الفارق بين العناد والثبات - نادر بكار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفارق بين العناد والثبات

نشر فى : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 11:25 م | آخر تحديث : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 11:25 م

كثير ٌمن أبناء الشعب المصرى على اختلاف انتماءاتهم لا أخص منهم أحدا، غير قادرٍ على التمييز بين العناد والثبات، أو الفصل بين المرونة والبراجماتية... فيتصلب فى مواقف المرونة، ويسيل فى مواقف الثبات؛ ولا يجنى فى كل مرة إلا خسارا!


ثمة خيطٌ رفيع يفصل بين العناد وبين الثبات... تماما كالذى يفصل بين المرونة وبين البراجماتية... فإذا كنت تمتلك رؤية مستقبلية متكاملة استطعت تجميعها من مفردات نظرتك الشخصية المؤسسة على علمٍ وفهم وتجربة لأهم مواطن قوة ٍ تتميز بها وكذا لأهم مواطن الضعف، وكنت مستوعبا فى الوقت نفسه لمقترحات الآخرين وآرائهم، وكانت الظروف الزمانية والاجتماعية المحيطة بك مواتية ومهيأة، واستطعت فى أثناء ذلك الالتفاف على المخاطر التى تواجهك فحيدتها أو واجهتها بحزم، ثم تمكنت َ من بلورة كل ذلك فى خارطةٍ زمنية واضحة الأهداف سواء المرحلية أو بعيدة المدى... ساعتها، وساعتها فقط يُمكننا أن نقول لك: امضِ ولا تلتفت، واثبت على ما أنت عليه ولا تُعرِ المثبطين أذنا....أمَا إذا لم تحصل ْشيئا مما سبق وأثبتت لك التجربة أخطاءك الاستراتيجية المتكررة ثم أنت مصممٌ بعد ذلك على المضى قدما ضاربا بعرض الحائط كل ما يلقى على مسامعك من اقتراحاتٍ للخروج من الأزمة...... فهذا هو العناد بحذافيره!


وإذا كنت قادرا على مراجعة مواقفك ورسم خُططٍ جديدة والتنازل عن بعض حقكَ وإفساح المجال لمشاركةٍ فعالة فى إدارة دفة الأمور وينسب النجاح ُفى نهاية المطاف لكَ وحدك... فهذه مرونة ٌمطلوبة كلما تأزمت الأمور...أمَا إذا كانت المبادئ نفسها عرضة للتفريط والابتذال فتنحاز إليها تارة وتتنكر لها مراتٍ... فتلك هى البراجماتية بعينها!

****** ****** ****** ***


صُناع المأزق السياسى الحالى كثيرون.....كل واحد منهم يظن أنه يسدى خدمة جليلة لنظام الثالث من يوليو ويوهن عزم أى معارضة سياسية قد تناهضه، ولا أستغرب وقوع مثل هذا ممن يسيطر عليهم نمط التفكير (الستيناتى) العتيق... مصرون للأسف على تكرار نسخة الستينيات غير مقتنعين أن العجلة التى دارت للأمام لا ترجع أبدا للخلف وأن ما لم ينفع (مبارك) لن ينفع غيره... أم تراهم يعرفون؟ تلك أدهى وأمر!


صناعة الأعداء كان فنَا أتقنه نظام (مرسى) بصورة ٍمذهلة، مع كل قرار وعند كل توجه كان يفتح على نفسه أبواب عداوات جديدة ليس فى الداخل فقط بل وحتى على المستوى الدولى... والغريب أن النظام وقتها لم يكتف بذلك، بل سعى باقتدار فى المرحلة التالية لصناعة الأعداء إلى إعطائهم جميعا المبرر الكافى ليحتشدوا ضده فى خانة ٍواحدة ينسون فيها أو يتناسون خلافاتهم ولو مؤقتا لتتوحد جهودهم باتجاه إزاحة خطر ٍيتهدد وجودهم.


واليوم يحدث الأمر ذاته وبصورة أضخم وأقسى، وكأن الحلول السياسية ومحاولة تصفير المشكلات أصبحا من أركان عالم أسطورى خيالى.


أى ُمعارض ينتقد وعينه على المصلحة العليا لا يبرحها، تُسكتونه ولا تعبأون بنصحه، بل وتتبارى القنوات الإعلامية فى تجريحه والنيل منه على طريقة (من اعترض..انطرد)... وبالمناسبة هى نفس القنوات التى لما استشعرت ضعف الحكومة وقلة حيلتها قلبت لها ظهر المجن وانهالت عليها طعنا وتجريحا... وهذا شأن «المطبلاتية» دائما، تهليل ٌلكل قرار واستئساد ٌعلى كل مخالف ٍفى الرأى، فإذا لاح الإخفاق من بعيد كانوا أعلى الناس صراخا وأسرعهم إلى الفرار ِهرولة وأبعدهم عن السداد رأيا!