نوبل للسلام تنتظر ظريف وكيرى - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نوبل للسلام تنتظر ظريف وكيرى

نشر فى : الجمعة 24 يوليه 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 24 يوليه 2015 - 9:05 ص
اختار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن يُذكر أعضاء الكونجرس الأمريكى، أثناء خطابه النارى فى مارس الماضى لحشدهم ضد مفاوضات الملف النووى الإيرانى، بسجل وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف. وقال نتنياهو «قبل عامين ألحوا علينا كى نمنح الرئيس روحانى ووزير خارجيته جواد ظريف فرصة لإحداث تغيير ودعم معسكر الاعتدال فى إيران، إلا أن وزير الخارجية ظريف الذى يستلطفه الدبلوماسيون الغربيون، زار قبر الارهابى اللبنانى عماد مغنية الذى قتل وأسال دماء أمريكيين أكثر من أى إرهابى آخر باستثناء أسامة بن لادن، لذا أتمنى أن يسأله أحد عن هذا الفعل». وأدرك نتنياهو مبكرا إمكانيات جواد ظريف الاستثنائية، وبالطبع لا يزعج الإسرائيليين أكثر من عدو لهم يفهم الولايات المتحدة والغرب ويستطيع أن يحاكى نظرائه الغربيين بالحجة والمنطق والأسلوب المتبع لديهم، ناهيك عن معرفته الواسعة بتفاصيل نمط الحياة الأمريكية. ويتمتع ظريف بهذه الصفات رغم ولائه التام للنظام الإسلامى المتشدد الحاكم داخل إيران. ورد ظريف على اتهامات نتنياهو بالقول: «إنه يجب على العالم ألا يسمح للزعيم الإسرائيلى المتطرف بتقويض السلام.. تحاول إسرائيل منع السلام من خلال الذعر والتزوير، والدعاية وخلق جو كاذب حتى داخل بلدان أخرى». 
ورغم الهجوم الإسرائيلى السابق فقد ارتفعت أسهم وزيرى الخارجية الإيرانى جواد ظريف، ونظيره الأمريكى جون كيرى، إثر توقيع إيران والدول الكبرى الست الاتفاق النووى الأسبوع الماضى مما يجعل من ترشحهما وفوزهما بجائزة نوبل للسلام للعام المقبل رهانا شبه مضمون. وعقب التوقيع على الاتفاق قال كارل بيلدت رئيس الوزراء السويدى السابق فى تغريدة عبر موقع تويتر بعد الإعلان عن الاتفاق الإيرانى: «أعتقد أن عمل لجنة نوبل.. هذا العام قد أصبح أكثر سهولة».

***

ولد جواد ظريف عام 1960 فى طهران. ويعتبر ظريف شخصية من صلب النظام الإسلامى ومن مؤيدى مدرسة علنية الأنشطة الدبلوماسية. وهو دبلوماسى ومفكر ومحاضر أكاديمى محترف له العديد من الكتب والأبحاث الجادة فى مجال السياسة الخارجية والقانون الدولى. ويحمل ظريف شهادة دكتوراه فى القانون الدولى من جامعة دينفر فى ولاية كولورادو، ويحمل كذلك درجة الماجستير فى العلاقات الدولية من جامعة سان فرانسيسكو. وبسبب السنوات التى امضاها ظريف فى الولايات المتحدة أصبح ظريف عرضة لانتقادات المحافظين المتشددين واستبعده الرئيس السابق محمود احمدى نجاد فى 2007 من العمل الحكومى. ورغم عودته بعد انتخاب روحانى عام 2013، إلا أن متشددى إيران لا يروق لهم «سياسة الابتسامة» التى يقولون إنه ينتهجها كأسلوب عمل لأنها تقدم تنازلات كبيرة أمام أمريكا. إلا أن جواد ظريف وقف يوم الثلاثاء الماضى أمام نواب برلمان بلاده ذى الأغلبية المحافظة ليدافع بقوة عن الاتفاق النووى، وأكد لهم أن المفاوضات الماراثونية أثبتت للجميع أن إيران لن تقدم أى امتيازات أو تنازلات، ولن تعدل بخطوطها الحمراء تحت أى ضغوط كانت، حسب وصفه. ولا ينتظر أن يعترض البرلمان الإيرانى على مراجعة بنود الاتفاق لثقتهم الكبيرة فى مفاوضيهم ولمباركة الاتفاق من جانب المرشد الأعلى للثورة الإيرانى آية الله على خامئنى.

***

جاء جون كيرى للخارجية الأمريكية خلفا لهيلارى كلينتون، وقبل ذلك لمع نجم جون كيرى وسط الحزب الديمقراطى كسيناتور عن ولاية ماساتشوستس، وهو مرشح رئاسى سابق خسر أمام جورج بوش عام 2004. وتفهم كيرى رغبة رئيسه المباشر وزميله السابق فى مجلس الشيوخ باراك أوباما فى بداية جديدة مع إيران أساسها التوصل لاتفاق نووى يحرم إيران من السلاح النووى ويرفع العقوبات عنها. وبسبب مشاركة كيرى لسنوات فى حرب فيتنام، لا يشكك أعضاء الكونجرس ذو الأغلبية الجمهورية المعارضة للاتفاق فى مصداقية كيرى ولا فى تاريخه العسكرى. وردا على الحملة الإسرائيلية ضد الاتفاق قال كيرى مشيرا إلى رئيس الوزراء نتنياهو بعد كلمته أمام الكونجرس إن «منتقدى الاتفاق النووى قيد التفاوض مع إيران لا يعرفون عما يتحدثون». وأثبت كل من ظريف وكيرى خلال الـ 21 شهرا من المفاوضات الماراثونية أن الرجلين يستمتعان بقدر كبير من التصميم والتركيز على الهدف النهائى. ورغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن منذ 35 عاما، إضافة لوجود خلافات عميقة وهيكلية بينهما فى العديد من القضايا الأخرى، إلا أنهما تغلبا على كل الشكوك المتبادلة والمشكلات المتكررة وصولا للتوقيع على الاتفاق النهائى.

***

لا يشترط لحصول ظريف وكيرى على جائزة نوبل للسلام أن يساهم الاتفاق فى دعم الاستقرار فى المنطقة كلها، أو أن تغير إيران سياستها للعب دور إيجابى على الصعيد الإقليمى. لا يختزل العالم من حولنا ولا يربط بين قضية الملف النووى الإيرانى وبقية مشاكل الشرق الأوسط وأزماته. بالطبع لا يوجد شىء مؤكد تماما، كما أن التورط الإيرانى فى سوريا والعراق واليمن، واحتمال استمرار تدهور الأوضاع فيها، قد يلقى بظلاله على موضوع منح ظريف جائزة نوبل من ناحية. ومن ناحية أخرى قد تترد اللجنة المانحة للجائزة فى إعطائها لجون كيرى بسبب دعمه للحرب على العراق أو لقربه الشديد من الرئيس أوباما الذى مُنح الجائزة ذاتها على عجل عام 2009 خلال أيام حكمه الأولى، وهو ما اعتبر سوء تقدير من اللجنة واختيارا غير مبرر. قد ينافس بابا الفاتيكان فرانسيس الأول أو ربما يستحقها من بذل الجهد وراء جهود المصالحة بين حكومة كولومبيا والمعارضة الماركسية المسلحة، إلا أن تخلى دولة عن إنتاج سلاح نووى، رغم قدرتها على ذلك، له تقدير خاص لا ينازعه فيه قيمة أى جهود تدعو وتعمل لتحافظ على السلام الدولى.
محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات