الزاهدون فى الوزارة - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الزاهدون فى الوزارة

نشر فى : الثلاثاء 24 يناير 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 يناير 2017 - 9:25 م
موقف لم يعد سرا أن هناك من يعتذرون عن قبول مناصب وزارية، وهذه الحالة ليست فى مواجهة حكومة شريف اسماعيل فقط، فهى حالة ممتدة منذ ما يقرب من ست سنوات، وبالتحديد منذ عام 2011م. فى الخبرة المصرية المنصب الحكومى، ناهيك عن الوزارة، له بريقه، يسعى البعض له بالمشوار كما يقال، وهناك فى ثقافة التندر شخصية «عبدة مشتاق» الذى يريد أن يكون وزيرا، فى أى وزارة لا يهم، الأمل أن يكون وزيرا، ثم يظل يتحرك فى المجال العام بمسمى وزير سابق بعد ترك الوزارة. الحال تبدل الآن، هناك من لا يريد الوزارة، ويرى أنه عبء، أكثر من كونها منصبا وجاها. هذه الحالة حصيلة جملة من الأسباب. منها أن المنصب لم يعد مغنما، فالعائد المادى ليس مبهرا، ويمكن للشخص المعروض عليه المنصب من أصحاب الكفاءات أن يحصل على أضعافه خارج العمل الحكومى. ومن الأسباب أيضا أن الخيارات المتاحة أمام أى وزير لأسباب مالية وفنية أصبحت محدودة، أو هى تحرك فى الهامش أكثر منه فى القلب، مما يجعل اللاحق مثل السابق، الكل يتحرك فى مجال محدد، ليس له مساحة واسعة من الاختيار، حلم الإصلاح الشامل فى ظل جهاز إدراى عتيق ومترهل غير قابل للتحقق، ولاسيما أن المسألة تحتاج إلى إرادة سياسية، وموارد مادية كبيرة، ورغبة فى إعادة رسم الخريطة السياسية والاجتماعية فى المجتمع، وهذه جميعا تتجاوز صلاحيات وسلطات الوزير أى كان. وأخيرا فإن الإعلام يلعب دورا فى تطفيش الناس من قبول وظائف عامة. أحيانا تختلط المساحات ما بين النقد والافتئات والابتزاز فى الرسائل الإعلامية، وتتعرض شخصيات عامة كثيرة لتجريح، ونيل من الكرامة، والمصداقية فى أوساط اجتماعية على نحو يجعل البعض غير مرحب بدخول المعترك من الأساس.
وفى أحيان كثيرة يطالب الإعلام بالحرية لكنه يظهر تبرما من تحمل المسئولية، أو الاعتراف بالخطأ.

باختصار «الشيلة ثقيلة» فى عيون بعض الكفاءات التى تؤثر السلامة، وتخشى أن «تحرق نفسها» بالتعبير الدارج، فالوضع الاقتصادى صعب، والاختيارات المتاحة محدودة، والإمكانات المادية معوقة، وتطلعات الناس فى تصاعد، والشكوى والضجر لا يتوقف، وخبرة السنوات الماضية غير مشجعة على العمل العام، والبعض يخشى وعنده حق من ألاعيب ودهاليز البيروقراطية التى قد تضعه فى مواقف صعبة إذا لم يعرف كيف يضبط أداءها. وهذه فى ذاتها معضلة لأن الوزير فى الخبرة الديمقراطية منصب سياسى لا يتدخل فى الإدارة اليومية، ولكنه فى الخبرة المصرية، على العكس، معظم وقته يذهب فى الأعمال الإدارية اليومية أكثر من السياسات العامة.

إجمالا أن يعتذر البعض عن منصب وزارى ليس حالة جيدة، لأن المناصب العامة تحتاج إلى كفاءات، وتضحية، ورغبة فى الخدمة العامة، لا أظن أن كثيرين ينقصهم ذلك، بل على العكس أن الكثير يريد أن يكون فى خدمة البلد، لكن، وهذا حقهم، يريدون أن يأخذوا فرصتهم كاملة فى سياق يشجع على الإبداع.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات