الرؤية القرآنية للكون وسكانه
 5ــ القرآن ورؤية الكون «أ» - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرؤية القرآنية للكون وسكانه
 5ــ القرآن ورؤية الكون «أ»

نشر فى : الخميس 23 مارس 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الخميس 23 مارس 2017 - 9:47 م
ــ1ــ

التفات المسلمين للكون وسكانه أثر مباشر من آثار القرآن الكريم فى نفوسهم، فالمسلم حين يمسك القرآن ليقرأه ذكرا وعبادة لله أو اطلاعا وتعرفا على ما أنزل الله يجد فى القرآن ما لا يجده فى غيره من الكتب. فاللمحة الأولى للقرآن تضع قارئه أمام رؤية شاملة للكون ظاهرة واضحة فى أسماء السور.. نعم فعدد سور القرآن 114 سورة تراها موزعة على مجموعات من الكائنات. فهذه مجموعة من السور تحمل أسماء عالم الحيوان: البقرة/ الأنعام/ النحل/ النمل/ العنكبويت/ الفيل.. هكذا يرى المسلم اعتراف القرآن واهتمامه بالحيوان وتنوعه عن مجرد أسماء السور، فإذا قرأ الآيات تكاملت أمامه صورة حية لعالم الحيوان. فالقرآن يتحدث عن الأنعام التى يعيش الإنسان على لحومها (الأنعام/ الإبل/ البقرة/ المعز/ الضأن)، بل يتحدث عن تلك الدواب المسخرة لخدمة الإنسان وحمله وحمل متاعه: ((وَالخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا..))، ثم عن عالم الحشرات، والنحل بمنافعه ((..يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ..))، ثم النمل والعنكبوت، ثم تلك الإشارات إلى عالم الحيوانات والوحوش المفترسة (السبع/ الذئب)، والحيوانات الخادمة (الكلب/ القرد/ الفيل). فنحن أمام لوحة رائعة لعالم الحيوان وما يؤديه من وظائف حيوية للإنسان فضلا عما يجب الالتفات إليه والحذر منه مثل السبع والذئب.

ــ2ــ

ومن أسماء السور ما يضعك أمام لوحة كبرى للكون تضم عوالم كبرى مثل (النجم/ القمر/ البروج/ الفجر/ الشمس/ الليل/ الضحى/ العصر). فها هو الفلك بين السماوات والأرض وظواهره الصانعة للزمان والمنتجة للمناخ من حرارة وبرودة ورياح وأمطار وضغط إلخ.. نعم القرآن يلقن قارئه ويذكره أن لا تنس ما حولك فأنت تسكن كونا كبيرا متعددا مترامى الأطراف، فتعلم كيف تستثمره وكيف تسكنه وتحافظ عليه. وفى آيات القرآن ما يطلعك على دقائق ووظائف وفوائد هذه الأفلاك، فنحن نعيش الليل بسكونه والنهار بحركته ونحس الغيث والمطر والدفء والبرد والريح فضلا عما يرد عليها أحيانا قليلة من الزلازل والأعاصير والحسوم ((..أَيَّامٍ حُسُوما..)).

ــ3ــ

والقرآن يلفت نظر قارئه إلى تنوع جغرافيا العالم بين: الكهف/ الطور/ سبأ/ الأحقاف/ البلد، ثم تتحدث الآيات عن الأرض وما تحويه من تربة نباتية وغير نباتية ((..وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِى الأُكُلِ..)). كما يتحدث عن البحار والأنهار والآبار والعيون كمصادر للحياة تتكامل مع الغيث والمطر والصيب والوابل فى منظومة لسقيا الإنسان والحيوان والنبات.

ــ4ــ

وفى عالم النباتات نجد فى أسماء السور التين، لكن الآيات تتسع لذكر التنوع النباتى بين الخضر والفاكهة والنخل والحب والنوى والعدس والبصل والزيتون والرمان والحدائق والجنان والتمر والسكر والأغصان ((.. ذَوَاتَا أَفْنَانٍ)) واليقطين إلخ حتى يلفت النظر إلى الكثير من فصائل عالم النبات. ويمتلىء القرآن بذكر العديد معادن الكون، فها هو الحديد اسم سورة من سور القرآن، وفى الآيات حديث عن النحاس والقطران وموارد كثيرة أخرى يراها قارىء القرآن أمام عينه.

ــ5ــ

لكن القرآن لا يغفل ــ وحاشاه أن يغفل ــ الشق الآخر من الكون وهو عالم الغيب الغير مرئى، فقد حشد القرآن عناوين من عالم مثل الملائكة/ الشياطين/ الجن/ الآجال/ الأرزاق/ الأحوال إلخ. وكل ما ذكرناه هو أهم عناصر الكون غير البشرية، أما البشر وتنوعهم فله حديث آخر..
يتبع

 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات