البحث عن منفذ سياسى - عبد الله السناوي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البحث عن منفذ سياسى

نشر فى : الأربعاء 23 أبريل 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 23 أبريل 2014 - 8:00 ص

فى السباق إلى قصر الاتحادية تساؤلات ملغمة عن التيار الإسلامى ومستقبله والحرب على الإرهاب ومداها.

هناك إشارات فى الحملات الانتخابية تومئ لبحث عن منفذ سياسى لكنها لا تفصح عن طبيعة خطتها أو تبين مدى واقعيتها.

المصالحة السياسية مستبعدة من على خرائط المستقبل، فجماعة الإخوان المسلمين أوغلت فى العنف وتحالفت مع تنظيمات تكفيرية تنتسب إلى «القاعدة» ودخلت فى حرب مفتوحة مع الدولة لتقويض مؤسساتها واقتصادها.

ما كان ممكنا فى الأسابيع الأولى لإطاحة الجماعة من السلطة تقوض بالكامل وفات وقته، فلا الشارع الغاضب من محاولات تعطيل حركة حياته يقبل ولا مؤسسات القوة التى يسقط فى صفوفها من يوم لآخر ضباط وجنود تتقبل.

ليس فى طاقة أى رئيس قادم أن يتجاهل الحقائق على ما هى عليه وأولها شطب فكرة المصالحة من القاموس السياسى لكنه ليس فى وسعه أن يتجاهل ضرورات البحث عن منفذ سياسى يساعد على محاصرة الإرهاب وتنظيماته وافقاده أى ظهير شعبى يقدم له خدمات لوجسيتية وتخفيض مستويات الاحتقان العام دون مساومة على الأسباب التى دعت لإطاحة الجماعة من السلطة.

من حيث المبدأ العام فإن الرئيس القادم سوف يجد نفسه أمام حقائق لا مفر من مواجهتها. فلا أمن بلا غطاء سياسى ولا حسم أخير فى حرب الإرهاب بلا مشروع وطنى يوفر أملا فى رفع المظالم الاجتماعية المتفاقمة ويضمن لجميع مواطنيه الحق الدستورى والإنسانى فى الحياة وفرص العمل العام بلا تمييز أو إقصاء.

ما يتوافر حتى الآن من معلومات تتوقف عند نوايا شبه معلنة فى دمج من لم يتورط فى عنف أو يحرض على إرهاب فى الحياة العامة.

وهذا مدخل أولى للبحث فى منفذ سياسى لكنه يفتقد إلى أى أفق واضح لإغلاق صفحة وبدء صفحة جديدة.

أى منفذ محتمل تتبناه الدولة هو تصرف من طرف واحد لا مقايضة بين طرفين. من الطبيعى أن تستند التصرفات على المنظومة الدستورية والقانونية وإلا تقوضت فكرة الدولة نفسها.

فى الملف كله فإن الحقائق وحدها صاحبة الاختصاص الأول والكلمة الأخيرة. لا دولة فى العالم تتعرض لاستهداف إرهابى تمركزت تنظيماته فى بنيتها بوسعها أن تتساهل معه وإلا فقدت مبرر وجودها غير أن تغييب السياسة يفضى إلى خلط ما لا يختلط وارتباك فى الخطى مريع.

بتلخيص ما فإن الاتجاه العام يشير إلى تراجع فادح فى قدرة الجماعة على الحشد والتعبئة وفى عنف تظاهراتها الطلابية شبه يأس وفى رفع أعلام القاعدة حالة انتحار.

ومع التغيرات المتلاحقة فى التفاعلات الإقليمية والدولية نزوع إلى رفع تدريجى للغطاء السياسى والمالى بما يضعها فى زاوية ضيقة للغاية.

لكن لا يعنى أن الجماعة تترنح إغلاق النوافذ السياسية.

السؤال هنا: ماذا بعد الترنح والسقوط؟

إن لم يكن هناك منفذ سياسى فإن العنف سوف ترتفع معدلاته والإرهاب يجد أنصارا جددا.

فى الحقائق فإن التيار الإسلامى لا تلخصه جماعته الأقدم لكنها مركز الثقل الرئيسى فيه وتصدع بنيتها أدى إلى تصدعات مماثلة فى الجماعات الأخرى حتى تلك التى دعمت (٣٠) يونيو وخريطة طريقها.

التيار كله يفتقد الثقة فى مستقبله بدرجات مختلفة، فالجماعة تطرق التساؤلات أبوابها المغلقة عن حجم التورط فى الإرهاب ومدى التحالف مع التنظيمات التكفيرية ودور المجموعة القيادية القطبية وعلى رأسها المرشد العام نفسه فى جر الجماعة إلى أخطر أزمة فى تاريخها توشك أن تقضى عليها.

عندما تتجلى الحقائق الأخيرة فإن الحساب يبدأ والانشقاق يأخذ مداه.

لم يعد ممكنا على أى نحو أو فى أى سيناريو عودة الجماعة إلى سابق عهدها ورجوع مكتب الإرشاد إلى أدواره.

بحسب معلومات أولية فإن هناك نزوعا لتحميل رجلها القوى «خيرت الشاطر» مسئولية الهزيمة الساحقة وهز صورة «محمد مرسى» وإفقاده القدرة على التصرف كرئيس.

فى لحظة المراجعة والحساب.. أين المنفذ السياسى؟

ما هو منسوب لحملات انتخابية رئاسية دعائى أكثر منه سياسيا، فالكلام عن التوبة يغلق المنفذ قبل أن يفتح. لا أحد يحترم نفسه يتنكر لمعتقداته وتاريخه لكنه يأخذ الحد الأقصى من المواقف لأنه قد خدع، قيل له إن الجماعة قد طلقت العنف والسلاح وتناهض الإرهاب وتنظيماته فرأى أمامه ما ينسف المزاعم والادعاءات.

لغة الكلام تحتاج إلى ضبط سياسى وفق الدستور والقانون لا رهان أخلاقيا يبحث فى النوايا ويشكك فيها.

هناك فارق جوهرى بين التوبة والتبرؤ من الجماعة وأفكارها وتاريخها وبين إدانة العنف والإرهاب والتورط فى مستنقعات الدم. فالتوبة تفترض أن عضوية الجماعة كلها تورطت فى العنف والإرهاب وتبحث فى مكنونات الصدور والإدانة كلام فى السياسية يبحث فيما بعد الخروج عن المعطف الدموى.

فى لحظة الخروج والقطيعة.. أين المنفذ السياسى؟

والذين خرجوا فى فترات سابقة عن الجماعة وجدوا أنفسهم فى خنادق مختلفة، فهناك من أعلن قطيعته بالكامل مع ماضيه التنظيمى قبل الفكرى دون أن يجد أمامه منفذا سياسيا لدور جديد يتسق مع أفكاره واعتقاداته.. وهناك من بقى حائرا بين أدواره القديمة فى قيادة الجماعة وأفكاره المستحدثة التى دعت إلى مغادرتها.. وفى حيرته فقد مصداقيته وأضمحل دوره العام.

لكل الحائرين فإن السؤال يطرح نفسه: أين المنفذ السياسى؟

والذين انضموا إلى (٣٠) يونيو كـ«حزب النور» يضغط السؤال على الأعصاب المشدودة، فقواعده انضمت قطاعات كبيرة منها إلى اعتصامى «رابعة العدوية» و«النهضة» ولم تذهب إلى صناديق الاستفتاء للتصويت بنعم حسب قرار قياداتها.

فى الأزمة المكتومة بين القيادة وقواعدها أزمة أخرى لغياب المنفذ السياسى.

عندما تتحرك مياه السياسة تحت الجسور فسوف تجرف بعيدا أية أعشاب تعوقها.

فى كل درجات التباين داخل التيار الإسلامى، وهو من حقائق الحياة المصرية لا طارئ ولا مصطنع، فإن هناك قضية جوهرية أثبت التاريخ صحتها هى أن إغلاق النوافذ السياسية يوفر مددا إضافيا لعمليات العنف والإرهاب ويمنع تجديد الخطاب الدينى والاتساق مع عصره بقيمه وتحدياته.

الفكر هو الأساس، والتأثر بكتابات «سيد قطب» التى تتبناها المجموعة القيادية فى مكتب الإرشاد وراء زخات الرصاص وتفجيرات القنابل.

فى نهاية المطاف فإن منفذا سياسيا سوف يتبدى فى المشهد المصرى إن لم يكن الآن فبعد سنة أو سنتين أو عشر سنوات.

هذه حقيقة نهائية وأى كلام آخر محض توهمات. وأى منفذ محتمل يستند بالضرورة على المنظومة الدستورية والقانونية وقواعد العدالة الانتقالية.

معضلة القادم الجديد إلى قصر الاتحادية أن كل كلمة تصدر عنه بحساب وأسوأ ما قد يحدث أن يملأ الصراخ المكان قبل استبيان الحقائق.