من أوراق الغنوشى - أيمن الصياد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أوراق الغنوشى

نشر فى : الأحد 23 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 23 يونيو 2013 - 2:42 م

في الطائرة المتأخرة لساعتين في مطار قرطاج بدأت كتابة هذا المقال، بعد أن راجعت أوراقا حرص صديق تونسي على أن يعطيها لي كرأي رآه كافيا في «موضوع» كان محور نقاش على عشاء ضم عددا من المثقفين من مشارب فكرية مختلفة. والموضوع كان حول المقارنة بين ادارة المرحلة الانتقالية في كلا البلدين؛ مصر وتونس. والأوراق كانت تضم «نصا» لمحاضرة ألقاها مؤسّس و رئيس حركة النهضة في تونس «الشيخ راشد الغنوشي». ورغم أن للشيخ أطروحات سابقة مهمة حول الموضوع، إلا أنني، وبغرض أن يراجع بعض المروجين للاستقطاب الديني في مصر أنفسهم، آثرت أن أخصص هذه المساحة لعرض «آخر» ما قاله المفكر الاسلامي وزعيم حركة النهضة التونسية وعضو مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين في محاضرته الأخيرة بالعاصمة الأمريكية واشنطن (٢٩ مايو ٢٠١٣).

 

•••

 

يتحدث «الشيخ» عن اشكالية الانتقال الديمقراطي والتحديات التي تواجهه. ولربما كان من أهم ما قاله في محاضرته هو تأكيده نصا على أن: «قناعتنا ان الأغلبية البسيطة لا تكفي في مراحل الانتقال ، وأننا نحتاج ائتلافا واسعا لنوجه رسالة مفادها ان البلد للجميع».

 

ويضيف الغنوشي نصا: «لقد حاولنا كل ما في وسعنا لتجنب الاستقطاب الايديولوجي، لانه وصفة للفوضى والفشل. ولهذا السبب قدمنا عديد التنازلات سواء في ادارة شؤون الحكومة او صياغة الدستور، لتجنب هذا الخطر. ونحن نعتقد اننا في حاجة الى التعايش بين العلمانيين والاسلاميين في دائرة الترويكا على قاعدة مجموعة من القناعات منها:

 

ــ لا يوجد تناقض بين الاسلام والديمقراطية. وإذا كانت الديمقراطية لا تعني ان الحكم يجب ان يكون فقط للعلمانيين فحسب واعتبار الاسلاميين عدوا للدولة التي عليها ان تسجنهم او ترسلهم الى المنافي. فهي لا تعني ايضا استبعاد العلمانيين من السلطة وتهميش دورهم في السلطة او في صياغة الدستور لانهم لم يحصلوا على الاغلبية في الانتخابات

 

ــ ان صعود الاسلاميين للحكم لا يعني انهم سيستحوذون على الدولة والمجتمع لمجرد كونهم حزب الاغلبية على النحو الذي كان يمارس في المنظومة السلطوية. ليس من دور الدولة ان تفرض نمطا معينا للحياة، بل دورها توفير الامن والخدمات لمواطنيها وان تتيح لهم حرية اختيار نمط حياتهم

 

ــ ان الصراع بين العلمانيين والاسلاميبن والذي استمر لعقود من الزمن هدر طاقات كثيرة وساعد الدكتاتوريات على التحكم في مصير بلداننا. وعلى هذا الاساس فان التحالف بين العلمانيين والاسلاميين امر حيوي لمجتمع حر قادر على ادارة اختلافاته على اساس الحوار.»

 

ويلخص زعيم حركة النهضة ماذهب اليه في عبارة واحدة: «نحن نعتقد ان المعتدلين من الإسلاميين والعلمانيين بمقدورهم بل عليهم ان يعملوا مع بعضهم وعليهم ان يجدوا توافقا لبناء وفاق واسع».

 

عن «الدستور» يقول لنا الغنوشي، (وأنا هنا حريص على النص): «المبدأ الأساسي الذي نتبنّاه في صياغة دستورنا هو ان لا يكون هذا الدّستور فقط دستور الاغلبية بل يجب ان يكون دستور كلّ التونسيين دون استثناء وأن يتسنّى لجميع التونسيون ان يروا انفسهم في هذا الدّستور و ان يشعروا بانّه يمثّلهم سواء ان كانوا اغلبية او اقلّية.»

 

ويضيف:: «من أجل تحقيق هذا قمنا بتنظيم مشاورات واسعة مع مختلف الأطراف السياسية ومع منظمات المجتمع المدني و من خلال هذه العملية حاولنا بلوغ اكبر قدر من التوافق حول الدستور. ولكن عندما واجهنا خلافات جدّية حول قضايا حسّاسة مثل الشريعة، نظام الحكم رئاسي أم برلماني، وحول حرية الضمير، وكونية حقوق الإنسان، قمنا بتنظيم حوار وطني للوصول إلى التّوافق ، وانتهى بنا المطاف الى التوصل إلى حلول توافقية حول هذه القضايا الشّائكة وبالتالي قبل حزب حركة النهضة التّخلّي عن مسألة اقحام أحكام الشريعة الإسلامية في الدستور لأن هذه الفكرة لم تكن واضحة للشعب التونسي».

 

ولا ينفي المفكر التونسي أن هناك متاعب «داخلية» صاحبت ما جرى فيطلعنا على أن: «بعض الناس ضمن حزبنا ينعتوننا بانّنا تحولنا من حزب القيادة الى حزب التنازلات, لكننا نقول لهم بما أننا الحزب الاكبر في البلاد فانه لدينا مسؤوليات اكبرتحتّم علينا تقديم التّنازلات الضّرورية لمساعدة البلاد على المضي قدما».

 

•••

 

هذا بعضٌ من «نص» ما قاله الرجل، وبعضٌ من حديث لم يجد حرجا في أن ينطق بلفظة «العلمانيين»، ولا في أن بعتبرهم شركاء في الوطن، ومن ثم فهم شركاء في التخطيط لمستقبله.


ومع إدراكي الكامل لتباين في التعريف، ولتشويه معرفيِّ لَحِق المصطلح، ولحقيقة أن جل من يتناول في حديثه اليومي أو تعليقاته على الإنترنت مصطلحات من قبيل «ليبرالية» «وعلمانية» «واشتراكية» .. الخ، لم يكلف نفسه يوما عناء البحث عن المعنى أو التعريف في كتب السياسة أو قواميسها، أزعم أننا في مصر لم نكن نتحدث حتى عن «علمانية» كان هناك من حاول أن يختصر فيها «بخطاب تحريضي» تعريف المعارضة، بل كنا نتحدث أحيانا عن منتسبين للفكرة الاسلامية، وجدوا أنفسهم غير مرة على الضفة الأخرى من خندق عميق حفره من بدا بالتجربة أنهم لا يثقون إلا في أنفسهم. والقائمة طويلة فيها طارق البشري، واعتراضاته مسجلة على صفحات هذه الصحيفة، وأحمد كمال أبو المجد، وهبة رؤوف وصلاح عز؛ الذين انسحبوا من أعمال تأسيسية الدستور، اعتراضا واحتجاجا. بالإضافة طبعا الى نائبي المرشد العام السابقين عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب. فضلا عن قائمة اضافية طويلة يعرفها كثيرون، وأعلم أنهم آثروا الصمت بعد أن يئسوا من فائدة الكلام… إلا أن ذلك، وهو حقيقي، لم يمنع أبدا تجار الاستقطاب من رفع راية «الحرب المقدسة» وتصوير خلاف سياسي على أنه «حرب» بين جند الله وأعداء دينه، غير عابئين لخطورة اللعب بنار خطاب يؤسس لمثل هذا الاستقطاب.

 

•••


وبعد ..


فلا أعرف إن كان الغنوشي يعني «كل» ما قاله علنا أم لا. فالله أعلم بالسرائر. ولكني أحسبه كذلك. كما لا أعلم إن كانت رسالته وصلت أم لا. ولكني أخشى أن أسمع من يقول: «مصر ليست تونس».


.. ليت الليلة لا تشبه البارحة.

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات