الإخوان والسياسة فى مصر - أشرف الشريف - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإخوان والسياسة فى مصر

نشر فى : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص

كتب أشرف الشريف محاضر العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية فى القاهرة مقالا نشرته مؤسسة كارنيجى للسلام فى مجلتها صدى بتاريخ 18 يناير، مستهلا بالقول إن تحركات الإخوان المسلمين أثارت فى الشارع وفى المجال العام فى مصر عبر الشهرين الماضيين ــ فى إطار سعيهم لتأييد قرارات الرئيس الإخوانى محمد مرسى الخاصة بالإعلان الدستورى ثم تمرير الدستور المصرى الجديد ــ العديد من التساؤلات المتعلقة بطبيعة المشروع والأداء السياسى للقوى الإسلامية فى الفترة الحالية.

 

ويضيف الشريف: «يبدو أن الإخوان المسلمين فى مصر جالسين على عروش مهتزة قائمة على رمال متحرّكة، وذلك بالرغم من استتباب الأمور ظاهريا، ولومؤقتا، للسلطة الإخوانية بعد انتصارهم فى معركة تمرير الدستور الجديد كما أرادوا، فهم يمتلكون الآن السلطتين التنفيذية والتشريعية، ويراهنون على قدرتهم فى اقتناص الأغلبية البرلمانية فى الاستحاق الانتخابى المقبل بعد أشهر معدودة».

 

•••

 

فالنجاح الإخوانى حتى الآن ما يزال مرتهنا بتفوق الماكينة التنظيمية الإنتخابية لجماعة الإخوان المسلمين بشكل واضح على مثيلاتها بين صفوف المعارضة، لكن هذا التفوق ــ وهو تفوق كمى نتيجة التراكم التنظيمى الإخوانى عبر العقود الأخيرة وتفوق نوعى أيضا عبر جاذبية رأسمال الثقافى والاجتماعى لشبكات الإخوان المحلية. لكن تبقى المشكلة الأهم للإخوان هى عجزهم الحالى عن بلورة نموذج سياسى يتمايز عن سياسات نظام الحكم السابق وعن سياسات القوى المعارضة على مستوى القيم والأداء والآليات لمواجهة التحديات التنموية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تواجه المجتمع المصرى، يبدو أن جماعة الإخوان عاجزة على توفيرها.

 

ويفسر الشريف هذا العجز لعاملين أساسيين: عامل مجتمعى خاص بموازين القوى المتغيرة داخل المجال العام المصرى وعامل آخر أيديولوجى يرجع للمناطق الرمادية الكثيرة والمتراكمة فى خطاب وفكر الإخوان فيما يخص التعددية وحقوق الإنسان والتى قد تؤطر الميل السلطوى للممارسة الإخوانية.

 

وفى غضون ذلك، هناك حركة مقاومة اجتماعية مدينية تقودها قطاعات واسعة من الطبقات الوسطى متخوفة من طائفية الإخوان (كجماعة مغلقة متقوقعة حول هدف حماية مصالحها أولا وأخيرا) ومن خطر الإخوان على الحريات العامة (وقد ظهر حجم هذه الحركة المعتبر فى الشارع فى مظاهرات 27 نوفمبر و4 ديسمبر2012 ومن قبل هذا، فنتائج انتخابات الرئاسة الأخيرة دالة فى هذا السياق. فالمرشح الإخوانى محمد مرسى خسر القاهرة والإسكندرية والمنصورة والزقازيق وطنطا غيرها من المدن فى الجولة الأولى من الانتخابات).

 

•••

 

ويستكمل الشريف بعد أيام من التعبئة الإخوانية والسلفية فى المحافظات، كان حجم المتظاهرين أقل نسبيا من حجم الحشد الإسلامى فى مليونية 29 يوليو 2011 الشهيرة، مع تراجع نوعى فى حجم الحماسة بالرغم من القدرة على العمل دون عوائق نتيجة لعدم وجود المطاردات الأمنية والاشتباكات الجماهيرية.

 

ويضيف الحشد كان بلا معنى واضح، فلا هوكان حشدا سياسيا لتأييد سياسات مرسى فى الحكم ولا هو بقى حشدا دينيا عقائديا صرفا كما كان الحال فى مليونية 29 يوليو. كانت هناك شعارات نصرة الشريعة مرفوعة ومصطنعة ويحاول البعض تدارك هذا فيرفعون شعارات تأييد الدستور الذى ربما لم تقرأه الأغلبية الساحقة من الحضور أساسا، بل وربما لا يدركون أصلا جوهر الصراع الحالى حول ديمقراطية أو سلطوية النظام الجديد قيد التشكيل.

 

ويتساءل الكاتب ما الرسالة التى أراد الحكام الإخوان توصيلها فى ذلك اليوم أو فى يوم المصادمات امام قصر الرئاسة بالاتحادية فى الخامس من ديسمبر 2012؟ هل هى أنهم وراءهم كتلة قوية من المؤيدين؟ هذا شىء معروف تقر به المعارضة ويقر به الجميع. فأغلب المراقبين يقولون إن هناك استقطابا سياسيا واضحا له امتدادات أهلية واجتماعية خطيرة. لكن الحكام الإخوان هم من يرفضون الاعتراف أن هناك كتلة ديمقراطية قوية تمثل فئات متنوعة من الشعب المصرى ويصرون على أن المعارضين ما هم إلا مجموعة من «ممثلى النظام القديم» و«الأصفار» فى إنكار للواقع.

 

واقع الحال، إن الرسالة التى وصلت فى ذلك اليوم للمشاهدين من الشعب المصرى والتى ربما لم يقصدها منظمو المظاهرة هى الطابع الطائفى السافر الذى أصبحت عليه سياسة الإخوان والسلفيين فى ضوء أن الأغلبية الساحقة من الحضور فى مظاهرات تأييد الشرعية وقرارات الرئيس المصرى كانوا من الإخوان والسلفيين. أما مؤيدو الشرعية والرئيس المصرى من باقى المصريين قد يصلحون رصيدا انتخابيا لكنهم بالتأكيد لا يصلحون كظهير شعبى للحشد فى الشارع السياسى أمام حركة احتجاجية ديمقراطية ثورية.

 

•••

 

بالرغم من الدستور الإخوانى الجديد، استمر نمط التصويت الاحتجاجى ضد الإخوان فى المدن حسبما أظهرت النتائج فى 15 و22 ديسمبر 2012. فقد ارتفعت نسب رفض الدستور فى المدن دائما ومن الممكن القول، وإن كانت الأصوات الموافقة على الدستور لا تمثل بالضرورة فى مجملها تأييدا للإخوان كما أسلفنا. لكن من العدل القول أيضا أن الأصوات الرافضة فى مجملها كانت أصوات احتجاجية ضد الحكم الإخوانى.

 

ختاما، يشير الشريف إلى أن الإخوان وحلفائهم من السلفيين فى الحكم لن يخوضوا معركة الشوارع والاحتجاج إلا بنفس طائفى. وقدرتهم على كسب تأييد الجماهير المتحركة والمتفرجة فى مواسم التصويت أصبحت غير مضمونة بدرجة كبيرة كلما قطعنا أشواطا أبعد فى مسلسل التورط فى مستنقع فشل السياسات العامة للنظام الحالى فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلما انزلق المشروع الإسلامى من الخلاص السياسيى والأيديولوجى إلى المغنم الطائفى ومنطق الحفاظ على الذات.

أشرف الشريف محاضر فى العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
التعليقات