ما الذى يحدث فى السجون المصرية؟ - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما الذى يحدث فى السجون المصرية؟

نشر فى : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 11:25 م | آخر تحديث : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 11:25 م

إزاء الشهادات الشخصية لضحايا والتقارير غير الحكومية المتتالية بشأن جرائم التعذيب وجرائم الاختفاء القسرى والقتل خارج القانون وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التى تحدث فى السجون وأماكن الاحتجاز فى مصر، تكتفى الجهات الرسمية فى مصر بتوظيف استراتيجياتها الأربع المعهودة فى هذا السياق؛ إنكار حدوث انتهاكات، تكذيب شهادات الضحايا، تخوين المنظمات غير الحكومية، تسفيه الكتابات الصحفية محدودة العدد التى «نتمكن» من إخراجها إلى العلن ونطالب بها بمساءلة ومحاسبة المتورطين فى الانتهاكات. أما قطاعات الرأى العام التى استطاع «إعلام الأذرع الأمنية» تزييف وعيها ودفعها إلى الاستخفاف بقضايا حقوق الإنسان والحريات، فتتراوح مواقفها بين تصديق كامل للإنكار الرسمى وتجاهل شهادات الضحايا والتقارير غير الحكومية من جهة، وبين قبول المقايضة المتوهمة للحق والحرية بالأمن ومن ثم الاندفاع إلى تبرير جرائم وانتهاكات الأجهزة الأمنية «كأعمال ضرورية» للحفاظ على أمن واستقرار البلاد وللتصدى للإرهاب.

لن أكرر اليوم تفنيد الإنكار الرسمى الذى لا يصمد طويلا أمام تواتر شهادات الضحايا، واللغة التفصيلية والمحددة التى تتسم بها بعض هذه الشهادات وتؤثر بالتبعية على مصداقيتها، وواقعية الكثير من التقارير غير الحكومية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها لأسماء ضحايا جرائم التعذيب والاختفاء القسرى والقتل خارج القانون وغيرها. كما أننى سأبتعد اليوم أيضا عن إظهار فساد مقايضة الحق والحرية بالأمن، أو التدليل على استحالة الأمن مع غياب العدل وتراكم الانتهاكات، أو مطالبة المصريات والمصريين الخاضعين لسطوة «إعلام الأذرع الأمنية» بالاستفاقة والتوقف عن الاندفاع غير الأخلاقى إلى تبرير الظلم والانتهاكات.

لن أفعل أيا من ذلك اليوم، بل سأخاطب الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية وقطاعات الرأى العام التى تبرر الانتهاكات بلغتها ومفرداتها واستنادا إلى ما تراه «الأولويات الوطنية»، موجها لها جماعيا وللسلطوية الحاكمة من ورائها الأسئلة التالية:

1) تقولون إن هدفكم هو الحفاظ على الأمن والتصدى للإرهاب والقضاء على الإرهابيين، حسنا ألا ترون أن سلب حرية الآلاف وإلقائهم وراء أسوار السجون وأماكن الاحتجاز الاخرى والعصف بضمانات التقاضى العادل والحبس الاحتياطى غير المحدد بسقف زمنى نهائى يصنع بيئة مجتمعية غير مستقرة وقابلة للعنف؟

2) ألا تعتقدون أن ممارسات التعقب المستمر لمن يعارضون السلطوية الحاكمة بسلمية ولمجموعات الطلاب والشباب والعمال التى ترفض الخضوع للقبضة الأمنية والخلط المتعمد بينهم وبين جماعات العنف، وكذلك الإجراءات القمعية التى تحاصر المنظمات غير الحكومية الرافضة للصمت على مظالم وانتهاكات حقوق الإنسان، تعمق أيضا من البيئة المجتمعية القابلة للعنف؟

3) لديكم فى الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية، مهما حاولتم الإنكار علنا وتوظيف «إعلامكم» لتزييف وعى الناس، دراية كاملة بحدوث جرائم التعذيب والاختفاء القسرى والقتل خارج القانون وغيرها من الانتهاكات وبعضكم يتورط فيها بصورة مباشرة وجميعا تتحملون مسئوليتها القانونية والمجتمعية غير القابلة للإسقاط. ألا تظنون أن هذه الجرائم والانتهاكات تجعل من السجون وأماكن الاحتجاز «مصنعا جماعيا» للتطرف والعنف وتزج بالعديد من المسلوبة حريتهم إلى خانات خطيرة بها أفكار راديكالية بالية، وبها قبول كارثى للمبررات الفاسدة للعنف الشعبى ولحمل السلاح ضد مؤسسات وأجهزة الدولة، وبها غواية التحاق بعض الشباب بجماعات العنف والإرهاب؟

4) هل أنتم على وعى بما تفرضه الجرائم والانتهاكات على البيئة المجتمعية المصرية من «مفردات انتقامية» تهدد السلم الأهلى، وتقوض الثقة العامة فى مؤسسات وأجهزة الدولة، وتدخلنا فى الدوائر اللعينة للعنف والعنف المضاد، وتعصف من ثم بالفرص الفعلية لتحقيق الأمن والاستقرار، والقيمتين دوما وثيقتا الصلة بحضور العدل وغياب الظلم؟

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات