رؤية متشائمة لدبلوماسى خليجى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 10:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رؤية متشائمة لدبلوماسى خليجى

نشر فى : الأحد 24 يونيو 2018 - 9:10 م | آخر تحديث : الأحد 24 يونيو 2018 - 9:10 م

قبل نهاية شهر رمضان بيومين، التقيت مع دبلوماسى عربى كبير بالمصادفة فى حفل إفطار فى منزل أحد الأصدقاء. مجمل حديث الدبلوماسى كان قاتما إلى حد كبير فيما يتعلق بمستقبل المنطقة العربية.
هو يخشى أن يكون الأسوأ لم يأت بعد، وأننا إذا لم ننتبه فربما ننجرف كافة إلى حال أصعب مما يتخيله أشد المتشائمين.
هو يعتقد أن هناك تخطيطا لتفكيك المنطقة بأكملها. لكن مادامت مصر والسعودية حافظتا على تماسكهما، فإن كل المخططات ستفشل. لكن المشكلة أن تكون هناك سياسات داخلية تساعد الأعداء على تنفيذ المخطط.
فى تقديره أن ما يحدث من تطورات فى السعودية مهم للغاية، لكن ينبغى الحذر والحرص الشديد، وعدم الدخول فى مواجهات مفتوحة مع قوى مجتمعية تتمتع بأرضية كبيرة، كما لا ينبغى أن يتم تصوير الأمر باعتباره صراعا ضد الدين، بل نضال من أجل تغيير الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين.
فى تقديره أيضا أن هناك ممارسات فى السعودية لابد من الانتباه إليها، وتخالف تماما الطريقة المعهودة فى التعامل مع الآخرين، وتسىء للملكة أكثر مما تفيدها، وتجعلها تدخل فى صراعات مع قطاعات شعبية عربية كثيرة بسبب تصرفات فردية متهورة.
هذا الدبلوماسى ــ المنتمى لدولة خليجية ــ يقول إننا كعرب أخطأنا خطأ فادحا حينما وثقنا أكثر مما ينبغى فى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى أهان العرب والمسلمين، كما وجه إهانات خاصة لدول الخليج، وتعامل معهم باعتبارهم «أجولة من الأرز ممتلئة بالمال لا تعرف كيف تنفقه!!!».
ما يغضب الدبلوماسى العربى، أن ترامب لا يكلف نفسه حتى عناء مجاملتنا، أو احترامنا، بل يصر على إهانتنا كل يوم بطرق مختلفة، ويريد منا أن نضخ كل ما نملك من أموال فى شرايين اقتصاد بلاده، أو نقدمها «كاش» نظير الحماية الأمريكية!.
من مصلحة أمريكا كما يقول هذا الدبلوماسى، أن تستمر الخلافات العربية العربية، والخلافات العربية الإيرانية، بل وأن تنشب الحرب بينهم، حتى تستمر مبيعات السلاح، وتزداد الحاجة إلى الدور الأمريكى، من أجل الحماية. وبالتالى فليس مستغربا أن تسعى الولايات المتحدة ومن خلفها إسرائيل فى دفع العرب بكل الطرق لمحاربة إيران، حتى ينتهى الأمر باستنزاف الطرفين معا، ولا تتكلف إسرائيل ثمن رصاصة واحدة فى هذه الحرب، التى إذا نشبت ستعيد الخليج قرونا للوراء.
الدبلوماسى الخليجى متشائم جدا أيضا من إمكانية حل الخلاف بين كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين من جهة وبين قطر. هو يرى أن احتمالات تطور هذا الخلاف إلى درجة أسوأ واردة جدا، وأن زيارة تميم أمير قطر الأخيرة للكويت، كانت زيارة مجاملة رمضانية، ولم تكن مخصصة بالأساس لبحث أفكار جديدة. لكن الكويت سألت قطر: ما هو الجديد الذى تملكونه ويمكن تقديمه للبلدان الأربعة، حتى يمكن استئناف الحديث عن التسوية؟. وكانت الإجابة عامة جدا والحديث عن استعدادها للجلوس وبحث المشكلة من كل جوانبها.
طبعا هذا الرد ليس حلا، وعلى أرض الواقع فإن الإجراءات القطرية العملية تعتبر تصعيدا للأزمة وليس سعيا لحلها. وفى تقدير هذا الدبلوماسى فإن الجهود الأمريكية للحل غير مثمرة، وربما على أطراف الأزمة أن يسألوا: وهل من مصلحة واشنطن حل هذه المشكلة، مادامت هى الأكثر استفادة من استمرارها، خصوصا أنها تبتز طرفى الأزمة للإيحاء بأنها تقف مع كل منهما على حدة!.
الدبلوماسى الخليجى الذى خدم فى مصر منتصف الثمانينيات، يقول إن الأمل أن تعود مصر لسابق دورها المحورى والرائد فى المنطقة العربية.
هو يتمنى كمواطن عربى ــ محب جدا لمصرــ أن تركز على التعليم والبحث العلمى وأن تعود قوتها الناعمة مرة أخرى. ويتمنى أن يرى «وسط البلد» مليئة بالحدائق والأشجار والخضرة وليس بالأبراج الأسمنتية. يسأل :ما فائدة أن تنقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية، كى تخفف الضغط السكانى، فى حين أن هناك تفكيرا فى بناء أبراج فى ماسبيرو والوراق ومناطق أخرى ستزيد من التكدس السكانى فى نفس المنطقة؟!.
هو يقول إن مؤامرات الخارج ضد العرب لا تنجح إلا بسبب جهلنا وتخلفنا وإنقساماتنا. والحل أن نبدأ فى مصالحة أنفسنا أولا داخل بلداننا، وان يكون هناك موقف عربى موحد ولو فى الحدود الدنيا. وبعدها يمكن حل معظم القضايا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي