لماذا الشباب الآن؟! - جورج إسحق - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا الشباب الآن؟!

نشر فى : الثلاثاء 23 مايو 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 مايو 2017 - 9:10 م

وفق تقارير التعداد العام للسكان وتقرير التنمية البشرية لعام 2015 ــ حيث إنه آخر تقرير متاح على شبكة الإنترنت ــ بلغ تعداد سكان مصر بالداخل والخارج 93 مليون نسمة، والتوزيع العمرى لهم كالتالى: من هم أقل من سنة حتى 12 عاما يمثلون 13 مليون نسمة بينما من هم أكثر من 12 عاما وأقل من 18 عاما يمثلون 7 ملايين نسمة وهى الفئة العمرية التى يطلق عليها مرحلة الصبا، فى حين من هم أكثر من 18 عاما وأقل من 35 عاما يمثلون 28 مليونا بينما من هم أكثر من 35 عاما وأقل 50 عاما يمثلون 25 مليونا فى حين من هم أكثر من 50 عاما يمثلون 20 مليونا، وبالتالى يحتل الشباب فى مرحلتى الصبا والنضج الشبابى (7 +28) مليونا وبنسبة 37.6 % من تعداد السكان وهى من أعلى النسب فى العالم لهذه الفئة العمرية، ومع ملاحظة أن لفظة شباب التى يرد ذكرها مرارا فى هذه الدراسة يقصد بها الشباب من النوعين ذكورا وإناثا. ونريد ان ننبه للمرة الثانية أن هذا التقرير يخص عام 2015 فيجب أن نضع فى الاعتبار ما حدث من تغيير خلال العامين السابقين.
ذكر التقرير أن مصر بها نحو 104 أحزاب سياسية مسجلة بإجمالى عضوية بلغت 1880000 أى مليون وثمانى مائة وثمانين ألف عضو، نسبة الشباب من إجمالى العضوية وهم ممن لهم الحق فى ممارسة العمل السياسى أى من بعد عمر 18 عاما وحتى 35 عاما فى حدود 470 ألفا وبنسبة 25% من إجمالى عضوية هذه الأحزاب وبنسبة 1.7% من إجمالى تعداد الشباب الذين يحق لهم ممارسة العمل السياسى وهى نسبة متدنية جدا. ومتدنية أكثر لو صدر تقرير 2016 و 2017 فكم من الشباب هاجر أرض الوطن، وكم من الشباب يسكنون سجون مصر، وكم من الشباب مختفى قسريا، وكم من الشباب يقضى وقته فى المراقبة بعد سنوات من الحبس ظلما وكم من الشباب فى الحبس الاحتياطى الذى لا يقره قانون ولا شرع وكم من الشباب وكم وكم!!
طبعا هذه النسب صادمة لما يحدث للشباب الآن!! فبعد أن كان الشباب فى طليعة ثورتى 25 يناير و30 يونيو وكان لهم الدور القيادى والتنظيمى والروحى للثورات وكانوا الوقود والرمز وقادوا الثورة ــ بكفاءة وعلو همة ومواصلة ومثابرة وتحمل وتضحية بسقوط عدد كبير منهم شهداء فى سبيل الحرية ــ جذبت باقى فئات المجتمع خلفه ليخرج مشهد الثورات المصرية الشعبية عظيما جليا ويصبح محور حديث العالم، لكن بكل أسف جاءت أنظمة سياسية بعد الثورتين انقلبت على الشباب الذى لولاهم ما كان الشعب يعرف أسماء معظم الذين يجلسون على مقاعد السلطة!!! انقلبت الانظمة «التى جاءت بثورة الشباب» على الشباب أنفسهم وحاصرتهم وشوهتهم واتهمتهم ظلما وافتراء بتهم لا تمت لهم بصلة وسلطوا أفواههم وأبواقهم الإعلامية فقط للانتقام وتشويه هؤلاء الشباب فقط لأنهم حلموا بالحياة فى وطن عادل حر. ولعب الإعلام الممنهج الموجه دورا خطيرا من خلال مذيعين لا يمتوا للإعلام بصلة ولا للمهنية بصلة فى تشويه متعمد ومعلومات مغلوطة عن كل شباب الثورة.
***
استمرت الهجمة الشرسة على هؤلاء الشباب حتى وصلت ذروتها فى الآونة الأخيرة من خلال حملات اعتقال لشباب الأحزاب فى محافظات مصر المختلفة. القبض على شباب الأحزاب الذى طالما طالبتم ــ أنتم بأنفسكم ــ انضمامهم للعمل السياسى من خلال الأحزاب والقنوات المشروعة وفى نفس الوقت تقبضون عليهم!!! فماذا تريدون من هؤلاء الشباب بالضبط يعملون من خلال حركات سياسية وجماعات ضغط فيتم القبض عليهم بحجة أنها قنوات غير شرعية، ثم يتجوهون للعمل السياسى من خلال أحزاب وحملات انتخابية رئاسية فيقبضون عليهم مما يؤكد أن هذه الهجمة الأمنية متناقضة تماما مع كل ما يصرح به الرئيس عن احترامه للأحزاب السياسية ودعمه لها واستعداده للاستماع للآراء المختلفة والمعارضة، فأى منافسة تتحدثون عنها وأى قبول للآخر تسعون إليه وكيف ستسمحون للشعب أن يختار وأنتم تغتالون كل الآخر والمختلف عنكم ؟!!!
هؤلاء الشباب يواجهون تهم مثيرة للضحك والشفقة على هذا النظام منها إحياء الروح الثورية ومنها كتابات لهؤلاء الشباب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى تنتقد أو تهاجم هذا النظام، كل هذا بالتزامن مع مقترحات مشروعات فى مجلس النواب لتغليظ عقوبات ما يسمى بإهانة رئيس الجمهورية ومؤسسات ورموز الدولة، وفرض الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى، وبما يكشف بوضوح كذب ما يتردد عن كون التشريعات التى تصدر والإجراءات التى تتخذ هى فى إطار مواجهة الإرهاب، بل هى فى إطار مزيد من القمع وإسكات أى أصوات مختلفة ومعارضة، وإجهاض أى فرص للحراك السياسى والمجتمعى، بالأخص مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2018. ولم يقف الأمر عند ذلك فهل تعلم سيدى القارئ أن هناك شبابا من المقبوض عليهم كانوا أعضاء فى حملة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى المحافظات!!! فالانتقام من الشباب أصبح أعمى. ولا يميز بين من مع ومن ضد والقبض يتم بطريقة عشوائية غير مسبوقة.
***
هذه ليست المرة الأولى أن نكتب أن كل هذه السياسات والممارسات ومحاولات التخويف والترهيب لن تجدى أثرا ولن تؤدى سوى لزيادة الاحتقان المتزايد بين الشباب وبين الأحزاب وأن هذا سينعكس على المجتمع كله. ونريد أن نؤكد أن الشعب المصرى قبل 25 يناير غير الشعب المصرى بعد 25 يناير ومهما حاولوا إنكار دور هؤلاء الشباب فى صناعة الحاضر وبناء المستقبل لن يستطيعوا. هؤلاء الشباب لديهم إرادة وعزيمة وايمان بمبادئ الحريات والديمقراطية تجعلهم أقوى وأصلب مما تظنون. دون الإفراج عن هؤلاء الشباب وجميع سجناء ومعتقلى الرأى المحبوسين على خلفية قضايا سياسية سواء كانت متعلقة بالتظاهر أو الدفاع عن الأرض أو التعبير السلمى عن آرائهم لن يجدى أى حوار عن الديمقراطية ولن يصلح المناخ الحالى لأى انتخابات رئاسية ولن تبنى أوطان بقمع شبابها بل بدعمهم وتطوير خبراتهم وتشجيع ممارساتهم فى العمل العام. لأن الشباب لديه قناعة مطلقة أنه سوف يحقق دولة ديمقراطية مدنية حديثة عادلة مهما مرت به من تحديات ومحن وتضحيات. ونطالب بالإفراج الفورى عن كل المحبوسين السياسيين وأصحاب الرأى.
تحية لكل شاب وشابة يدفع ثمن مقابل إيمانه بقضية حرية الوطن وتحريره من اساليب القمع وتكميم الأفواه.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات