للعدالة الناجزة وجوه كثيرة - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

للعدالة الناجزة وجوه كثيرة

نشر فى : الخميس 23 يوليه 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : الخميس 23 يوليه 2015 - 8:28 ص

تعالت الأصوات المطالبة بالعدالة الناجزة التى يمكن أن تقود إلى الإعدام أو السجن لسنوات لا يعلم عددها إلا الله للمتهمين بارتكاب واحد من أنشطة عديدة يعتبرها مشروع قانون «تشجيع الإرهاب» المروج له إعلاميا باسم قانون «مكافحة الإرهاب» أنشطة إرهابية. بالطبع لا أحد يجادل فى ضرورة التصدى لخطر الإرهاب الذى يهدد مصر بكل السبل المشروعة بما فى ذلك القانون وتعديلاته والأمن وأدواته. بل إنه لا يجادل أحد فى ضرورة تحقيق العدالة الناجزة لكل المتهمين لكن ليس انطلاقا من النغمة السائدة حتى بين بعض ممن ينتسبون إلى السلطة القضائية وهى أن المتهم بالإرهاب مدان حتى تثبت براءته.


والمأساة أن الكثيرين ممن يتحدثون عن «العدالة الناجزة» يقصدون فقط سرعة إنزال العقاب الأشد بالمتهمين فى العمليات التى يعتبرها مشروع القانون، سيئ السمعة، إرهابية لأنه ببساطة يقدم تعريفا بالغ الاتساع للعمل الإرهابى يبدأ من الاغتيال والتفجير وينتهى بالتجمع أمام أى منشأة عامة احتجاجا على أى مظلمة.


العدالة الناجزة ليست فقط فى إنزال العقاب على المتهم ولا حتى على المذنب، وإنما أيضا رفع الظلم عن المظلوم سواء كان هذا الظلم ممثلا فى قانون مشكوك فى دستوريته أودى بالعشرات خلف أسوار السجون، أو فى حبس احتياطى يمتد لفترة قد تتجاوز فترة العقوبة المحتملة فى حالة الإدانة.
إن ارتفاع الأصوات المطالبة بالعدالة الناجزة حتى لو كانت على حساب ضمانات المحاكمة العادلة، يقتضى منا مطالبة القضاة الأجلاء فى المحكمة الدستورية بسرعة الفصل فى القوانين المطعون فى دستوريتها التى تم بمقتضاها سجن المئات وخاصة قانونى التظاهر وقانون «المحاكمات العسكرية» المعروف تمويها باسم قانون حماية المنشآت العامة الذى وضع الشعب كله رهن القضاء العسكرى رغم نصوص الدستور التى لم يجف حبرها التى تحمى المدنيين من المحاكمات العسكرية.


لا يمكن القبول ببقاء الطعون على قانون التظاهر حبيسة أدراج المحكمة الدستورية فى حين اقتربت فترة محكومية النشطاء الذين وضعهم هذا القانون سيئ السمعة خلف الأسوار من نهايتها. ولا يمكن القبول بتأخير الفصل فى الطعون على قانون حماية المنشآت العامة فى حين يجرى كل يوم محاكمة العشرات وربما المئات من المدنيين أمام القضاء العسكرى وفقا له.


إذا كنا نريد عدالة ناجزة حقا وليس مجرد توظيف للوسائل القانونية والقضائية من أجل التنكيل بما يخالفوننا ومطاردتهم بتهم الإرهاب وتهديد المجتمع، علينا أن نطالب المحكمة الدستورية بتحديد كل ما تحتاج إليه من إمكانيات بشرية ومادية لكى يكون الفصل فى الطعن على أى قانون خلال فترة زمنية محددة وقصيرة، حتى لا تأتى أحكام المحكمة بعد فوات الأوان فيكون الظلم قد وقع على المظلوم ولم يعد هناك فرصة لتداركه كما هو الحال بالنسبة لسجناء قانون التظاهر وقانون «المحاكمات العسكرية» الذين لن يفيدهم صدور حكم بعدم دستورية القانون بعد قضاء فترة العقوبة.


العدالة الناجزة ومحاربة الإرهاب لا يمكن أن تقتصر على توفير الوسائل والآليات اللازمة لإنزال العقاب بالمهتمين، وإنما أيضا يجب أن تضمن سرعة رفع الظلم عن المظلومين حتى لا نراهم غدا فى معسكر الإرهابيين.

التعليقات