النبى والأزهر - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النبى والأزهر

نشر فى : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص

(1)

 

تعود الناس منذ أيام الفاطميين على طقوس للاحتفال بمولد الرسول (ص) وهذه الطقوس الاحتفالية كانت «الأداة الإعلامية» التى تستخدمها المؤسسة الدينية إظهارا للدعوة وإسعادا وإبهاجا لجميع شرائح المجتمع، فقد كانت استراتيجية الدعوة هى استمرار ربط المسلم بدينه، وإحساسه بأن الدين والتدين مصدر كفاية وسعادة، لذلك كانت الزينات والأضواء للإبهار والإبهاج، ولا يزال هذا الطقس باقيا للمناسبات الدينية وغير الدينية، بل أصبح هو أكبر «أسلحة الإعلام العالمية» فى تحقيق ما يريده، ورغم ذلك فمازالت «الزينات والأضواء» مصدر إسعاد للأطفال ومصدر ترفيه وترويح عن قطاعات عديدة من الناس وإذا غضضنا الطرف عن ثرثرة البعض حول مشروعية (العطلة عن العمل، وتقديم الحلوى، وحلق الذكر إلـخ) فهل يمكن قبول تراخى الأزهر حتى الآن عن التجديد بالحذف أو الإضافه فى الطقوس الفاطمية للاحتفال رغم مرور أكثر من 10 قرون؟

 

(2)

 

ولايزال المسلم ــ ببركة قصور مشيخة الأزهر وتقاعسها ــ حائرا بين مئات الكتب وآلاف الصفحات وملايين الكلمات الدائرة فى فلك (الحديث النبوى والسنة) حتى بلغت حجما يصيب المسلم بالخوف والضعف، بسبب عدم قدرته على معرفة هذا الكم الكبير، وليس هذا فحسب بل إن الأئمة والخطباء والباحثين فى العلوم الشرعية قد بلغ بهم الجهد المادى والمعنوى ما أعجزهم عن إدراك ما يمكن الاحتجاج به أو الاكتفاء به أو التحاكم إليه من الحديث النبوى.. فأين مشيخة الأزهر من ذلك؟ إن الحد الأدنى المقبول والمطلوب على وجه السرعة من المشيخة وهيئة كبارها أن يوجد «كتاب نبوى» يقارب عدد «ورق المصحف» يجعل المسلم مطمئنا على صحة صلته بالرسول (ص) وعلى سبيل التذكر فقد أصدر المرحوم الشيخ عبدالجليل عيسى أبو النصر «صفوة صحيح البخارى» كمختصر للبخارى يليق بمستوى طالب المرحلة الثانوية، ولكن بعد أن تمكن الأزهر ــ بعض الشىء ــ وصار له مطبعة!! ومجمع بحوث!! لم يحظ الحديث النبوى عامة والسنة النبوية خاصة بمرجع محكم يضم الشريحة الأعلى من الحديث النبوى والتى تعتبر بيانا للقرآن.

 

(3)

 

إذا لم يضع الأزهر مرجعا موثقا للسنة بشكل عصرى ويتيحه للطلاب والأئمة وأهل الثقافة عامة، فماذا هو فاعل وكيف يمارس الدعوة وينشرها؟ بل كيف يربى الدعاة ويعلمهم؟ وهل يليق بمؤسسة الدعوة فى القرن الـ21 الميلادى أن تترك الباحثين من كل الأجناس والملل واللغات يعانون التعرف على الإسلام وعلى صحيح السنة النبوية من المراجع الأمهات وبشروحها القديمة؟ أم هل يليق أن يبقى المسلمون عموما والمصريون خصوصا حتى الآن دون كتاب مرجعى عن السنة النبوية مناسبا للعصر وضوابط ثقافته

 

إن المتجرئين على الإسلام وعلى الرسول (ص) سواء من داخل الامة أو من خارجها، وجدوا أمامهم قصورا وعدم مبالاة من مؤسسة الدعوة، فأطلقوا أقلامهم رماحا وسهاما على الرسول (ص) والأمة والسنة والتراث، ولو كان فى بيت كل مسلم كتاب نبوى فى حجم المصحف أو حول ذلك لتلاشت واختفت تلك الآثام.

 

(4)

 

إن حلول ذكرى المولد النبوى الشريف هذا العام ومشيخة الأزهر تمتلك مطبعة وتحوز مجمعا للبحوث وهيئة للكبار وجامعة تاريخية، يفرض على مشيخة الأزهر ــ فرض عين ــ بحكم موقعها وتخصصها وبحكم الدستور أن تقدم للمسلمين «مرجعا» مقبولا ميسورا فى «الحديث النبوى» يسهل على المعاصرين قراءته وفهمه وحمله وتداوله باعتبار الحديث النبوى هو البيان العملى للوحى القرآنى، فهل هذا كثير على الجامعة والمجمع وهيئة الكبار. إن الدعوة ــ كما يعرف الجميع ــ ثابتة الأصول لكنها بكل تأكيد متغيرة الفروع والأساليب والأدوات، متعددة المنافذ والطرق، فمن أكبر ما يعاب على المؤسسة فى عصرنا دوام اعتماد الدعاة والباحثين على كتب التراث كما صاغها السلف صياغة تناسب عصورهم الماضية رغم قلة أدواتهم، فهل تفتتح هيئة الكبار عملها بسداد هذه الثغرة وتعويض النقص، مع محاذرة تلك الفوضى المنهجية التى مارسها مجمع البحوث فى إصداره كتاب «جمع الجوامع» أو «الجامع الكبير» للإمام السيوطى، فالكتاب بما يحويه هو مادة بحث للمتخصصين، وليس مادة ثقافة، ومساوئ عرضه أكثر من نفعه، والكتاب المأمول المنتظر يزيد شيئا ما عن كتاب «اللؤلؤ والمرجان» الذى صنعه المرحوم «محمد فؤاد عبدالباقى» فوضع به لبنة مهمة فى البناء، أما عصرنا هذا فهو أحوج ما يكون إلى تجديد الجهود واستمرارها.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات