النجاة بمصر ــ ملاحظات تأسيسية (3) - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النجاة بمصر ــ ملاحظات تأسيسية (3)

نشر فى : الجمعة 24 أبريل 2015 - 9:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 24 أبريل 2015 - 9:40 ص

إذا كانت أهمية الانتصار لمقوم الديمقراطية تنبع من ضرورته لإخراج مصر من متواليات الاستبداد والإرهاب والتخلف المحيطة بنا، فإن الانتصار لمقوم سيادة القانون يمثل ضرورة كبرى ثانية. فقط سيادة القانون هى التى تضمن المساواة بين جميع المواطنات والمواطنين وفقا لمبادئ راسخة، فقط هى التى تصون حقوقهم وحرياتهم ومبادراتهم الطوعية ــ فردية وجماعية ــ إزاء نزوع الدولة الدائم لإخضاع المواطن والسيطرة على المجال العام، فقط هى التى تنص على قواعد التقاضى العادل ومن بينها براءة المتهم حتى تثبت إدانته ومحاكمته أمام قاضيه الطبيعى.
اليوم فى مصر، يستدعى الانتصار لمقوم سيادة القانون ما يلى:

1) المطالبة باعتماد قانون لحرية تداول المعلومات ملزم لمؤسسات وأجهزة الدولة. فلا مساواة فعلية بين المواطنات والمواطنين ولا حماية لهم إزاء نزوع الدولة لإخضاعهم دون إقرار حقهم فى المعرفة وفى الحصول على المعلومات المتعلقة بالشأن العام دون حجب أو حذف أو اجتزاء.
2) الضغط السلمى والعلنى لسد الثغرات فى البنية الدستورية والقانونية المصرية لجهة ضمانات الحقوق والحريات – نحتاج على سبيل المثال لتحديد قانونى قاطع لجرائم التعذيب وعقوباتها، ولتنقية المواد الدستورية والقوانين من نصوص قديمة وحديثة تعصف بحقوق وحريات المواطن، وتهدد قواعد التقاضى العادل، وتفتح الباب واسعا لتوظيف غير عادل للقانون يتعقب ويقمع ويظلم الفقراء وليس الأغنياء، الضعفاء والمهمشين وليس الأقوياء والقادرين، المختلفين مع منظومة الحكم/ السلطة ومعارضيها وليس جموع المؤيدين والمنتفعين والسائرين فى الركب والصامتين خوفا.
والإشارة هنا إلى نصوص دستورية وقانونية تقضى بجواز محاكمة المدنيين عسكريا، وتتوسع فى اختصاصات القضاء العسكرى، وتلغى الحد الزمنى الأقصى للحبس الاحتياطى، أو تتسم بصياغات مطاطية ــ كما فى تعديلات قانون العقوبات وفى قانون الإرهاب والكيانات الإرهابية ــ ليس لها غير أن ترتب تراكم المظالم والانتهاكات.

3) الضغط السلمى والعلنى لصون مرفق العدالة ــ القضاء ــ من الاختلالات التى يحدثها به تطبيق نصوص التعقب والقمع والظلم ونصوص الصياغات المطاطية هذه، وحمايته من اهتزاز الثقة العامة به بفعل تراكم المظالم والانتهاكات.
4) مراقبة ومساءلة ومحاسبة مرافق إنفاذ القانون المتحصنة باستخدام قوة الدولة الجبرية، وفى مقدمتها وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، لجهة الالتزام بمبادئ سيادة القانون وضمانات حقوق وحريات المواطن. ويرتبط بذلك توثيق جميع الانتهاكات التى تتورط بها مرافق إنفاذ القانون، والكشف العلنى عنها، والضغط السلمى من أجل الوصول إلى مساءلة ومحاسبة منضبطة وإلى جبر للضرر عن الضحايا ــ اليوم، على سبيل المثال، تتواتر أنباء حالات التعذيب والموت داخل أماكن الاحتجاز الشرطية وإساءة استخدام القوة الجبرية والسلطة الرسمية من قبل بعض عناصر الأجهزة الأمنية، وجميع ذلك يستلزم المساءلة والمحاسبة.
5) الضغط السلمى والعلنى لتطبيق مبدأ الرقابة القانونية الشاملة لكافة مؤسسات وأجهزة الدولة ــ المنتخبة والمعينة، وخضوعها دون استثناء لآليات وإجراءات المساءلة والمحاسبة القضائية. وليس لغياب مبدأ الرقابة القانونية الشاملة أو لضعف تطبيقه من نتائج سوى حضور دولة الاستبداد والمؤسسة الواحدة والحاكم الفرد.

6) ولأن النواقص الراهنة بشأن سيادة القانون ذات صلة عضوية بالأحداث المتتالية منذ صيف 2013، يستدعى تجاوزها التمسك بالإدانة المبدئية للمظالم والانتهاكات التى تورطت بها مؤسسات وأجهزة الدولة فى فض اعتصامى رابعة والنهضة أو فى التعامل مع الفعل الاحتجاجى لجماعة الإخوان وأنصارها بعد 3 يوليو 2013 والمطالبة بالمساءلة والمحاسبة وجبر الضرر فى إطار منظومة للعدالة الانتقالية ــ تماما كما ينبغى دون معايير مزدوجة إدانة ممارسات الخروج على القانون والعنف التى حدثت فى الاعتصامات أو تكررت فى مسيرات ومظاهرات الإخوان وارتبطت بخطاب كراهية ضد المجتمع وبتبرير فاسد لحمل السلاح وللإرهاب وللقتل، والمطالبة بمساءلة ومحاسبة قانونية منضبطة للمتورطين والمحرضين.
7) التمسك بموقف الإدانة المبدئية للمظالم والانتهاكات التى تتورط بها مؤسسات وأجهزة الدولة ضد شباب وطلاب ومواطنات ومواطنين يرفضون السلطوية الجديدة ويأبون الصمت عن القمع وتهجير المواطن من المجال العام، تماما كما ندين الخروج على القانون والنظام العام وممارسات العنف من قبل نفر من المواطنين ونطالب بمحاسبتهم.
غدا أتابع.. غدا، هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات