يرفع شعبا على آخر ولا يقهر أمة لحساب أخرى، فجميع البشر فى جميع الزمان والمكان فى نظر القرآن «أخوة».. هكذا يقول بوضوح: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ۚ واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام ۚ إن الله كان عليكم رقيبا))، هكذا نرى أول شعاع من النور: نور المساواة الكاملة، فكل البشر أخوة لأب واحد وأم واحدة، وهذا نور ساطع يلغى الكبر والقرصنة ويحطم الاستغلال والاستبداد ويقهر فكرة العدوان والاحتلال، فلا يمكن أن يكون الاستعمار نور ولا يمكن أن يكون الاستبداد تنوير، فهل يتخلى عاقل عن نور المساواة؟
ــ 2 ــ
ومع شعاع «المساواة»، يجىء شعاع «التربية والتهذيب»: تربية جميع البشر حيث يبين أصل الجميع: ((ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين))، ((الذى أحسن كل شىء خلقه ۖ وبدأ خلق الإنسان من طين))، هكذا الجميع من ماء وتراب، الجميع تراب: ((قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا))، ((يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ۚ ونقر فى الأرحام ما نشاء إلىٰ أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ۖ ومنكم من يتوفىٰ ومنكم من يرد إلىٰ أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ۚ وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج))، فهل يتكبر التراب على التراب؟! فمن التراب جاء الإنسان، ومن التراب يأكل الإنسان ومن التراب يلبس الإنسان وفوق التراب يدوس الإنسان وعلى التراب يعيش ويسكن الإنسان وإلى التراب يعود الإنسان: ((قل أمر ربى بالقسط ۖ وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين ۚ كما بدأكم تعودون)).
ــ 3 ــ
ومع أنوار المساواة والتهذيب يجىء نور قداسة الإنسان وتكريمه، نعم فقد خلق الله الكون كله مسخرا طائعا إلا الإنسان فقد ميزه بحرية الاختيار وقدرته الفاعلة على التحكم فى جميع المسخرات والانتفاع بها: ((ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علىٰ كثير ممن خلقنا تفضيل))، ((وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا)).
ــ 4 ــ
ومع أنوار المساواة والتهذيب والقداسة يجىء نور الحماية نعم نور حفظ الإنسان ورعايته، ومن ألوان الرعاية الحفاظ على النفس: ((أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ۚ ولاتقتلوا أنفسكم ۚ إن الله كان بكم رحيما))، ((وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ۚ فمن تصدق به فهو كفارة له ۚ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولٰئك هم الظالمون))، ((وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ۚ إن الله لا يحب المعتدين)).
ــ 5 ــ
وتستمع إلى كلمات النبى الخاتم صلوات الله عليه فتراه متمسكا بالقرآن ملتزما بالنور الإلهى حيث يقول:
«كلكم لآدم وآدم من تراب»، «ألا لا يبغى بعضكم على بعض»، «لا فضل لأبيض على أسود ولا لعربى على أعجمى إلا بالتقوى». فهل تمتلك الدنيا دستورا ينافس هذا الدستور العام المشاع لكل من يريد؟
إن جميع دساتير جميع الحضارات لا تبلغ هذا المستوى من الرقى والحياد، فكل دستور يدعو إلى المساواة بين مواطنيه فقط، أما القران فدعوته تعم البشرية كلها دون استثناء.
يتبع...

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات