٢٣ يوليو ــ ٢٥ يناير: السؤال القديم الجديد - أيمن الصياد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

٢٣ يوليو ــ ٢٥ يناير: السؤال القديم الجديد

نشر فى : الأحد 24 يوليه 2016 - 8:15 ص | آخر تحديث : الأحد 24 يوليه 2016 - 11:11 ص

قبل أيام من الاحتفال «المعتاد» بالثالث والعشرين من يوليو، وفي أجواء سادها اللغط حول «مجانية التعليم»، والإبقاء على فرص "متكافئة" في الالتحاق بالجامعات «الحكومية»، كان لافتا (لا مفاجئا) أن نشهد هذا الأسبوع تحت قبة برلمان ٣٠ يونيو (التي زعموا أنها تستند إلى شرعية ٢٣ يوليو) هذا العداء السافر لما جرى في ٢٥ يناير، مما يستدعي - تحريرًا لمفاهيم التبست - السؤال القديم الذي سبق أن اجتهدنا في الإجابة عليه هنا: هل كانت يناير انقلابا على يوليو أم أنها كانت ضرورة من ضروراتها؟

هل كانت يناير انقلابا على يوليو أم أنها كانت ضرورة من ضروراتها؟ وكيف كان في محاولة إجهاض هذه وتلك عصفا بآمال هذا الشعب في الحرية والعيش الكريم؟

والحاصل، أن في أجواء الهيستريا والشيزوفرينيا الحاكمة لتفكير الواقفين على ضفتي الاستقطاب في مصر (والتي زادت بما جرى في تركيا)، لم تعجب يومها الإجابةُ أحدا. ولذا أحسب أن التذكير بها (ولو في ذلك تكرار غير مستحب)، تنبيها للمتمترسين في هذا المربع كما في ذاك قد يكون فيه بعض الفائدة.

الملاحظة المبدئية، قبل الاجتهاد في الإجابة على السؤال، قد تتمثل في مفارقة أن  الباحث الذي يحاول أن يجري تحليل مضمون لخطاب طرفي الاستقطاب هذين قد يفاجأ بالاتفاق التام بينهما في أن دعاية كل منهما «المعلنة أو المستترة» قد حاولت، بكل دأب أن تضع علاقة ما جرى في يناير بالنسبة لـ ٢٣ يوليو في الخانة ذاتها. «ثورة على دولة يوليو» كما يقول الأولون، أو «هدما لدولة يوليو»، كما يقول الآخرون. وأخشى أن كثافة الدعاية، على تناقضها قد ساعدت على تشويش فكر جيل جديد قد لا يُحسب ابتداءً على هذا الطرف أو ذاك. 

هل كانت ٢٥ يناير انقلابا على ٢٣ يوليو أم هي ابنة شرعية لها؟

وكيف كان في محاولة إجهاض هذه وتلك عصفا بآمال هذا الشعب (العربي لا المصري فقط) في الحرية والديموقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم؟

***

إذ يَلحَظُ  القاصي والداني محاولات متعسفة لاستحضار الصور لا مضمونها، غافلة عن حقائق العصر وقوانينه وسياقاته. وعن حقيقة أن يوليو كانت قبل ستين عاما قفزة إلى الأمام ضرورية وواعدة، لا عودة إلى الخلف مربكة ومحبطة. يصبح التذكيرُ بما كان، والتحذيرُ مما هو كائن فرضَ عين وواجبَ ضمير على كل من كان مثلنا من جيل يوليو الذي شاهد الأحلام الكبيرة والإخفاقات الكبيرة، وعرف «بالتجربة» أين كان مكمنُ «الخطأ». وتعلم في أيام يناير «المفاجئة» والعظيمة قيمة ما جاءت به أدبيات يوليو من أن «الشعب هو القائد والمعلم».

في حقائق العصر وصور المستقبل، التي غفل عنها الغافلون: أن هذا زمنُ الجماهير لا القصور، وأن هذا زمنُ الشباب المدرك والمنفتح بحكم ثورة الاتصالات على طموحات عصره، لا زمن أولئك المستكينين المستعبَدين لما اعتادوه، أو المجتَرّين لذكريات «النوستالجيا»، والنافخين لغبار تراكم على الأوسمة القديمة.

في حقائق العصر وشواهده الدامغة، أن حائط برلين سقط ليعلن بوضوح أن «الحريات» تصنع الدول القوية، وأن الاستبداد، مهما تجمل بخطابات الزعماء أو بالاستعراضات العسكرية المهيبة، أسقط دولا وإمبراطوريات كانت قد أخذت مكانها المرموق الذي تستحق بما حققته في الحرب الكونية الثانية، قبل أن تنهشها تدريجيا «أوليجاركيا» الفساد والقمع والنخب الحاكمة. 

في حقائق العصر وشواهده الدامغة، أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. وأن لا ديكتاتور إلا وَقاد بلاده إلى الهاوية، مهما كان قد حقق من انتصارات حقيقية أو مزيفة، فالاستبداد في نهاية المطاف كفيل بهدم كل إنجاز مهما كانت قيمته.. والعبرة كما تعلمنا «بالخواتيم». 

•••


علمتنا حلاوةُ الانتصارات، ومرارةُ التجربة تلو التجربة: أن كل ما أعطته لنا هذه الثورة مهددٌ بالضياع ما لم نعمل على استكمال أهدافها المعلنة

عندما كنا صغارا، كنا نقرأ على الغلاف الأخير لدفاترنا المدرسية أن أهداف ثورة يوليو ستة. (من بينها نصًا: «إقامة حياة ديموقراطية سليمة») وعندما كنا طلابا في الجامعات، التي ربما لم نكن لنقترب من أبوابها، لولا هذه الثورة ــ علمتنا حلاوةُ الانتصارات، ومرارةُ التجربة تلو التجربة: أن كل ما أعطته لنا هذه الثورة مهددٌ بالضياع ما لم نعمل على استكمال أهدافها المعلنة. بل وأن هذا الهدف السادس تحديدا «إقامة حياة ديموقراطية سليمة» هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على كل ما تحقق من أهداف، وللوفاء لكل ما أُريق من دماء وعرق، إنْ في حروب لم تتوقف يوما مع العدو الصهيوني، أو في بناءٍ لصروح وقلاع صناعية وثقافية شهدتها مصر الستينيات.

أدرك الشباب (طلاب الجامعات) في ١٩٦٨ أن غياب الحريات «الكاشفة»، والاستسلام لتخدير الآلة الإعلامية الدعائية كان وراء ضياع الحلم سرابا في صحراء سيناء القاسية في تلك الأيام الحزينة من صيف ١٩٦٧، وأن الحياة الديموقراطية السليمة هي الضمان الوحيد للحفاظ على «جيش وطني قوي» كانت إقامته ضمن تلك الأهداف الستة.

وأدرك الشباب في ١٩٧٧، أن ديموقراطية زائفة لن تحول دون تغول «دولة الفرد الواحد»، وإن ارتدى العباءة واعتبر نفسه «كبير العائلة» في تجسيد فاضح لثقافة أبوية وقفت لقرون عائقا أمام تقدم هذه المنطقة من العالم. كما أدركوا حين خرجوا في «مظاهرات الخبز» أن غياب الحريات الحقيقية «الكاشفة دون خوف لما يجري وراء السُتر»، كان كافيا لإنبات بذور دولة الفساد «الاقتصادي»، ولنشأة طبقة «الباشوات الجدد» ولتهديد واقعي «للعدالة الاجتماعية» التي كانت أيضا أحد أهداف الثورة الستة وأحد نجاحاتها الحقيقية. 

ثم كان أن أدرك الشباب الذين خرجوا في ٢٥ يناير ٢٠١١ مطالبين «بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية» أن «أوليجاركيا» الاستبداد والفساد والقمع قد أوشكت أن تنهي «واقعيا» كل ما جاءت به يوليو الواعدة تلك. «فالملكية الوراثية»، عادت أو أوشكت وإن تدثرت بعلم الجمهورية. «وسيطرة رأس المال على الحكم» تجاوزت مصاهرات السبعينيات، لتسفر عن وجهها بلا حياء في وزارات مبارك، وانتخابات ٢٠١٠. «والإقطاع» يعود آلافا من الفدادين يحتكرها / أو ينهبها هذا وذاك من المحظوظين القريبين من دوائر السلطة والنفوذ. «واحتكار» النفوذ، السياسى أو الاقتصادي صار مألوفا تتوارثه النخب الجديدة. «والعدالة الاجتماعية» باتت واقعيا أثرا بعد عين. بعد أن صار كلٌ بقدر ما يملك، لا بقدر ما يعمل أو يتعلم. (هل تذكرون حكاية عبد الحميد شتا؛ الشاب المتفوق الذي انتحر بعد أن رفضوا تعيينه في وظيفة يستحقها لا لشيء إلا لكونه ابن مزارع بسيط). 

لم تكن تلك وحدها علامات الانقلاب على كل ما جاءت به يوليو، أو قررت أهدافها الستة، بل امتد أثر الانقلاب لينخر في جذور ثقافة مساواة كانت قد بدأت في التكون. إذ لم يعد «كلنا سيد في ظل الجمهورية» كما كنا نقرأ على جدران مدارسنا الابتدائية في ذلك الزمان البعيد. بعد أن عادت الألقاب ذاتها (الباشا والبك)لا يمنحها ولى النعم هذه المرة، وإنما تمنحها تلقائيا علامات «الرتب» اللامعة على أكتاف البزات الرسمية.

جاءت ٢٥ يناير إذن لتنقذ ٢٣ يوليو التي كانت قد ضاعت واقعيا أو كادت. ولم يكن من قبيل المصادفة أبدا أن تكون جُل أغاني الميدان طوال الثمانية عشر يوما المجيدة تلك هي إعادة انتاج «تلقائي عفوي» لأغنيات يوليو التي نعرف ويحفظها جيلنا: «عاش الجيل الصاعد..»، و«ثوار لآخر مدى»، و«على باب مصر تدق الأكف»… إلى آخر أناشيد الثورة والعنفوان والحلم. كما لم يكن أبدا من باب المصادفة أن تعود الحياة للأغنية الوطنية الحقيقية بعد أن كان قد جف إبداعها لثلاثين أو أربعين عاما، فتذكرنا أنغام وعايدة الأيوبي وحمزة نمرة.. وغيرهم بأم كلثوم وصلاح جاهين وعبدالحليم حافظ.

•••

جاءت يناير (قبل أن يجهضها المجهِضون) لتنقذ يوليو من أولئك الذين تنكروا لمبادئها في المساواة والعدالة الاجتماعية وإقامة حياة ديموقراطية سليمة

ككل حركات التحرر الوطني التي عرفها عالمنا العربي في منتصف القرن الماضي (من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر)، عرفت يوليو «الخالصة النقية» طفيليات المزيفين المتسلقين المتزلفين إليها، الذين يعملون واقعيا (وإن تحت شعارات ولافتات جديدة) على إعادة أسس النظام التي كانت قد جاءت أصلا لهدمه وإسقاطه، وشهدنا كيف استثمر هؤلاء (هنا وهناك) غياب الحريات والديموقراطية «الحقيقية» في إعادة إنتاج الباشوات والبكوات والنخب الضيقة الحاكمة، وإن على أسس جديدة، (ببزات عسكرية أو حزبية) بديلة عن «الاسموكنج» والياقات البيضاء. وكانت روح يوليو الشعبية الحقيقية دائما تقاوم. هل تذكرون مظاهرات الطلبة في ١٩٦٨ وفي السبعينيات؟ وهل تذكرون بيان ٣٠ مارس وأغنيات الشيخ إمام؟ (شيء من ذلك بالمناسبة جرى في كل قطر عربي مر بالتجربة ذاتها).

عرفت يوليو (وأساء إليها) أولئك المتسلقون الملتصقون بكل سلطة، أعيان الثلاثينيات والأربعينيات الذين تناسخوا (أو أنتجوا أشباههم، وإن اختلفت أحيانا الأسماء والألقاب) في تنظيمات السلطة كلها من الاتحاد القومي فالاشتراكي. وحتى الحزب الوطني، ودعم مصر.

•••

يعرف جيلنا؛ الذي تمسك بأحلام يوليو ووقف إلى جانب عبدالناصر بعد هزيمة ١٩٦٧، لا يضع أمامه هدفا غير «إزالة آثار العدوان» أن أكبر خطايا يوليو (بغض النظر عن سياقات وظروف مفهومة) هي خطيئة الترويج «للحاكم الفرد» وعدم إرساء دعائم ديموقراطية حقيقية، ودولة مؤسسات قوية يحكم فيها الشعب نفسه بنفسه بواسطة حكام مدنيين لا يكونون أسرى لثقافة البيعة، ولا السمع والطاعة، ولا التراتبية العسكرية. يعرف جيلنا ذلك، ويعرفه مثقفوه وفنانوه (اقرأوا نجيب محفوظ وأحمد مطر وشاهدوا يوسف شاهين) بل ولا أظنني مبالغا لو قلت أن عبدالناصر نفسه عرف ذلك حيا عندما وصلته أنباء ما جرى في سيناء (اقرأوا هيكل، وراجعوا خطاب التنحى وبيان ٣٠ مارس ١٩٦٨) وعرفه ميتا عندما انقلب عليه أسلافه؛ انفتاحا منفلتا «وقططا سمانا» وصلحا غير عادل. فلم يجد في صفوف الجماهير «الغائبة» من يدافع عن ثورته وقراراته وعدالته الاجتماعية وحرصه على استقلال وطني كامل وحلمه في وحدة عربية. 

من يعرف من جيل يوليو ذلك (قبل أن تغسل الأدمغةَ الآلةُ الإعلاميةُ الكاذبةُ الماكرة) رأى في جيل يناير امتدادا طبيعيا لأحلامه المجهضة. وأملا واعدا في إنقاذ مبادئ ثورته التي كانت قد نالت من نضارة حيويتها تجاعيد الزمان والمؤامرات «والتجربة والخطأ».

أتذكرون:

«فجأة هز الدنيا صوتكو..

والحياة رجعت بموتكو..

والسنة اتسمت يناير..

شيلتو عن عيننا الستاير..

واحنا ليكم مديونين»

•••

الديموقراطية التي وضعتها ثورة يوليو بين أهدافها، ليست ترفًا لا نقدر عليه، كما يتصور البعض أو يحاول إيهامنا

جاءت يوليو لتنقذ مصر من التبعية والاستعمار، ولتنقذ المصريين من العبودية والإذلال.

وجاءت يناير (قبل أن يجهضها المجهِضون) لتنقذ يوليو من أولئك الذين تنكروا لمبادئها في المساواة والعدالة الاجتماعية وإقامة حياة ديموقراطية سليمة. فيناير إذن وباختصار هي الابنة الشرعية ليوليو، والذي ينقلب عليها، بحسن نية، أو بغيرها أو استمراء لثقافة اعتادها لا تعرف حريات أو ديموقراطية و(مهما ارتدى من قمصان أو أقنعة) إنما يتنكر في حقيقة الأمر لمبادئ يوليو التي نعرف، والتي كنا نقرأها صِغَارا على الغلاف الأخير لدفاترنا المدرسية. 

جاءت يوليو لتجيء لمصر بالاستقلال وللمصريين بالكرامة، وجاءت يناير (قبل أن يجهضها المجهِضون) لتعيد للمصريين كرامة كانت قد أضاعتها هراوة الأمن الغليظة، وطبقة المنتفعين الجدد، وتوريث الوظائف والمكانات، وغياب الديموقراطية الحقيقية. 

في ١٩٥٢ قال زعيم يوليو: «ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستبداد»

وفي ٢٠١١ هتف شباب يناير: «ارفع رأسك فوق انت مصري» 

وفي الحالتين كان هناك من لم يرغب في أن يرفع المصريون رءوسهم؛ حرية، ومساواة، وديموقراطية يحكم بها الشعب نفسه بنفسه، وعدالة حقيقية للجميع. 

كان / ومازال «المُستَعبِدون» يشهرون في وجوهنا قوانينهم الفاسدة وهراواتهم الغليظة.. ولذلك، مازالت «الثورة مستمرة».

•••

أاقرأوا هيكل وطارق البشري ونجيب محفوظ وأحمد مطر وشاهدوا يوسف شاهين وارجعوا إلى بيان ٣٠ مارس

تذكر ما قاله طارق البشري من أن: «ثورة ٢٣ يوليو حققت لمصر مالايمكن إنكاره. ولم يتوافر لمصر على مدى القرن العشرين ما توافر لها من استقلال وطني خلال حكم عبد الناصر» وأستكمل المعنى في عبارة المؤرخ «المنصف» بقراءة كتابه القيم عن «الديموقراطية وثورة يوليو» إصدار مؤسسة الأبحاث العربية ١٩٨٧ ، والذي يشرح لنا فيه كيف كان الاستقلال الوطني ، والديموقراطية صنوان لنضال المصريين عبر تاريخهم الحديث كله، وكيف كانت مخاصمة الديموقراطية سببا في إخفاقات خَصمت من الاستقلال الوطني، وتعثرت بخطواتنا نحو المستقبل.

وأعود إلى ما كتبه محمد حسنين هيكل من مراجع ضخمة عن يوليو ما تلاها («سقوط نظام»، ورياعية «حرب الثلاثين سنة» ـ إصدار دار الشروق) ثم أسترجع ما قاله في محاضرته الشهيرة في الجامعة الأمريكية (أكتوبر ٢٠٠٢) والتي انتهى فيها إلى ان مصر الآن ــ وليس غدا ــ فى حاجة الى «شرعية تؤسس لزمن، يستحيل قبوله امتدادا متكررا لشرعية الرجل الواحد … وأن المطلوب ليس صورة تتكرر بها الصور على نحو ما … كما أن المطلوب ليس نقلة من رجل إلى رجل وإنما من عصر إلى عصر ــ أى من شرعية تستوجبها الظروف إلى شرعية يتطلبها المستقبل. وبالتالى: من الفرد الى المجموع، ومن الحاكم إلى الدستور ومن الصورة إلى القانون.

تعلمنا دروس يوليو إذن:

ــ أن «الاستقرار» يتحقق بالتواصل مع الزمن، وليس باستدعاء الصور القديمة مهما كانت مفعمة بالحنين والنوستالجيا.

ــ وأن الديموقراطية التي وضعتها ثورة يوليو بين أهدافها التي حفظنا، وبعد ستين عاما مما نعرف (نجاحا وإخفاقا) ليست ترفا لا نقدر عليه (كما يتصور البعض أو يحاول إيهامنا) بل هي ضرورة لا بديل عنها لمستقبل واعد وضعه رجال يوليو هدفا، وخرج شباب يناير يبحثون عنه.

•••

وبعد.. 

فهذه هي الخلاصة التي يجب علينا أن نجد من الهدوء ما يسمح لنا بأن نستخلصها واضحة وسط صخب الشوفينية وإعلام التزييف والتصفيق واللا منطق: 

نجحت ٢٣ يوليو في اختبار التحرر والاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية، وتلطخ ثوبها «الأبيض» بما كان من انتهاكات للحريات والديموقراطية، وجاءت يناير (وجيلها) لتستعيد روح يوليو الحقيقية، ولتزيل بقعا سوداء عن الثوب الأبيض، فهل يصح للمنقلبين على يناير أو على ما نادت به شعاراتها من «.. حرية» أن يتمسحوا بيوليو أو أن يرفعوا صور رموزها؟!

 سؤال نعرف جميعا إجابته. ونعرف جميعا أن بعض الحياء ضروري، وأن لعبة «الورقات الثلاث» يمكن لها أن تحظى بتصفيق الجمهور، وأهازيجهم ولكنها لا تأتي أبدا لأبنائهم بالمستقبل.

…..

قبل أن تغيبه عن الشاشة سياسة إعلام الصوت الواحد، كان الصديق الهادئ محمود سعد قد تفضل فاستضافني في برنامجه الناجح، للحديث عن علاقة ٢٥ يناير بالثالث والعشرين من يوليو. وقبل أن أغادر الاستديو ليلتها، قال لي أحد مساعديه: لقد أغضبت الطرفين الليلة. ربما لا أعرف إن كانت ملحوظته في محلها أم لا. لكنني أعرف جيدا أن بعض الغضب قد يدفعنا لأن نفكر مرتين. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة الكاتب:

twitter: @a_sayyad

Facebook: AymanAlSayyad.Page

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة:

ــ ٢٥ يناير: الوطن الذي نريد

ــ أيام البراءة الأولى

ــ وثائقي «الجزيرة» عن عبد لناصر وثورة يوليو

ــ طارق البشري عن يوليو وعبد الناصر

ــ حلقة محمود سعد عن العلاقة بين ٢٣ يوليو و٢٥ يناير

 

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات