كيف يتجاوز الليبراليون بمجلس الشعب مأزق المقاعد القليلة؟ - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف يتجاوز الليبراليون بمجلس الشعب مأزق المقاعد القليلة؟

نشر فى : الإثنين 23 يناير 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 يناير 2012 - 9:15 ص

الإجابة باستراتيجيتين. الأولى هى التوافق بسرعة على أولويات أجندتهم التشريعية والدفع بمسودات قوانين جديدة وتعديلات مقترحة على القوانين المعمول بها للجان مجلس الشعب المختصة لمناقشتها. لا يملك الليبراليون داخل المجلس رفاهية أن يؤجلوا أجندتهم التشريعية إلى ما بعد الانتهاء من عمل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. ولا يملكون أيضا ترف انتظار مشروعات القوانين والتعديلات القانونية التى ستتبناها أحزاب الإسلام السياسى للرد عليها والتعامل معها. فمثل هذا الركون لمواقع رد الفعل سيعنى تجريدنا الكامل من قدرات وإمكانيات التأثير على الأجندة التشريعية.

 

والحقيقة أن هناك مسودات معدة بالفعل لقوانين ولتعديلات ينبغى أن تكون فى صدارة أولويات الليبراليين. فمصر، على سبيل المثال، فى أمس احتياج لقانون جديد للجمعيات الأهلية يحميها من تعسف وقمع السلطة التنفيذية وكلاهما لم يتوقف بعد الثورة. نحتاج لقانون ينص على المنع الكامل لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، فالمواطن له حق فى أن يساءل أمام قاضيه الطبيعى. ينبغى أيضا العمل بسرعة على إصدار قانون لمناهضة العنف الجنسى (ضد النساء والأطفال) وقانون آخر لحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى، فبطاقات الهوية لمواطنين بصفته هذه ولا دخل للانتماء الدينى فى رابطة المواطنة. نستطيع أن ندفع بمشروع قانون معد بالفعل من قبل المجلس القومى لحقوق الإنسان لتنظيم بناء دور العبادة (أو تفضيل إدخال إضافات على قانون البناء تضمن حقوق جميع المصريين فى ممارسة شعائرهم الدينية دون تمييز، وهى تلك الإضافات يراها الكثير من الحقوقيين والخبراء أفضل من قانون موحد لدور العبادة) ومشروع قانون لتجريم التمييز والممارسات التمييزية. بشأن كل هذه القضايا نحتاج كليبراليين للعمل بسرعة وبكفاءة داخل المجلس. يمكن أن نتبنى مشروع قانون الحريات النقابية الذى أعدته تجمعات مختلفة للنقابات المستقلة والحركات النقابية فى مصر وآن آوانه سياسيا ومجتمعيا.

 

أما الاستراتيجية الثانية فهى التواصل والتعاون المنظم مع المجتمع المدنى وجماعات الضغط والائتلافات المتعددة المدافعة عن الحقوق والحريات لحشد الطاقات المتخصصة ولتهيئ الرأى العام لأجندتنا التشريعية. نعم نحن لم نفز إلا بعدد محدود من المقاعد ولا نملك قدرات تنظيمية كبيرة، إلا أن المجتمع المدنى بخبرات منظمات حقوق الإنسان والجمعيات النسوية والحركات النقابية يمكن أن يكون عونا حقيقيا لنا إن نحن نجحنا فى التواصل المنظم معه. واقتراحى هنا هو أن نبدأ فورا فى التأسيس لمنتديات للبرلمانيين والمجتمع المدنى تضطلع بوظيفة مناقشة وإعداد القوانين وتعديلات القوانين التى ينبغى السعى لإقرارها والتنسيق حول الأجندة التشريعية للفترة المقبلة. وليقتصر الأمر فى البداية على فترة الأشهر الستة القادمة لتركيز وتكثيف العمل التشريعى.

 

للتعاون مع المجتمع المدنى أيضا أن يمكننا من تهيئة الرأى العام لتبنى ودعم مشروعاتها التشريعية. والحشد الإيجابى أكثر من محتمل فى هذا السياق. عملت منظمات حقوق الإنسان والجمعيات النسوية ومجموعات أخرى طويلا للتأسيس لثقافة حقوق وحريات فى مصر ونجحت فى إحداث تغيرات فعلية فى وعى قطاعات مؤثرة من المصريات والمصريين بشأن رفض انتهاكات حقوق الإنسان وضرورة وقف التعذيب والانتصار لحقوق المرأة وغيرها من القضايا. البناء على هذا الإنجاز ضرورى لتعظيم قدرتنا كنواب ليبراليين ومن موقع الأقلية العددية للتأثير على أجندة مجلس الشعب التشريعية.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات