الوباء يهدد سجانى وادى النطرون - حسام السكرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 4:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوباء يهدد سجانى وادى النطرون

نشر فى : السبت 25 مارس 2017 - 10:40 م | آخر تحديث : السبت 25 مارس 2017 - 10:40 م
«تضخم فى الطحال والكبد مع نقص فى كل مكونات الدم».. هذه هى العبارة التى تصدرت التقرير الطبى لشاب عمره 22 عاما كان صحيحا معافى عندما أخفى قسريا فى سن التاسعة عشرة وحتى ظهر فى أحد أقسام الشرطة ثم حوكم وصدر فى حقه حكم بالسجن عشرة أعوام.

بينما كان فى رعاية الدولة ظهرت على أحمد الخطيب طالب جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أعراض مرضية حادة وقضى أكثر من سبعة شهور يعانى من الألم والإهمال والتقاعس عن العلاج، حتى تم توقيع كشف طبى دقيق عليه فى الأسبوع الماضى ليتبين أنه أصيب فى السجن بمرض «الليشمانيا الحشوية» القاتل.

تثير قضية أحمد الخطيب عددا من القضايا تتباين بين العاجل والمهم. ومن القضايا العاجلة هنا التعامل مع حالته بشكل فورى وتوفير المتطلبات التى حددها الأطباء للحفاظ على صحته والبدء فى علاجه من مرض تعتبره منظمة الصحة العالمية أكثر مرض طفيلى يسبب الوفاة بعد الملاريا. وتوجب الحالة المتفاقمة للشاب المريض النظر فى تطبيق للمادة 36 من لائحة السجون والتى تقضى بالنظر فى الإفراج عن كل محكوم يتبين إصابته بمرض يهدد حياته بالخطر أو العجز.

عند كتابة هذه السطور لم تكن هناك أى بيانات عن مصير أحمد. أخفى المريض عن عائلته التى أصدرت بيانا تطالب فيه بالكشف عن مكانه وعن الإجراءات المتبعة لعلاجه، وتنقل عن الأطباء الشروط الطبية اللازمة للتعامل مع المرض وتوفير العلاج. لا تسمح أى معايير أخلاقية بإخفاء المريض بدلا من علاجه. وهناك مسئول ما فى مكان ما عليه أن يتخذ قرارا فوريا بتمكين أسرة المريض من استدعاء طبيب أمراض متوطنة للكشف ومتابعة العلاج، وبتسهيل زيارته والاطمئنان عليه والاطلاع على كل التقارير الخاصة بحالته الصحية إلى أن ينظر فى أمر الإفراج الصحى.

عدوى طفيل الليشمانيا التى تسبب الموت بعد تدمير الأحشاء لا تنتقل إلا فى ظروف بالغة القذارة من خلال طفيل تحمله ذبابة الصحراء التى تعتبر ناقلا وسيطا له فى أحد أطوار حياته. وإن دل هذا على شىء فإنما يدل على الأوضاع المتردية التى وصلت إليها السجون، وعلى الخطورة التى تهدد المسجونين والعاملين والضباط والجنود والموظفين الذين يعملون أو يقيمون فى منطقة سجون وادى النطرون. تجاوز الأمر حد التنكيل بالمسجونين عن طريق تكديسهم فى الزنازين فى ظروف غير آدمية، إلى خلق بيئة حاضنة للأوبئة سيسقط السجانون أنفسهم ضحايا لها إن لم يلتزموا بما تفرضه عليهم دواعى محاصرة المرض ومنع انتشاره أو تحوله إلى وباء.

هناك ضرورة عاجلة لعمل مسح طبى فى منطقة وادى النطرون على المسجونين والعاملين للكشف عن أية حالات تكون فى طور الكمون لأن العدوى قد تستغرق وقتا طويلا حتى تظهر أعراضها، وليس من المستبعد أن يكون هناك مرضى لم يتم تشخيصهم بين المساجين أو حتى بين عاملى وموظفى وضباط الداخلية هناك. ذبابة الصحراء لا تفرق بين الرتب. وعندما تنقل المرض لن تعرف السجين من السجان.

هناك أيضا إجراءات لابد من بدء العمل بها فورا لقطع الطريق على الطفيل والذبابة الحاملة تتضمن تنظيف السجون والعنابر ورشها ليلا للقضاء على ذباب الصحراء.

الملفات المهمة التى تطرحها قضية أحمد الخطيب كثيرة. منها قضية الرعاية الطبية لنزلاء السجون والنظر بعين الاعتبار للحالات الحرجة مثل حالة الصحفى والباحث هشام جعفر المهدد بفقد الإبصار. وهناك قضية تكدس السجون فى إطار توجه لإصدار أحكام سجن بالجملة وعقوبات يظهر أن المقصود بها هو الردع والتنكيل والتخويف وليس العدالة.

ولأن الشىء بالشىء يذكر، ربما يكون مفيدا أن نذكر بأن هولندا أغلقت 19 سجنا فى عام 2013 ثم أغلقت خمسة سجون أخرى فى العام الماضى، حولت بعضها إلى فنادق وبعضها الآخر إلى مراكز إيواء للمشردين.
الأمن يتحقق بالعدل وليس ببناء السجون.

 

التعليقات