مؤسسة نسيها الفقهاء - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤسسة نسيها الفقهاء

نشر فى : الإثنين 23 يوليه 2012 - 9:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 يوليه 2012 - 9:30 ص

«الخلافة»، أو «إمارة المؤمنين»، أو «دار الحكم» أو «الدولة» أسماء متعددة لمسمى واحد هو «مركز إدارة الشؤن العامة للأمة» ولفظ الخلافة قد استحقه أول من خلف رسول الله وهو أبوبكر الصديق (رضى الله عنه)، لكن يقظة الحاسة الفقهية لدى عمر بن الخطاب وكبار الصحابة قد حسموا الموضوع واجمعوا واجتمعوا على ترجيح لقب «أمير المؤمنين» فى إشارة ذكية تبين أن الأمم فى جميع حالاتها لا تستغنى عن «إدارة آمرة» ترجح وتصحح وتجازى كل عمل بجزئه فلقب (الأمير)، لقب قديم قدم الجماعة البشرية، والإسلام قد أحال العرف إلى فريضة لازمة، وهى فريضة «إقامة هيئة تدير شئون الأمة».. ثم إضاف إلى لقب الأمير صفة تقلم أظافره، وتطفئ من بريقه وتمايزه فتربطه بالقاعدة التى خرج منها فأنظر إبداع الصحابة (رض) فى هذا المركب الجميل «أمير المؤمنين» فهو أمير بين فئة تمتاز بالإيمان فهى فئة قوية ذكية نشطة، كل واحد منهم يعرف حدود علاقته بربه وعلاقته بغيره (مؤمنين)، وغير ذلك فإن الإيمان يفرض على الأمير والجماعة شرائط الإيمان وشعبه فلو اكتفينا بقول النبى (ص) «الإيمان بضع وستون.. أو بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» لو اكتفينا بهذا الحديث لعلمنا ماذا أراد الصحابة بمصطلح «أمير المؤمنين».. فهو ليس زعيما على أتباع، ولا رئيسا على على أقزام، ولا ملكا متصرفا فيما يملك، ولا أميرا يصرف الأمر كيف يشاء بل هو أمير بين فئة لها «عقيدة رافعة»، و«شريعة دافعة» و«أخلاق مانعة» و«شعائر جامعة». نعم «عقيدة رافعة»: تربط الإنسان بربه الأعلى فيصبح انسانا قويا لا يخيف ولا يخاف، «وشريعة دافعة»: تدفع وتخص الإنسان على الخيرات فلا يقعد ولا يتخلف عن إبداع الخير وإنتاجه وأخلاق مانعة تمنع صاحبها من البغى والفحشاء والمنكر، و«شعائر جامعة»: تجمع جميع الأمة دون استثناء (رجال/نساء)، (صغار/كبار )، (أغنياء/فقراء)، (أقوياء/ ضعفاء)، (متعلمين/علماء) (فالصيام والزكاة والحج والصلاة شعائر جامعة) هكذا رأى الصحابة (رضى الله عنه) كيف يظهر الأمير ولا يهمل الشعب، بل دائما يتذكر حامل اللقب أن محاسبيه هو «المؤمنون» فيرتدع عن التقصير أو التجاوز

(2)

هذا الفقه العميق «فقه الصحابة» (رض) الذى أسس (بيت المال)، (ديوان الجند)، (ديوان البريد)، (ديوان الشرطة) قد انشغل عن فقه «رياسة الدولة» إذ شغلته مواصلة جهاد الفتح ليس لنشر عقيدة الإسلام، ولكن لإخراج شعوب العالم من كارثتى «الطغيان العسكرى» و«الاستبداد السياسى»، ورأى عمر (رضى الله عنه) أن الدولة الناشئة مع تغير الظروف وتجددها تريد حماية فكرية وثقافية بمثل ما تحتاج إلى حماية عسكرية فاتخذ قرارا لم يعرفه تاريخ البشرية، حيث أشعر جميع الصحابة (رضى الله عنهم) أن الدولة وأميرها لا يستغنيان عن جهودهم العقلية والعلمية، ولهذا قرر عدم السماح لهم بالإقامة خارج المدينة إلا للحج أو الجهاد.. هكذا حرص عمر (رض) على «الوجود النشيط» للخلايا الحية فى جسد الأمة.. فلا تبقى عاصمة الدولة بغير مورد وفير ومستويات متعددة من الصحابة يجد بينهم أهل الشورى/ أهل القضاء/ أهل الإدارة/ أهل الفقه.. أهل الحل والعتد/ وأهل السفارة.. إلخ فلا تشعر الدولة ولا أميرها بنقصان شيئ يدفع حركة الحياة داخليا وخارجيا ــ لكن المؤسسة الرأس «رياسة الدولة» رغم كفاءة وعدالة عمر ــ لم تنل حظها من الفقه والتنظيم بما تستحقه من ناحية وما يقدر عليه الصحابة من ناحية أخرى نظرا لاستغناء الناس وسعادتهم مع عمر (رضى الله عنه)

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات