رسالة الصين.. مناشدة للرئيس السيسى قبل زيارته للصين - فاروق حلمى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة الصين.. مناشدة للرئيس السيسى قبل زيارته للصين

نشر فى : الخميس 23 أكتوبر 2014 - 8:10 ص | آخر تحديث : الخميس 23 أكتوبر 2014 - 8:10 ص

طالعتنا وكالة الأنباء الصينية يوم 17 الجارى بحديثين لسفيرنا فى بكين مجدى عامر، كشفا عن وجود ترتيبات مكثفة بين البلدين لزيارة الرئيس السيسى للصين، وأكد أننا على أعتاب مرحلة جديدة للارتقاء بالصلات بين الدولتين الى مستوى علاقات استراتيجية شاملة. وقدم سيادته عرضا قيما للتعاون القائم وما يمكن أن يتطور إليه، منوها بإطلاقنا لمشروعات قومية كبرى مفتوحة لمشاركة الجانب الصينى، ومشيرا الى «شروعنا فى إجراء إصلاح تشريعى فى المجال الاقتصادى بغية جذب الاستثمارات الأجنبية».

ومع تقديرى الكامل لجهد سيادته وما تضمنه حديثه من نقاط مهمة، أود أن أسترعى الانتباه الى أن كافة مسئولينا يرددون منذ السبعينيات اعتزامنا تحسين مناخ الاستثمار وتيسير التشريعات المتصلة به، بل ويذهب الكثير منهم الى أننا قمنا بذلك بالفعل. ولقد مل العالم سماع هذه النغمة المتكررة بينما هو يرى عكس ذلك ويسمع شكاوى المستثمرين لدينا، ومنهم الصينيون المشاركون فى أنشطة «منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى بالسويس».

•••

ويجدر التذكير بهذه المناسبة بأن هذه الشركات الصينية شكت فى تحقيق صحفى مطول نشر فى سبتمبر 2012 من معوقات ضخمة ومن بينها: غموض وعدم استقرار السياسات الحكومية وتغيرها المستمر، انخفاض كفاءة الإدارات الحكومية وصعوبة التنسيق معها، صعوبات تسجيل الشركات، طول عمليات التفتيش الأمنى والصحى على الإنتاج، صعوبات توفير الطاقة، انخفاض كفاءة العمالة المصرية وضعف مستواها التقنى وافتقارها للتدريب مما يضطرهم لجلب العاملين من الصين.

كما أوضحت معاناتها من عدم اكتمال البنية الأساسية للصناعة وعدم توافر الامدادات والخدمات اللازمة للعملية الانتاجية، ضاربين المثل بأنهم يريدون انتاج منتج معين لكن بعض قطع غياره لا تنتج لدينا ويحتاجون لاستيرادها بينما تفرض قيود على الاستيراد.

وطالب المسئولون بهذه الشركات بوضع سياسات تفضيلية لجذب الاستثمار الأجنبى وتوفير البيئة الاستثمارية الآمنة، منوهين بأن هناك آفاقا كبيرة للتعاون خاصة فى مجال الصناعات كثيفة العمالة والخدمات، وإمكانية الجمع كذلك بين رأسمال دول الخليج والتكنولوجيا الصينية للاستفادة من مزايا مصر من موقع وأيد عاملة رخيصة نسبيا، اذا ما أمكن فقط ازالة الصعوبات التى يواجهها المستثمرون.

وكررت الشركات الصينية التى اجتمع بها وزير الاستثمار المصرى فى زيارة حديثة له لبكين الشكوى من هذه المعوقات.

ويا ليتنا نسارع قبل اتمام هذه الزيارة وغيرها بالإقدام ــ على الأقل ــ على اصدار التعديلات التى تتطلبها قوانيننا ولوائحنا لتشجيع الاستثمار الأجنبى دون انتظار نتائج المراجعة الشاملة لتشريعاتنا كلها، فضلا عن بدء تكريس جهد جدى وملموس لمعالجة أوجه القصور الأخرى المشار إليها، حتى تكون الزيارة مجدية فعلا ومحققة لاختراقه فى استمالة الشركات الصينية لتوجيه جانب مؤثر من استثماراتها المتسارعة النمو لمصر، وإلا فمن الأجدر بنا إرجاء زيارات الرئيس بعض الوقت لما بعد «ترتيب بيتنا» بتهيئة البيئة الملائمة للاستثمار بما لا يقل عما تستأثر به وجهات أخرى جاذبة فى العالم.

•••

أما بالنسبة للتصدير، فلا تفيد زيارة رئيس لبكين فى رفع صادرات بلده إليهم، والصين أبوابها مفتوحة وتستورد بأرقام فلكية من كل بقاع الأرض، ولا تحتاج زيادة صادراتنا سوى لإتقان جودة السلعة وعدم مغالاة المصدرين فى الأسعار والتزامهم بشروط التعاقد. وحتى وإن تحققت هذه الشروط فلابد من إقامة آليات مستقلة غير حكومية لتنمية التجارة والترويج للصادرات وكذا لدعم الانتاجية والجودة وبحوث التطوير بخلاف آلياتنا البيروقراطية المتناهية الضعف، كما سبق التوصية به فى استراتيجية مقترحة لم تر النور منذ منتصف التسعينيات. وفى غياب كل ذلك، ستكون الاتصالات حتى على أعلى المستويات هباء منثورا، ولا تضيف سوى القليل لجهودنا للنهوض بالاقتصاد القومى.

وينبغى ادراك أن الحكومة الصينية لم تعد تتحكم فى توجيه شركاتها للاستثمار فى أسواق معينة بالخارج وشراء منتجاتها كما كان فى الماضى، وإنما أصبح مقدار الربح هو الفيصل فى هذه المسائل سواء بالنسبة لشركات الدولة أو القطاع الخاص الذى أصبح يقود النشاط الاقتصادى فى هذا البلد.

ولقد سبق أن وجهت رسالة من منبر الشروق الى السيد الرئيس بشأن هذه الاستراتيجية، التى شارك فى صياغتها خبراء أجانب تحت رعاية الأمم المتحدة، مبينا الضرورة الملحة للإصلاح المؤسسى لاقتصادنا كشرط لإنجاح أى مبادرات ومشروعات نقدم عليها مهما كانت واعدة. لكن الرسالة نشرت للأسف يوم تنصيب سيادته رئيسا فى 8 يونيو بعنوان «الإصلاح المؤسسى شرط لأى تقدم اقتصادى». وضاعت فى غمرة الحدث التاريخى.

•••

كما أود أن أنوه هنا باهتمام الصين الكبير الحالى بالمبادرة التى أطلقها رئيسها والخاصة بتطوير «الحزام الاقتصادى لطريق الحرير» وبناء «طريق الحرير البحرى للقرن 21»، وبأن مصر يمكن أن تكون ركنا رئيسيا فى هذه المبادرة. ويتعين على أجهزة التخطيط لدينا أن تضع خططا لإمكان استغلال موقعنا كبوابة لأفريقيا ونافذة على أوروبا، لكى يتم تخزين البضائع المخصصة للمنطقتين عندنا وإعادة شحنها بحرا وجوا إليهما، والاستعداد لذلك بخطوط طيران مصرية لنقل البضائع التى يمكن شحنها جوا الى دولهما إضافة لتعزيز أسطول السفن للشحن البحرى لأوروبا، والامكانيات الصينية فى هذه الميادين هائلة.

ويمكن أن يكون هذا ليس فقط جاذبا للجانب الصينى من خلال دعم مبادرته التى يعلق عليها أهمية سياسية كبرى لتأكيد مكانته ودوره العالمى، وإنما أيضا لقيام تعاون بين الطرفين فى تحقيق هذه الأهداف توضع له خطط للتنفيذ على مراحل تتفق والامكانيات الواقعية المتصورة. وهذا بخلاف المأمول من تعاون فى تعزيز البنية التحتية بما فى ذلك الطرق السريعة والسكك الحديدية والمطارات والموانئ وإقامة مناطق صناعية وتجارية حرة دافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفقا لتصور الصين من المبادرة وما شرعت فى تنفيذه فى بعض محطات الطريقين البرى والبحرى، وكل هذا كما سلف القول مرهون بنجاحنا فى «ترتيب البيت».

فاروق حلمى خبير في الشئون الصينية مقيم في هونج كونج
التعليقات