قتل المرضى وقتل الأطباء - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 6:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قتل المرضى وقتل الأطباء

نشر فى : الأربعاء 23 أبريل 2014 - 12:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 23 أبريل 2014 - 12:15 م

من أسوأ أمراض الإعلام والكتابة تعميم الحوادث الفردية واعتبارها الحال لأى ظاهرة أو مشكلة، وهو ما ينعكس ببساطة شديدة على الرأى العام الذى يستقر فى وجدانه الصور السلبية أكثر بكثير من إستقرار الصور الإيجابية، والمذهل حقا، أن الرأى العام يتعامل مع الشائعات والزيف على أنها حقائق راسخة بالرغم من عدم تعرضه لها أو احتكاكه بها سواء بشكل مباشر شخصى، أو بشكل غير مباشر عبر المحيطين به، وهذا المرض الكريه أصاب مؤخرا احتجاجات الأطباء، ففى اللحظة التى يطالبون فيها بإصلاح المنظومة الصحية بشكل عام (من بينها طبعا حال الأطباء أنفسهم) طالتهم يد الاحتجاج الإعلامى بڤيروسات التعميم، وبدا للرأى العام أن أخطاء الأطباء وإهمالهم وراء قتل المرضى، وكأننا مع كل صباح يذهب فيه المواطن للمستشفى للعلاج فهو فى انتظار خطأ الطبيب القاتل، فكيف لهؤلاء (القتلة) المطالبة بزيادة أجورهم وتحسين أحوالهم المادية وهم أصلا غير أكفاء ولا شرفاء، بل مجموعة من المهملين غير المبالين، وربما، وللأسف الشديد تساعد وزارة الصحة على ترسيخ هذه المفاهيم بتصريحات تليفزيونية وبزيارات مفاجئة وبعقوبات علنية للأطباء بسبب امتثالهم لقوانين ولوائح وضعتها الوزارة التى قررت عقابهم لامتثالهم لها.

لا خلاف على وجود حالات يخطئ فيها الأطباء، والنقابة تعترف بذلك ولا تنكره، لكننا جميعا لا نعرف نسب هذه الأخطاء ولا حجمها، وماذا تم بشأنها، لكن ذلك فى نفس الوقت يعنى أن هناك تعمد لتهويل ذلك لإفساد مطالب الأطباء بتصحيح المنظومة الصحية بكاملها، والتى تستهدف أولا وأخيرا علاج أفضل للمرضى عن طريق زيادة الإنفاق على الصحة وضبط العمل فى المستشفيات وتطوير نظم العلاج وتعميمها، فالمستشفيات، لمن لا يعلم بلا أدوية ولا أدوات وأحيانا بلا أسرة وغالبا خالية من الاستعدادات الجدية لعلاج الحالات الصعبة، ناهيك عن غرف العمليات وأقسام الرعاية الفائقة التى يندر وجودها فى بعض المستشفيات، أو عدم مطابقتها للمواصفات إن وجدت، ثم أضف إلى كل ذلك جهل المرضى وأسرهم، الأكيد أن الأطباء وأعضاء الفرق الصحية هم ضحايا لذلك أيضا، وقد استشهد مؤخرا أربعة من شباب الأطباء نتيجة لغياب الكثير من المعايير التى يطالبون بتطبيقها، والحكومة، حتى هذه اللحظة، تصم أذنيها ولا تريد أن تسمع لصوت الأطباء.

أعتقد أن البشرية اتفقت منذ زمن طويل على أنه لا يوجد شىء أغلى من الصحة بالنسبة للإنسان، وما يطالب به الأطباء هو صميم ذلك، فغضبهم واحتجاجهم من أجل العمل على جعل الصحة هى الأغلى، لذا أشعر بالدهشة فعلا من الأصوات التى تهاجم الأطباء وتحاول إدانتهم وتصوير تدهور حال الصحة بسبب إضراباتهم أو احتجاجاتهم، فهذا قتل للأطباء أيضا، الذين يحاولون إعادة الأمور إلى نصابها، فإذا لم نعهد بتطوير منظومتنا الصحية للأطباء فلمن نعهد بها، ثم لماذا كل هذه القسوة على الذين يداوننا فى ظروف عمل بالغة القسوة لا يريد أحد تحسينها، أعتقد أن الحكومة التى إنشغلت بفيلم «حلاوة روح» ورئيسها الذى خصص الكثير من وقته لمناقشة الأمر، عليه أيضا هو وحكومته الانشغال بحال الصحة وبحال الأطباء، بدلا من تصدير إدانات لمهنة ومحاولة تجريم ما تفعل وكأننا بصدد خلاف سياسى.. يا باشمهندس محلب والله العظيم لا يوجد لدى الإنسان أغلى من الصحة، فأرجوك تحرك.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات