مطلوب محاسبة مهرج الأرجوت! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مطلوب محاسبة مهرج الأرجوت!

نشر فى : الجمعة 23 سبتمبر 2016 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 23 سبتمبر 2016 - 10:05 م
هناك مسئول ما فى الدولة أو جهة ينبغى أن تتم محاسبته بشدة فى قضية «القمح والأرجوت»، ولا ينبغى بأى حال من الأحوال أن يمر الأمر مرور الكرام.

القصة باختصار أن هناك مسئولا أو هيئة أو وزارة اتخذ قرارا باستيراد القمح إذا كان يحتوى على نسبة ٠.٥٪ من الأرجوت فى 11 يوليو الماضى، ثم تراجع عن القرار فى 28 اغسطس الماضى ويجعله «زيرو ارجوت»، ثم عاد للقرار الاول يوم الاربعاء الماضى مستندا إلى «المواصفات الدولية.

هل يمكن أن يختلف الأمر بنسبة ١٨٠٪ خلال اقل من شهرين؟!. ما حدث خلال الأيام الماضية بشأن قضية الأرجوت يكشف أن هناك مشكلة ومهزلة ومأساة وفوضى وتخبط فى عملية اتخاذ القرار.

لمن نسى نذكره بأننا حتى 28 اغسطس كنا نستورد القمح المصاب بالارجوت بنسبة لا تتجاوز الـ٠.٥٪، ثم فجأة تم اتخاذ قرار بوقف استيراده، إذا كان مصابا بأى نسبة حتى لو كانت ٠.١٪. وفجأة وبعد ان تكتلت معظم الدول الموردة ضدنا، اضطررنا أن «نلحس» كل ما قلناه، وعدنا مرة أخرى إلى استيراد القمح المصاب بنسبة حتى ٠.٥٪.

البيان الذى صدر عن مجلس الوزراء مساء الأربعاء الماضى يقول بوضوح إن هناك ثلاث مناقصات لشراء القمح لم يتقدم إليها أى شخص، وأن هناك مخاوف من تناقص مخزون القمح المستورد.

ولأن معظم النقاشات فى بلدنا سطحية، وهوائية وانطباعية ومتحيزة، فعلينا أن نتذكر أن قضية الأرجوت قد أثيرت منذ اوائل العام الحالى، وقبلها كان يتم الاستيراد بنفس نسبة الاصابة عمليا، لكننا على الورق كنا نخدع انفسنا بانه غير مصاب.

لم يتحدث أحد من المهيجين أو أنصاف المتعلمين بأن غالبية العالم تقريبا، يسمح بتناول القمح المصاب حتى نسبة ٠.٥٪، لأنه طبقا للدراسات العلمية يمكن معالجتها خصوصا فى الأجواء الحارة، ولا تسبب أى خطر على الإنسان.

لمن نسى أيضا فإن قرار منع الاستيراد تم اتخاذه وسط مشكلة الدكتور خالد حنفى وزير التموين السابق ربما لبعث رسالة للرأى العام بأن الحكومة لا تتهاون فى صحة الشعب!

أغلب الظن أن المسئول الذى اتخذ هذا القرار وقتها لم يكن يعلم خطورته وتأثيره على الدول الكبيرة الموردة لنا، أو أراد ان يحمى نفسه على الورق خوفا من مساءلة قادمة، ولم يكن يعلم أن هذه الدول سوف تنتفض ضدنا، وتقرر وقف توريد القمح لنا.

فوجئ سياد ة المسئول الذى اتخذ القرار بأن أمريكا فتحت لنا حكاية الفراولة، ثم قررت روسيا الصديقة وقف استيراد الحاصلات الزراعية من مصر، بل إن السودان الشقيق اعلن عن وقف استيراد الخضر والفاكهة المصرية، ونفس الامر بالنسبة للكويت فى موضوع الفراولة.

المأساة أن رد فعل الحكومة كان لا يخرج عن عبارة واحدة: «لم نتلق أى إخطار رسمى من هذه الدول بوقف وارداتها من مصر». ثم فؤجئنا ببيان مطول من الحكومة يقول فى مقدمته: «لم ولن تتنازل أبدا عن القبول بأقل من المعايير الدولية المتمثلة فى ألا تزيد نسبة الإصابة بفطر الأرجوت عن ٠.٥٪!».

يا سلام.. ما هذا العبث؟!

وكان منطقيا أن تنفجر وسائل الإعلام الاجتماعى غضبا وسخرية وتنكيتا وتبكيتا وتتداول عبارة الممثل الساخر عبدالفتاح القصرى: «لا ممكن أبدا» وبعدها عبارته الأكثر سخرية: «تنزل المرة داى»! .

مرة أخرى المشكلة الحقيقية فى الذهنية وطريقة التفكير وعدم معرفة العواقب الوخيمة لهذه القرارات العشوائية. السؤال بطريقة أخرى: كيف تم اتخاذ القرار الأول وكيف تم التراجع عنه؟!.

لو كنا نريد الاستفادة من أخطائنا، فالمطلوب أن تخرج الحكومة بيان واضح تشرح لنا فيه التفاصيل التى صاحبت هذه «الهرجلة»، وجعلتنا مسخة بين الأمم. ألم تفكر الحكومة فى الرسالة التى ستصل إلى العالم من جراء ما حدث فى قضية الأرجوت؟

مع مثل هذه العقلية، لا يمكن إلا أن ندعو الله أن ينجينا مما هو قادم. تذكروا أنه لا يمر أسبوع إلا ونعانى من كارثة كبرى، بطلها الأخطاء المجانية والقرارات العشوائية.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي