«الجزيرة».. زواج جنائزى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الجزيرة».. زواج جنائزى

نشر فى : الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 8:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 8:55 ص

كريمة، أو «هند صبرى»، الصعيدية، ذات القوة والعنفوان، كبيرة عائلة النجايحة، تضطر، بسبب بطش الظروف، للموافقة على الزواج ممن لا يصلح لها: جعفر ــ خالد صالح ــ زعيم الرحالة، اللئيم، المخاتل، الطامع فى السلطة، المتستر بالتدين، الذى يبطن غير ما يظهر.. فى ليلة الزفاف، ترتدى العروس فستانا أسود، جمالها يمتزج بالحزن، ويبدو المشهد كله ــ بأسلوب شريف عرفة ــ جنائزيا بامتياز، معتم ومقبض، قاتم وكئيب، ينذر بعواقب وخيمة، تأتى فورا.. الرحالة، يطلقون النار على عائلة النجايحة، عقب تسلل «جعفر»، مبتعدا عن مكان المذبحة.

«الجزيرة 2»، فيلم قائم على الحسابات الخاطئة لأبطاله، يحاول كتاب السيناريو، آل دياب، محمد وخالد وشيرين، رصد التكتلات المستحيلة، بين المتناقضين تماما، يتوافقون للحظات، خلال عواصف ما بعد ثورة يناير 2011، ثم تتفرق بهم السبل، وقد يغدو صديق الأمس، عدو اليوم، ويحسب للفيلم ربطه المتفهم بين المصير الخاص، والأحداث العامة. أبطاله جميعا، يعيشون فى قلب الدوامة، وهذا ما جعل العمل ساخنا، تتأجج انفعالات شخصياته بالرغبة فى النجاة، والثأر، وربما التردد والخوف.

عقب تعليقات الضابط رشدى ــ خالد الصاوى ــ الواثق من قدراته، المستخف بشباب الثورة، يندلع الهجوم على السجون، ومديريات الأمن، وأقسام الشرطة، فتنقلب الأوضاع. المحكوم عليه بالإعدام، منصور الحفنى ــ أحمد السقا ــ يجد نفسه خارج الأسوار، بينما غريمه، اللواء رشدى، محبوسا فى زنزانة، مقدما للمحاكمة، بعد دفاعه المستميت عن المؤسسة التى ينتمى لها، واضطراره لإطلاق الرصاص، على مقتحمى مكتبه، الأمر الذى سيبرئ ساحته لاحقا.

الهارب، منصور الحفنى، يقرر العودة إلى الجزيرة، لتصفية حسابه مع النجايحة، وكبيرتهم، حبيبة الأيام الخوالى، كريمة، التى أمست من ألد أعدائه.. كما يطمح لاستعادة ممتلكاته، ونفوذ عائلة «الرحايمة» الزائل.. أحمد السقا، المتعايش مع شخصية منصور الحفنى، منذ «الجزيرة 1» 2007، يدرك تماما ما تتسم به من صلابة وعناد، فضلا عن الاستعداد للنزال، بلا تردد، إلى آخر رمق.. وهذه الجوانب تتماثل مع ما يتوافر عند الضابط رشدى، بالأداء الراسخ، المتفهم، لخالد الصاوى، المحافظ على رباطة الجأش، فى أخطر المواقف.. كذلك الحال بالنسبة لهند صبرى، المدركة لما تتمتع به كريمة من قدرة هائلة على تحمل مسئولية الجزيرة التعيسة، الفقيرة، الضنينة، التى تمزقها عداوات قديمة، مزمنة.

الفيلم لا يفوته، وهو يرصد، بالسلوك والتصرفات، طباع أبطاله المثيرة للإعجاب، أن ينتبه، وينبهنا، إلى المآخذ المعطوبة فى شخصياتهم: منصور الحفنى، المهيمن على زراعة وتجارة المخدرات، لا يسعفه خياله بتغيير هذا النشاط، حتى بعد عودته للجزيرة.. الضابط رشدى، المتواطئ مع الحفنى فى مواقف عدة، أيام «الجزيرة 1»، يضع يده، من جديد، فى يد خصمه اللدود.. كريمة، تتسلل الانتهازية إلى كيانها، حين وافقت على الزواج المدمر من «جعفر».

شخصيتان جديدتان فى «الجزيرة 2»، تتماشيان مع ما جرى، وتوسعان آفاق الرؤية: «على»، بأداء جميل من الممثل الواعد، أحمد مالك، هو ابن الحفنى، تربى فى الإسكندرية، مع عمه الأبكم، الطيب، بعيدا عن «الجزيرة»، بأحقادها، ودمويتها.. هو، شأن الجيل الجديد، يرنو إلى عالم آخر، دنيا يعمها المحبة والوئام، لكن والده، الحفنى، بقوة شكيمته، يجره إلى مستنقع الثأر والمؤامرات، ويعود معه للجزيرة كى يواصل دائرة الجحيم، فهل ينجح «على» فى تغيير الواقع الآسن.. الإجابة، ليست فى الفيلم، ولكن فى مستقبل الأيام.

أما الشخصية الثانية: «جعفر»، برمزيتها، المصاغة بطريقة عقلية، مع رجاله من «الرحالة»، فإنها لا تتسق مع نزعة الفيلم الواقعية، ولولا الأداء البديع لخالد صالح، لبدت مجرد فكرة، لم تتحول للحم ودم.. سواء هو أو الرحالة، الذين يصر الفيلم على أنهم قادمون من الخارج، وأنهم أقرب للجراد، بينما حقيقة الأمر أنهم، أيا كانت شرورهم، يأتون من الداخل.. هم، بعض سكان الجزيرة.

«الجراد

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات