حقوق الإنسان فى مصر.. إلى أين؟ - جورج إسحق - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقوق الإنسان فى مصر.. إلى أين؟

نشر فى : الأحد 23 يوليه 2017 - 8:45 م | آخر تحديث : الأحد 23 يوليه 2017 - 8:45 م

حقوق الإنسان هى المبادئ الأخلاقية أو المعايير الاجتماعية التى تصف نموذجا للسلوك البشرى الذى يفُهم عموما بأنه حقوق أساسية لا يجوز المس بها «مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونها أو كونه إنسانًا»، ملازمة لهم بغض النظر عن هويتهم أو مكان وجودهم أو لغتهم أو ديانتهم أو أصلهم العرقى أو أى وضع آخر، وحمايتها منظمة كحقوق قانونية فى إطار القوانين المحلية والدولية.
يمكن تصنيف حقوق الإنسان وترتيبها بأشكال شتى، وفى الغالب توزع الحقوق الإنسانية فى ثلاث مجموعات هى حقوق السلامة الشخصية، الحريات المدنية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، أو تقسم بطريقة تقسيم مواد الإعلان العالمى إلى أربع فئات: الفئة الأولى وتتناول الحقوق الفردية والشخصية. الفئة الثانية وتتناول علاقات الفرد بالمجموع أو بالدولة. الفئة الثالثة وتشمل الحريات العامة والحقوق الأساسية. الفئة الرابعة وتشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
يحتفل العالم باليوم العالمى لحقوق الإنسان فى ١٠ ديسمبر من كل عام وقد تم اختيار هذا اليوم من أجل تكريم قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الصادر يوم ١٠ ديسمبر ١٩٤٨ حول الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى كان بمثابة أول إعلان عالمى لحقوق الإنسان.
ومن أهم مواد الإعلان هى المادة 2 وتنص على « لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة فى هذا الإعلان، دون أى تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى أو أى رأى آخر، أو الأصل الوطنى أو الاجتماعى أو الثروة أو الميلاد أو أى وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أى تمييز أساسه الوضع السياسى أو القانونى أو الدولى لبلد أو البقعة التى ينتمى إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتى أو كانت سيادته خاضعة لأى قيد من القيود.
***
يحتفل العالم بحقوق الإنسان نظرا لأهميتها وأنها لا غنى عنها فى سبيل إقامة حياة إنسانية سوية للعالم أجمع، وبالتالى لا أتصور أن يتم مقارنتها أو تجاهلها من أجل أى شيء آخر فى الحياة. بل من الممكن أن تعادل أهميتها مثلا أهمية الأمن القومى لأى بلد فلابد أن يحافظ على كليهما معا بالتساوى والتوازى فلا تهمل حقوق الإنسان من أجل الأمن القومى والعكس صحيح. ومن هنا لابد أن يذكر أنه بعد أن قتل الموضوع بحثا والمتمثل فى خطاب رئيس الوزارء البريطانى ديفيد كاميرون الذى ألقاه يوم ١٥ أغسطس ٢٠١١ بعد أحداث شغب شاهدتها البلاد سعيا وراء العثور على عبارته الشهيرة «عندما يتعلق الأمر بالأمن القومى لبريطانيا فلا أحد يكلمنى عن حقوق الإنسان».
وجدنا أن تلك العبارة التى يتناقلها الكثيرون على شاشات التليفزيون منذ فترة ليست بالقصيرة، وانتقل الأمر بشكل جارف إلى مواقع التواصل الاجتماعى ليتضح فى النهاية أنه لم يقلها!! لدرجة أن السفارة البريطانية أصدرت بيانا تنفى فيه أن يكون رئيس الوزراء قد قال مثل هذه العبارة. فعلى كل من يريد ترديد هذه العبارة السفيهة التى لا أصل لها يرددها على لسانه هو فقط ولا ينسبها بالكذب لكاميرون أو غيره.
***
أما إذا تحدثنا عن حقوق الإنسان فى مصر وكيف أصبحت فى مهب الريح فلابد أن نسرد كيف تراجعت وتراجعت حتى أصبحنا نخشى أن تتحول سرابا. فكل ما حاولنا علاجه بعد ثورة يناير وحاولنا أن نضمنه كحقوق للمواطنين المصريين بعد الثورة يتراجع بشكل يعد خطرا على المجتمع المصرى.
فكم من حالات الاختفاء القسرى!! وكم من حالات القبض العشوائى!! وكيف عادت ظاهرة زوار الفجر!! وكيف اعتقل الكثير والكثير من الشباب بسبب آرائهم على مواقع التواصل الإجتماعى!! وكيف اعتقل الشباب الذى اعتزل العمل السياسى لمجرد الاشتباه؟ وكيف يفرج عن الشباب بكفالة ويستمر احتجازهم وتعرضهم «للكعب الداير» لمجرد تشابه أسماء لا تمت للعقل والمنطق بصلة!! كيف تحجب المواقع الإخبارية !! وتمنع المقالات!! ويتعرض المعارضون للحملات القذرة القائمة على التشويه والتخوين والإساءة والسب والقذف دون أى رادع أو محاسبة!! كيف يموت الشباب المعتقل بسبب الإهمال فى علاجه!! كيف يلجأ السجين الشاب للقضاء رافضا حبسه الانفرادى!! كيف يلجأ السجين للقضاء للحصول على حقه فى أن يقرأ ويسمح له بالكتب داخل محبسه!! وكيف تعرض قيادات العمل السياسى والأحزاب للاعتداء فى مظاهرات سلمية من أجل الحفاظ على الأرض!! كيف تعرضت نقابة الصحفيين للاعتداء الوحشى من قبل أفراد الأمن وإصابة بعض الصحفيين !! كيف يتحاكم كفيف فى تهمة قنص بالسلاح!!
من أهم اختراقات حقوق الإنسان ما يحدث فى السجون، رغم أن المجلس القومى لحقوق الإنسان وقع اتفاقا مع وزارة الداخلية لتحسين الأداء داخل السجون ومع ذلك لا يطبق هذا الاتفاق كيفما أبرم له، إلى جانب منع دخول الكتب والأدوية ومنع الزيارة. والأدهى والأمر هو أماكن الاحتجاز فى أقسام الشرطة، هذا شىء غير آدمى ولا يمتُّ لحقوق البشر بصلة. وكذلك طالب المجلس بدخول كتب متنوعة إلى مكتبات السجون حسب اقتراح الدكتورة نيفين مسعد التى قامت بدورها بجمع مجموعة كبيرة من الكتب ومع ذلك لم توزع هذه الكتب على السجون حتى الآن. مع ملاحظة أن وزارة الداخلية لها جهاز خاص بحقوق الإنسان!!.
***
مؤخرا كيف انتهك أهم حق من حقوق الإنسان وهو الحق فى السكن، فى الأحداث الأخيرة لجزيرة الوراق الذى راح ضحيتها أحد شباب الجزيرة وأصيب الآخرون. فليس من حق أحد أن يخرج سكان من أراضيهم وينتزع حقهم فى بيوتهم ومنازلهم وخاصة بهذه الطريقة العشوائية. فإذا لزم أمر الإخلاء لخطر يحيط بهم أو سبب مجتمعى أو اقتصادى أو حتى سياسى استدعى أمر الإخلاء فلابد أن يطبق بطريقة مدروسة مخططة وأن يفتح حوارًا مجتمعيًا بناءً يحمل المصداقية والشفافية، يعرض على السكان المشكلة وأسبابها والخطورة إن وجدت، ويقترحوا البدائل معا ويتناقشوا فيها حتى يستقر الطرفان (الحكومة والسكان) على حل بديل لا يهدر حق السكان ويضمن حقهم فى حياة آمنة مستقرة. أما ما حدث مؤخرا هو المعنى الحرفى للعشوائية والفوضى فى إدارة الأزمات وهذا هو الضرر الحقيقى للوطن والمواطنين. والمواجهة التى حدثت من الأهالى والاشتباكات هو رد فعلى طبيعى لسكان استيقظوا على صوت البلدوزر يهدم بيوتهم دون أى مقدمات.
اسمعوا المواطنين، قدروا ظروفهم، افتحوا مجالا للحوار، اغلقوا باب العنف الأمنى فقد ثبت فشله فى إدارة الأزمات وخاصة الاجتماعية منها. ضعوا حقوق الإنسان فى المقام الأول، فما حدث فى الوراق من تصدى الشعب للقوات الأمنية هو نذير خطر يدق ناقوس المجتمع.
ضعوا حقوق الإنسان المصرى نصب أعينكم فهى الآن تتعرض لرياح عاتية من الممكن أن تدمر الكل إذا لم يتم حمايتها والحفاظ عليها حتى لا تندثر وتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات