القوى المدنية.. بين الواقع والمأمول - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القوى المدنية.. بين الواقع والمأمول

نشر فى : الجمعة 24 أغسطس 2012 - 7:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 24 أغسطس 2012 - 7:35 ص

يمكننا تقسيم الأحزاب المدنية إلى ثلاث مجموعات أساسية، الأولى هى الأحزاب التى نشأت عقب الثورة مباشرة وأهمها المصريون الأحرار والديمقراطى الاجتماعى والعدل والثانية الأحزاب التى يتم إنشاؤها الآن وأغلبها تابعة لمرشحين رئاسة سابقين وهى حزب الدستور وحزب مصر القوية وكتلة التيار الشعبى والثالثة هى الأحزاب القديمة مثل الوفد والتجمع والناصرى والجبهة.

 

•••

 

يمثل حزب المصريين الأحرار رأس الحربة للأحزاب الليبرالية الجديدة ورغم استقالة عدد من رموزه خلال الفترة الماضية ورغم الحملات السلبية التى تلاحقه إلا أنه الحزب المفضل لدى قطاعات واسعة من جمهور التيار الليبرالى كما أنه يمتلك قدرات تمويلية هائلة تميزه عن بقية الأحزاب المدنية وتوجد له فرصا كبيرة فى المعادلة السياسية ولكن رغم كثرة أعضائه فإن مشكلة ضعف الاستيعاب الداخلى وعدم توظيف هذه القدرات البشرية والمادية وغياب الخبرة السياسية يمثل عائقا أمام الانتشار الشعبى الواسع للحزب بالإضافة إلى الحرب المضادة التى تصوره كحزب علمانى يحارب الدين ويحاول إقصاءه.

 

أما حزب الديمقراطى الاجتماعى فمازالت توتراته الداخلية بين شقيه اليسارى والليبرالى تقف حائلا أمام تقدم الحزب بشكل عام وسوء علاقته بحزب المصريين الأحرار بعد الاختلاف الذى حدث بينهما فى الكتلة يضعف فرص التحالف بينهما فى الانتخابات القادمة وهذا ما سيمثل خطورة خاصة أن الحزبين يقتسمان أصوات الاقباط التى صوتت لهما فى الانتخابات الماضية خوفا على مدنية الدولة ولمواجهة التيارات الدينية.

 

ويأتى حزب العدل صاحب التجربة الشبابية فى ظروف أصعب بسبب تحول عدد من اعضائه من مؤيدى البرادعى إلى حزب الدستور وكذلك ضعف موارده المالية التى أثرت بشدة على أدائه وانتشاره بعد بدايته القوية قبل عام وإن كان يمتلك حتى الآن مجموعات من الكوادر الشبابية المتميزة التى تستطيع أن تنجز الكثير على الأرض أن أحسن إدارتها وإذا وجدت الدعم المادى الذى يساعد على الانتشار الشعبى والوصول للجماهير.

 

•••

 

المجموعة الثانية من الأحزاب هى أحزاب مرشحى الرئاسة ونبدأ بحزب الدستور الذى أسسه الدكتور محمد البرادعى ورغم الزخم الإعلامى الكبير حول الحزب وانضمام رموز سياسية كثيرة إليه الا أن اختلاف التوجهات الأيديولوجية داخل الحزب الذى يجمع أطيافا فكرية متنافرة ينذر بخطر الانقسام والانتماء الثورى ليس كافيا للحفاظ على وحدته وتماسكه، خاصة إذا لم يكن هناك دور مركزى مباشر للدكتور البرادعى فى إدارة الحزب واكتفاءه بالتوجيه البعيد عن صعوبات الإدارة اليومية لحزب يراهن عليه الكثيرون الفترة القادمة كما أن غياب الخبرة فى إدارة العملية الانتخابية سيجعل من الصعب جدا على الحزب خوض الانتخابات القادمة منفردا دون تحالفات.

 

أما حزب مصر القوية الذى أسسه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فيعتمد على زخم حملته الانتخابية التى انتشرت فى المحافظات وجذبت الآلاف من الشباب المؤمن بالفكر الوسطى واستطاعت أن يكون لها وجود حقيقى على الأرض وخبرة فى إدارة عملية الانتخابات والوصول للجماهير عبر وسائل مختلفة ولكن العقبة الكبرى التى ستواجه هذا الحزب هو حالة الاستقطاب التى ستحدث فى الانتخابات القادمة بلا شك ـ أيا كان مضمون الاستقطاب ـ والتجربة أثبتت أن المصريين يميلون لأحد أطراف الاستقطاب التى تستطيع أن تقنعهم وتطمئنهم لذلك فإن أى حزب وسطى سيجازف كثيرا إذا قرر خوض الانتخابات وحده بلا تحالف واسع يعزز فرصه وقد يكون تحالف حزب مصر القوية مع حزب الوسط والحضارة ومجموعة التيار المصرى بداية مهمة لزيادة تأثير الكتلة الوسطية.

 

وبين هذين الحزبين تأتى فكرة التيار الشعبى التى دشنها المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى التى تجد رواجا بين الذين يرفضون حصر مصر بين تيار الاسلام السياسى وبقايا النظام السابق ولكن ما زالت الفكرة لم تترجم فى بناء تنظيم قوى يستطيع خوض الانتخابات القادمة وحده وإن كان الأرجح أن تحالفا انتخابيا سينشأ بينه وبين بعض الأحزاب اليسارية مثل التحالف الشعبى وأحزاب بنكهة قومية مثل الكرامة.

 

•••

 

أما الأحزاب القديمة مثل التجمع والناصرى والجبهة فتعانى من ضعف شديد على المستوى الشعبى والتنظيمى وتبدو فرصها ضئيلة فى خوض الانتخابات القادمة بدون الانضمام لتحالف كبير.

 

باستثناء حزب الوفد الذى مازال يمتلك الرصيد التاريخى من تراثه السياسى ونجاحه فى الانتخابات الماضية أن يكون الحزب المدنى الأول فى عدد المقاعد التى حصل عليها ليكون صاحب الكتلة الثالثة بالبرلمان ويستطيع خوض الانتخابات القادمة منفردا لكنه سيحصل تقريبا على نفس النسبة التى حصل عليها قبل ذلك وهو ما سيجعله يبحث عن بناء تحالف واسع يجمع أكبر قدر من الأحزاب المدنية لتتكون كتلة معارضة كبيرة فى البرلمان القادم تعيد الاتزان للمعادلة السياسية.

 

•••

 

مما سبق نخلص إلى أنه لا يوجد حزب مدنى يستطيع خوض الانتخابات القادمة منفردا دون الدخول ضمن تحالف سياسى واسع إذا كان يريد تحقيق نتائج مرضية تساهم فى إعادة الاتزان إلى المعادلة السياسية وليس أمام القوى المدنية سوى بذل كل الجهود لبناء هذا التحالف قبل الانتخابات البرلمانية والمحلية القادمة.

 

 

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات