الإسلام كما أدين به 39 ــ عدالة التشريع - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به 39 ــ عدالة التشريع

نشر فى : الخميس 24 نوفمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الخميس 24 نوفمبر 2016 - 9:35 م
أصيب الخطاب الدينى بتشوهات كثيرة، ومن أسوأ هذه التشوهات ما ينسبونه للإسلام من وحشية ما أنزل الله بها من سلطان. فلا وحى جاء بالوحشية ولا رسول بعث بالعنف، فمن أين التصقت هذه التهم الشنيعة بالإسلام؟ أقوال مرسلة تصدر عن أنصاف المتعلمين أو من هؤلاء الرافضين المعتدين فضلا عن شريحة المنافقين الذين يصنعون تدينهم طبقا لأهوائهم ومنافعهم. أما الإسلام كما أنزله الله فى القرآن وكما بلغه وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خالٍ تماما من شبهة العنف، ولا يحتاج ذلك إلا لإحسان قراءة الوحى وتدقيق وتحقيق «روايات الأحاديث» المنسوبة إلى النبى صلى الله عليه وسلم.

ــ1ــ

فالتشريع الإسلامى ينطلق كغيره من قيم شرعية عليا ثابتة لا يستطيع التقنين أو القضاء أو الإفتاء تجاوزها. وأبرز هذه التعاليم العليا:

1/ العلم 2/ الرحمة 3/ العدل 4/ الإحسان 5/ الخير 6/ المعروف 7/ الحق 8/ السلام 9/ الأمانة 10/ الإصلاح

كما يستخرج الفقهاء من هذه القيم العشرة عددا من مبادئ التقنين والقضاء، وأبرز تلك المبادئ:

1/ العموم 2/ الشمول 3/ المرونة 4/ اليسر 5/ الواقعية 6/ الإعلام 7/ المسئولية 8/ البراءة الذاتية 9/ الاستقلال 10/ الفورية

كما يستخرج الفقه الإسلامى عددا من الضوابط من الكتاب والسنة لتجريم السلوك:

1ــ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص من الوحى

2ــ لا مسئولية جنائية إلا بحرية ورشد

3ــ لا مسئولية إلا بنية مادية (الدليل المادى)

4ــ لا مسئولية جنائية إلا بقصد (نية)

5ــ شخصية المسئولية وعدم تعديها إلى غير المشارك فى ارتكابها

ــ2ــ

وإذا نظرنا لقيمتى العموم والشمول، تأكدنا من سمو التشريع الإسلامى وارتفاعه فوق أخلاق الإنسان، حيث إن التشريع الإلهى ما هو إلا رحمة الألوهية ولطفها وعدلها التى تعم كل البشر.
وأقصد بقيمة العموم عموم التشريع لجميع المقيمين على الوطن الذى يحميه القانون. ففى كل مكان يسرى قيد التشريع الإسلامى، يقع جميع المقيمين تحت مسئولية، فلا يستثنى من سريان جميع القواعد القانونية أى شخص، فالأغنياء والفقراء سواء، والمسلم وغير المسلم سواء، والحكام على اختلاف مواقعهم والمحكومين سواء، والمواطن والوافد سواء. كما أن القانون لا يستثنى من سلطان أى إنسان ولو كان أمير المؤمنين أو رئيس أى دولة حضر إلى مجتمع المسلمين. فلا يعرف التشريع الإسلامى تصنيفا للناس على أى أسس عارضة، بل الكل سواء، فهذا أبسط تعريف لقيمة «عموم سريان القانون». ويكفى أن نذكر قول الله تعالى: ((..الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ..)).

ــ3ــ

أما قيمة الشمول فهى قيمة أعلى وأنفع إذ نعنى بها شمول التشريع الإسلامى لجميع السلوكيات التى تتجاوز حدها أو تتطاول فتتعدى على حقوق الأفراد أو حقوق المجتمع. فالتشريع الإسلامى يضم «القانون المالى» و«القانون المدنى» و«القانون الإدارى» و«القانون الجنائى». كما يضم قوانين الإجراءات والمرافعات فضلا عن القانون الدستورى. ونستطيع أن نقول باطمئنان إن جمهور الفقهاء حينما قرروا أن مقاصد الشريعة خمسة وهى الحفاظ على النفس البشرية/ الحفاظ على النسل البشرى/ الحفاظ على الأموال كلها/ الحفاظ على العقل/ الحفاظ على الدين، فهذه المقاصد الخمسة يحميها التشريع الإسلامى لجميع المواطنين والمقيمين. فهل يلمح القارئ الفارق الواضح بين قيمة العموم بمعنى (عموم سريان التشريع) وقيمة شمول التشريع بمعنى (حمايته لجميع مصالح ومنافع الوطن والمواطنين)؟!
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات