الاتحاد الأوروبي يرحب بانضمام مصر لجهود معالجة تغير المناخ - السفير إيفان سوركوش - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:05 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاتحاد الأوروبي يرحب بانضمام مصر لجهود معالجة تغير المناخ

نشر فى : الجمعة 23 يونيو 2017 - 10:15 م | آخر تحديث : السبت 24 يونيو 2017 - 1:28 م
- مؤتمر باريس كان لحظة فارقة فى الكفاح الذى نخوضه لحماية الكوكب من أجل أجيال المستقبل ولابد لنا من الحفاظ على هذا الزخم

- نعمل فى مختلف أنحاء مصر داعمين للطاقة المتجددة والنظيفة وكفاءة الطاقة والمياه وإدارة المخلفات وتخفيف حدة التلوث
كانت اتفاقية باريس التاريخية بشأن تغير المناخ إنجازا مهما على صعيد الجهود متعددة الأطراف والتى يمكن للاتحاد الأوروبى ومصر، بل ينبغى أن يكونا فخورين بها. يعد التقدم الذى أحرز بشأن التصديق على الاتفاقية تقدما مذهلا؛ حيث دخلت حيز النفاذ فى الرابع من نوفمبر من العام الماضى، إلا أن 148 دولة قد صدقت عليها بالفعل. ونحن نرحب ونقدر إتمام إجراءات التصديق الداخلية بمصر على اتفاقية باريس.

يمثل التصديق بالطبع خطوة مهمة نحو تنفيذ اتفاقية باريس، إلا أنه لن يؤدى فى حد ذاته إلى تقليل الغازات المنبعثة بسبب الاحتباس الحرارى، ولا إلى التكيف أو التمويل. فمن أجل تحقق الرؤية بشأن مستقبل عالم يتسم بالمرونة تجاه تغير المناخ وقلة الانبعاثات، لابد أن نركز كل اهتمامنا الآن على تحويل أقوالنا لأفعال.

تمنحنا جهود معالجة تغير المناخ فرصا لا حصر لها لابتكار طرق جديدة وأفضل للإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتجارة ولحماية الأرواح والأصول وفرص الرزق بما يعود بالفائدة على جميع الناس والكوكب أيضا. ومن أجل إحداث تحول اقتصادى واجتماعى ضروريين للغاية، سيكون من المهم الآن ترجمة أهداف تقليل الانبعاثات واستراتيجيات وخطط التكيف التى طرحتها الدول إلى سياسات وتدابير ملموسة وقابلة للتنفيذ فى جميع قطاعات الاقتصاد. فالنية وحدها لا تضمن التنفيذ.

يؤكد الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء العزم على أن نلعب دورنا كاملا فى تنفيذ اتفاقية باريس على الصعيد الوطنى والدولى. فدائما ما قدمت أوروبا دعما ماليا كبيرا لدعم الأنشطة المتصلة بالمناخ فى الدول الشريكة وستواصل ذلك. يصل إجمالى الدعم المقدم على المستوى العالمى، فى عام 2015 فقط، إلى 17.6 مليار يورو.

وعلى المستوى الوطنى، فإننا ملتزمون بضمان إنهاء الحزمة التشريعية والتنظيمية اللازمة لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبى من اتفاقية باريس؛ وهى تقليل الانبعاثات بنسبة تصل، على الأقل، إلى 40% بحلول عام 2030. تغطى إجراءاتنا التشريعية جميع قطاعات الاقتصاد ونضع كفاءة الطاقة فى المقدمة إلى جانب تعزيز استهلاك الطاقة المتجددة فى أنحاء القارة الأوروبية.

إننا نسمع عن المخاوف من أن اتخاذ خطوات نحو معالجة تغير المناخ يمكن أن يؤثر على النمو الاقتصادى، ونتفهمها. إلا أننا وجدنا أن العكس هو الصحيح؛ حيث انخفضت انبعاثاتنا بنسبة 22% منذ عام 1990 فى حين أن إجمالى الناتج المحلى الأوروبى ازداد بنسبة 50%. وخلال هذه الفترة، وفرنا وظائف جديدة وأعمال وتقنيات وميزات تنافسية بما يعد اقتصاداتنا جيدا لمستقبل يتسم بالمرونة تجاه تغير المناخ وانخفاض نسبة الكربون.

كما نستثمر فى ذات الوقت زيادة سرعة تكيف مجتمعاتنا وجعلها أكثر مرونة. فمن واقع خبرتنا نجد أن مقابل كل يورو يستثمر فى الحماية من الفيضانات، يمكننا أن نوفر 6 يورو من الخسائر التى تجنبناها. بمعنى آخر، يقلل الاستثمار فى التكيف بشأن مناخ المخاطر الحالية والمستقبلية.

وفى حين أن الاتحاد الأوروبى لديه خبرة تعود لأكثر من 20 عاما فى تطوير وتنفيذ سياسات مناخ طموحة، فإننا نعلم أن الكثير من شركائنا يخوضون هذه التجربة للمرة الأولى. نحن مستعدون لمشاركة خبراتنا ودروسنا المستفادة، كما أننا أسسنا بالفعل لتعاون مكثف فى مجال سياسات المناخ مع بعض من شركائنا الرئيسيين بما فيهم مصر.

لقد التزم الاتحاد الأوروبى بتقديم 20% على الأقل من التمويل الذى يوفره للمساعدات الإنمائية دوليا للأنشطة المتعلقة بالمناخ. ونقوم فى مصر بأكثر من ذلك بكثير؛ حيث إن أكثر من نصف مساعداتنا لها تأثير متصل بالمشكلة. فالتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته أولويات مهمة لبرامج المساعدات التى نقدمها هنا؛ حيث إن أكثر من 700 مليون يورو من إجمالى منح المساعدات التى يقدمها الاتحاد الأوروبى حاليا لمصر ذات صلة بالمناخ. كما ساهم جزء منها فى توفير قروض ميسرة إضافية من بنك الاستثمار الأوروبى وبنوك إنمائية أوروبية أخرى بما يقدر بـ 4.65 مليار يورو. هذا بالإضافة إلى برامج التعاون الثنائى بين مصر وعدد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى.

إننا نعمل فى مختلف أنحاء مصر داعمين للطاقة المتجددة والنظيفة، وكفاءة الطاقة، والنقل، والصرف الصحى، والمياه وإدارة المخلفات، وتخفيف حدة التلوث، والإسكان، والزراعة.

إن مساعدتنا فى قطاع المياه تركز أيضا على نهج متكامل يتصل بالمناخ فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية. كما أنه توجد برامج تكيف أخرى تغطى مجالات مثل كفاءة الطاقة فى قطاع الإسكان، والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، والزراعة، وتقليل مخاطر الكوارث.

إلى جانب وضع استراتيجيات مناخ طويلة الأجل، توجد أيضا إجراءات نحتاجها جميعا الآن بشكل عاجل. ستجتمع الدول فى بون فى خلال أشهر قليلة فى مؤتمر COP23 لاستكمال العمل الجاد لتحويل الاتفاق السياسى المتمثل فى اتفاقية باريس إلى واقع. وينتظرنا فى العام القادم حدث مهم آخر يدعى «الحوار التيسيرى» والذى سيكون الفرصة الأولى منذ مؤتمر باريس للنظر فى مجهوداتنا الجماعية للحد من الاحتباس الحرارى وما قمنا به من أعمال ملموسة للوفاء بالالتزامات التى قطعناها. سيكون هذا الحوار لحظة استعراض لقدراتنا على متابعة العهود التى قطعها قادتنا فى باريس.

وليست الحكومات فقط هى من يعمل فى ذلك المجال، فتحديات تغير المناخ غير مسبوقة على صعيد نطاق التأثير ومستواه. لذا، فالمدن والأقاليم والمجتمع المدنى والأعمال كلهم لديهم دور مهم يجب أن يضطلعوا به فى تنفيذ مهام على أرض الواقع تحدث فرقا. إننا فى حاجة إلى تعاون وتنسيق بين الحكومات والمجتمع المدنى والقطاع الخاص إلى جانب أطراف أساسيين آخرين. لن يمكننا أن نرتقى لمستوى الطموح الذى وضعناه لأنفسنا وتوقعات أجيال المستقبل سوى بالعمل معا.

كان مؤتمر باريس لحظة فارقة فى الكفاح الذى نخوضه لحماية الكوكب من أجل أجيال المستقبل. ولابد لنا من الحفاظ على هذا الزخم فى الأشهر والسنوات القادمة لأن المكافأة تستحق ذلك بالفعل وهى تتمثل فى الحد من الانبعاثات، وأمن طاقة أكبر وكفاءة الطاقة، ونمو يدفعه الابتكار، وخلق فرص عمل، ومجتمعات أكثر قدرة على التكيف، وبيئة أفضل. أمامنا الكثير من العمل الذى يجب علينا تنفيذه ونتطلع لمواصلة شراكتنا مع مصر.
السفير إيفان سوركوش رئيس وفد الاتحاد الأوروبى لدى مصر
التعليقات