جيلنا.. أين نحن وماذا نريد؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جيلنا.. أين نحن وماذا نريد؟

نشر فى : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص

حين نكتب كلمة (جيلنا) تنبعث الكثير من المخاوف لدى الأجيال الأخرى الذين يشعر بعضهم أن هناك محاولة للإقصاء الجيلى وانفراد جيل واحد بتقرير مصير الوطن وهذا اعتقاد غير صحيح، نحن نؤمن بالشراكة الجيلية وأهمية التراكم والبناء على ما فات والتعلم من أخطاء وتجارب من سبقونا، ولكننا فى نفس الوقت نرفض الانقياد والتبعية وتكرار تجربة أجيال ربما كانت تجربتها مناسبة لعصرها، ولكن لا يمكن أن تعنى الشراكة الجيلية الإصرار على تكرار نفس التجربة رغم اختلاف الظروف واللحظة التاريخية.


•••

 

فكرة المراهقة والتمرد الجيلى بمعناه السلبى ليس موجودا فى أذهاننا، التمرد الجيلى الإيجابى هو ما نبحث عنه ويعنى تحمل جيلنا لمسئوليته فى بناء الوطن وترك الفرصة له ليكون له تجربة دون وصاية أو فرض خيارات معينة تحمل رائحة الماضى وفلسفته كما تصر عليها نخب من أجيال أخرى لم تحقق ذاتها وضلت بها السبل فى رحلة البحث عن الذات ومازالت تعتقد أنها من الممكن ان تستدرك ما فاتها عبر استخدام جيلنا وتوظيفه.

سنن الكون ودروس التاريخ تؤكد أن الأفكار تشيخ مثلما يشيخ أصحابها، ومن الصعب أن تخرج أفكار جديدة وملهمة من عقول تشكل وعيها وإدراكها فى الماضى، من يريدون الذهاب للمستقبل لابد أن يتخففوا من أثقال الماضى وتجاربه، لذلك فكرة التفكير الأبوى والتقديس للشعر الأبيض يجب نسفها من عقولنا ونفسياتنا. سنستفيد من تجارب الأجيال السابقة ونتعلم منها ولكننا لن نكون أسرى لها، سنحترم كل صاحب خبرة وتجربة ولكن لن نسمح له بأن يقودنا، فكرة البحث والالتجاء الدائم إلى قيادة ورمزية من خارج جيلنا هى إحدى آفات جيلنا التى تكبل انطلاقنا للإمام، نعترف أننا دائما كنا نبحث عمن يقودنا من رموز الماضى ولم نفكر يوما فى أننا نستطيع القيادة ورسم معالم الطريق، وهذا أحد أعراض التربية فى مجتمع أبوى وسلطوى.

 

•••

 

نحن الآن أمام مشهد متناقض، ثورة أشعل فتيلها الشباب ولكن استقرت القيادة فى أيدى أجيال لم تكن الثورة جزءا من تكوينها ولا حلما من أحلامها، لذلك فهم لا يقودون بحس ثورى يصنع التغيير الكامل لأنهم لا يملكون الجرأة لذلك بل يتصالحون مع الماضى عبر سياسة الترقيع واللعب فى نفس المساحة المحدودة.

 

جيلنا يجب أن يغير الإطار الحاكم للمشهد فى مصر وأن يتمرد على حالة الركود وأن يدرك أنه سيفشل إذا ارتضى السير فى نفس الإطار الذى ثار عليه من قبل، ليس عيبا أننا حين خرجنا يوم ٢٥ يناير قبل عامين لم نكن نفكر إلا فى الإصلاح السياسى فقط ولم نكن نحمل تصورات مكتملة عما نريده لمصر المستقبل، ولكن العيب أن نظل تائهين منهمكين وغارقين فى الأحداث اليومية وردود الأفعال.

 

مهمتنا الأولى الآن هى اكتشاف الذات وإدراك قيمتها والإيمان بأننا نستطيع أن نقود وأن ننقل مصر عبر طفرات مستقبلية تحلق بها فى أفق جديد، الإبتعاد عن قيود الماضى بأفكاره وشخوصه هو بداية للتحرر النفسى والتركيز فى صياغة المشروع وإعداد التصور الحقيقى للنهضة مع عدم إغفال التفاعل مع الأحداث الجارية، ولكن بالقدر الذى لا يجعلنا نغرق فى تفاصيل الحاضر المضطرب والذى يدور فى نفس إطار الماضى.

 

•••

 

لن نعمل على إزاحة جيل أو فكرة قديمة موجودة الآن بل سنترك أفكارنا ومشروعنا يحيل الأفكار القديمة البالية ومن يحملونها إلى التقاعد تلقائيا، حتى إذا استمروا فى تشبثهم بموقع القيادة لآخر لحظة فهناك مناخ سنصنعه لن تجدى معه محاولات إبقاء الماضى وأفكاره التى ستتحلل ذاتيا.

 

علينا أن نتسلح بالمعرفة وأن ننهل منها حتى نمتلئ داخليا وتتعمق أفكارنا وتصوراتنا، بالتوازى مع حركة دائبة ومستمرة يلمسها الناس وتبنى معهم جسورا للثقة تستطيع فى يوم قريب أن تغير تركيبتهم النفسية التى صنعها الإطار الموجود الذى قيده الماضى.

 

كل فرد من جيلنا مدعو لصناعة تجربة فى بيئته المحلية وكل أبناء جيلنا مدعون لصناعة الحلم الجماعى الذى لن تقيده اختلافات أيدلوجية ولن تحده تطلعات شخصية، بل سيراعى كل هذه المحددات وينسجها بواقعية لتتضافر الجهود ويحدث المأمول.

 

سنصطحب معنا كل شخص يصر على التعلم ولا يدعى المعرفة وكل إنسان له حلم شخصى يقبل أن يجعله جزءا من الحلم الجماعى، حلمنا ليس حلما محليا تحده الحدود، بل هو حلم يتجاوز فكرة الحدود ويلغيها لأنه يخاطب الإنسانية كلها ويعرف أنه لن يستطيع العيش منفصلا عن عالمه بتوازناته الإقليمية والدولية.

 

•••

 

معركتنا طويلة المدى وتحتاج إلى قوة نفسية تعين المرء على الثبات وتحدى الواقع لتغييره، قد نستغرق عقدا كاملا من الزمن لينضج مشروعنا وتتجذر فكرتنا وتجد لها أنصارا فى كل مكان فى مصر يؤمنون بها ويعملون من أجلها، وقد يرى البعض هذا بعيدا، لكننا نراه قريبا لأن أعمار الأمم لا تقاس بالأيام والشهور ولا السنين.


حان وقت التمايز واستكمال الثورة بشكل صحيح، لن يقدر على خوض معركة البناء إلا من صدقت نيته وصحت عزيمته ووضحت رؤيته، لا يعنينا العدد الكثير بل يكفينا ثلة مؤمنة بما تفعل تستطيع أن تقود الجموع وأن تنهض بالوطن وتعيد كتابة التاريخ.

 

كل ما مضى لم يكن سوى المشهد الافتتاحى للثورة وعلينا استكمال ما بدأنا بمسارات أخرى ومتوازية، الحلم قائم والتحدى يثير همتنا والباب مفتوح لكل من يريد أن يكون من صناع التاريخ فهلموا الينا نبدأ من جديد، نصلح ما مضى وننطلق متجردين من أهوائنا لنبنى وطنا يستحق حياة أفضل، ونحن لها وإنا لفاعلون.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات