ماذا يوجد خلف «التنمر»؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا يوجد خلف «التنمر»؟

نشر فى : الخميس 22 نوفمبر 2018 - 12:00 ص | آخر تحديث : الخميس 22 نوفمبر 2018 - 12:00 ص

نشرت جريدة الحياة اللندنية مقالا للكاتبة «هيفاء صفوق» تتناول فيه ظاهرة التنمر ماذا نقصد بهذه الظاهرة وما هى الأسباب التى تقف وراءها وكيفية علاجها؟
التنمر ظاهرة عالمية تعانى منها بعض المدارس، خاصة بين الطلاب، إذ يظهر بصورة ملفتة للانتباه، مشيرا إلى أن هناك شيئا خاطئا يحدث ضحيته الاثنان؛ المتنمر والمعتدى عليه.
التنمر سلوك عدوانى متكرر يأخذ صورا عدة وأقوالا سيئة، كالتحقير والإهانة والشتائم ومحاولة السيطرة، أو ممارسات فعلية كسلوك وفعل مؤذ كالضرب والهجوم الجسدى والركل والسرقة والتهديد للضغط على الضحية للتخويف أو تنفيذ أمر ما.
وتتساءل الكاتبة عن أسباب ظهور هذه التصرفات والسلوكيات بين الطلاب مضيفة أن هذا يجعلنا نعود للأساس وعملية التنشئة الاجتماعية لنتساءل عما حدث فيها، وكيف تمت معاملة هذا الابن، وماذا قدم له من رعاية ومحبة أو سيطرة وإهمال؟ لا بد أن ندرك أن المتنمر لم يقم بهذا التصرف العدوانى هكذا من دون سبب، بل الأكيد أن هناك شيئا حدث خلال التربية أربكه وأفقده التوازن وأظهر عنده هذا السلوك والنزعة العدوانية، كعملية تفريغ وإسقاط للآخر.
تضيف الكاتبة أن دور الوالدين فى التنشئة الاجتماعية مهم للغاية، إذ هى التى تشكل إلى حد كبير سلوك الأبناء. للأسف هناك من يمارس التربية بالإكراه والقوة والتسلط والضرب على الأبناء وتوجيههم بطريقة عدوانية وخاطئة تجعل هذا الابن يكبت الكثير من مشاعر الغضب والشعور الخفى للانتقام، هو لا يستطيع أن يتفوه على والديه، لكنه فيما بعد يستطيع أن يسقط هذا الشعور العدوانى والغضب المخفى داخله على الآخرين، خاصة ضحاياه الذين يتميزون بالضعف وعدم الثقة، فهؤلاء طُعم جيد له أن يمارس ويسقط كل القمع الذى عاشه فى أسرته، بل أحيانا يتمادى على معلميه وليس فقط الطلاب، إذ إن بعض المتنمرين يشاهد المعلم صورة رمزية لوالده؛ فيبدأ بإسقاط كل المشاعر الغاضبة عليه.
كما أن هناك بيئة أسرية تمارس الحماية المفرطة على الأبناء، ولا تجعلهم يعتمدون على أنفسهم وهذا يشكل فى داخلهم عدم الثقة فى النفس والاعتماد الدائم على الوالدين؛ فعندما يذهبون إلى المدرسة لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم، لأنهم اعتادوا على من يدافع عنهم، وهذه مشكلة فى حد ذاتها، من الخطأ أيضا عندما يمارس الوالدان المثالية المبالغ فيها، كل شىء نظام وديكتاتورية لا تقبل خطأ الابن، بل على الجميع أن يكونوا متفوقين منظمين كالمسطرة والقلم، وهؤلاء أيضا يخضعون للسيطرة والسلطة من قبل الأهل، لذا عندما يذهبون إلى المدرسة والاحتكاك بالطلاب، سهل أن يسيطر عليهم الآخرون، لأنهم تعودوا على سيطرة الأهل وقمعهم، فهم لا يستطيعون أن يقولوا «لا» أو أن يعبروا عن مشاعرهم بالرفض أو الإيجاب.
وتتحدث الكاتبة عن ثلاث صور لواقع التربية الاجتماعية، وما يحتاجه الأبناء هو «التوازن فى التربية»، والتى لا بد أن تحوى:
أولا: احترام الطفولة من الأساس، الاحترام يربى الابن على احترام ذاته ويزيد التقدير لذاته، لذا يظهر شخصية متوازنة لا تضر نفسها ولا تضر الآخرين.
ثانيا: لا بد أن يتوافر فى التنشئة الاجتماعية الأمان والطمأنينة والاحتواء للأبناء، هذا الشعور يجعلهم مستقرين نفسيا ومعنويا، هذه البيئة مساعدة تصنع شخصا قويا داخليا ومسالما.
ثالثا: التعامل مع الأبناء بالحوار واحترام وجهات النظر منذ طفولتهم يشكلان شخصية الطفل القوية والمتوازنة، خاصة فى السنوات الخمس الأولى، هنا تعود أن يعبر عن نفسه ويشعر بالثقة ولن يستطيع أحد فيما بعد الاستهزاء به أو السيطرة عليه.
رابعا: عندما يخطئ الأبناء لا بد أن نتعامل مع السلوك ونوضح لهم أن هذا السلوك خاطئ من دون تجريح أو التلفظ بسوء على شخصية الابن، ونحن نعلم أن هناك من تلفظ على ابنه بكلمات مثل: يا غبى، أنت ما تفهم، عمرك ما راح تنجح، فماذا نتوقع رد الفعل لهذا الابن؟ هناك شيئان سيحدثان، إما أن يخضع ويستسلم أو أن يتحول إلى عدوانى متمرد.
خامسا: مراقبة وملاحظة الألعاب الإلكترونية وإبعادها، خاصة المنتشرة حاليا كألعاب الحروب والقتل والدماء، وتزويدهم بالبديل أو أى شىء مختلف عن ذلك، فهى تصنع لديهم «العنف المبطن».
سادسا: ملاحظة الوالدين لشخصيتهما؛ هل هى عصبية شديدة متسلطة؟ لأن الأبناء سيأخذون ذلك كأنموذج يمارسونه مع الآخرين. بعض الآباء يشتكى من أن ابنه يتحدث بعصبية ولا يحترمه وسليط اللسان على معلميه! وعندما تلاحظ سلوك الأب تجد كل ما ذكر موجود فيه؛ فهو سليط وعصبى، إذن ماذا نتوقع من الابن؟
سابعا: التنمر لم يظهر هكذا فجأة. نعم، الوسائل الحديثة كالألعاب والأفلام لها دور كبير، لكن أيضا تربية الآباء لها دور أكبر، الابن الذى يتربى فى بيئة آمنة مطمئنة لن يتنمر على أحد، وأيضا يستطيع أن يدافع عن نفسه. لذا، على أن أسأل نفسى كأب كيف هى شخصيتى ومدى قربى من أبنائى؟ إذا تعرفنا على هذا استطعنا أن نتخلص من قضية التنمر. ثامنا: دور المدرسة مهم جدا فهو مكمل، وعلى المعلمين أن يدركوا أن رد فعلهم الأولى لا بد أن يكون هادئا وعليهم التريث وعدم الاستعجال وأن يتعرفوا على أسباب التنمر، لبناء سلوك جديد مع الطلاب، على أن تكمل الخطة العلاجية مع الأسرة.

الحياة ــ لندن

التعليقات