هل لديهم مشروع وطنى ونحن نرفضه؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل لديهم مشروع وطنى ونحن نرفضه؟

نشر فى : الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:30 ص

رغم أن المجلس العسكرى ثم الإخوان هم من حكموا مصر عقب الثورة إلا أن تحميل الثوار مسئولية ما وصلت إليه أوضاع البلاد من ترد وبؤس مازالت هى النغمة السائدة لدى حزب الاستسهال والهروب من مواجهة الواقع. وعلى نفس اللحن تعزف الأبواق الإعلامية الموالية للسلطة حتى ترسخ هذا الإحساس لدى عدد غير قليل من الناس متجسدا فى العبارات التى تسمعها كثيرا على شاكلة (شباب الثورة هما اللى خربوا البلد)، (كفاية ثورة وسيبوا الناس الكبيرة تسوق) إلى أن تصل أحيانا إلى (ولا يوم من أيامك يا مبارك)!

المنتمون للثورة تركوا الكبار بالفعل يقودون وهذه أكبر خطاياهم حين تمترسوا خلف أجيال وشخوص شائخة محدودة الخيال وأسيرة تجارب سلبية فاشلة. صارت هى المحدد لفلسفة هؤلاء فى تحديد مصير شعب ثار من أجل حياة كريمة ودفع الثمن من دماء شبابه، لنفاجأ بعد ذلك بانحراف المسار وتصاعد الفشل يوما بعد يوم. يريدون أن يحصروا جيل الشباب الذى ينبغى أن يقود فى الشباب المنتمى فقط لحركات احتجاجية والذى يعبر عن آرائه بالتظاهر ــ وهؤلاء لهم كل تقدير واحترام ولولاهم ما بدأت الثورة ــ ويتغافل عن مئات الآلاف من الشباب المؤهلين بالفعل لتولى المسئولية والذين أثبتوا تميزهم وقدرتهم من خلال العمل والنجاح فى شركات ومؤسسات عالمية ومصرية، أعداء الشباب يصنعون صورة نمطية سلبية وحيدة للشباب تصور الواحد فيهم كمتظاهر دائم فى الشارع أو حامل لزجاجة مولوتوف أو معتكف على مواقع التواصل الاجتماعى للسخرية والمزاح وتضييع الوقت.

•••

الشباب متهمون بأنهم ضد المشروع الوطنى ــ الذى يحمله من أعلنوا الحرب عليهم ــ ومتهمون أحيانا أنهم تابعون لمنهجية تفكير وأولويات خارجية لا تتلاءم مع الواقع المصرى وتضر بمصلحة البلاد، وهناك من يطالب الشباب بالانخراط فى المشروع الوطنى المزعوم الذى تقدمه السلطة الحالية، فما هى ملامح هذا المشروع الوطنى حتى يغير الشباب قناعاتهم ويعودون لرشدهم ويوافقون على ما تريده السلطة والمروجين لها؟

إذا بحثت عن ملامح هذا المشروع ستجد أنه ينطلق بالأساس من نظرية المؤامرة الكونية على مصر ويصل به الشطط إلى تبرير كل فشل وتجاوز أنه نتيجة للمؤامرة، كما أنه مشروع يعادى الديموقراطية ويأخذ قشورها السطحية فقط ولا يعترف أصلا بحقوق الانسان ويعتبرها رفاهية لا تحتاج مصر إليها، وهو مشروع لا يعنيه سيادة القانون ويقر ويصمت عن إسقاط دولة القانون كل يوم بأشكال مختلفة ويختلق المبررات القائمة على زرع الخوف فى قلوب الناس وترهيبهم من مؤامرات – غالبيتها أوهام سخيفة – كما أنه يعتمد بالأساس على تركة مبارك المؤسسية والسلوكية فى التعامل مع المعارضين وممارسة الإرهاب السياسى لإخراس وتخوين وتشويه كل من يخرج على الخط، وصار نظام مبارك ملائكيا فى بعض الأحيان أمام ما صنعه واقترفه أصحاب المشروع الجديد الذين استدعوا شعارات من الستينات على غرار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ومن لا يقف فى صف السلطة – أيا كانت تجاوزاتها – فهو خائن وعميل وكاره للوطن.

•••

المشروع الوطنى الذى تبنته الثورة لم يكن يهدف كما يزعمون لهدم الدولة ومؤسساتها بل كان يهدف لإصلاح المؤسسات وإعلاء سيادة القانون واحترام حقوق الانسان وحماية الفقراء بتبنى سياسات تحقق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، ولأن أصحاب المشروع الجديد اعتبروا ذلك مؤامرة على الدولة فقد انطلقوا لتشويه واغتيال كل ما له علاقة بثورة يناير سواء الأشخاص أو الأفكار حتى تتغير هذه المطالب ويضمر المشروع الوطنى للثورة ويتم استبداله بمشروع جديد هو نسخة مكررة من الماضى ولكن مع بعض الرتوش وتجديد بعض الوجوه ليقبلها الناس بينما الحقيقة المؤلمة والمحصلة النهائية أننا سندور فى نفس الدائرة لنعود لنفس نقطة البداية لأن المنطق يقول أن تبنى نفس المقدمات يؤدى لنفس النتائج، الاستبداد لن تتبعه ديموقراطية ومصادرة الحريات وانتهاكات حقوق الانسان لن تتبعها كرامة إنسانية وإسقاط سيادة القانون لن يبنى دولة القانون، ولذلك لا بد أن يتأنى المبشرون بالمشروع الوطنى الجديد ويعيدوا حساباتهم لأن القائمين على المشروع الجديد سيخذلونهم كما خذلوا أصحابهم من قبل الذين تبنوا أسطورة الجناح الديموقراطى فى السلطة وخرجوا فى النهاية يجرون أذيال الخيبة والحسرة على مشاركتهم التى أضفت الشرعية على جرائم كاملة وحين انتهى دورهم تم التخلص منهم ثم تشويههم وتحميلهم كل أسباب الإخفاق !

•••

السؤال الذى سيطرحه هؤلاء: وما البديل؟ رغم تكرر السؤال وعبثيته إلا أن الجميع يعرفون أن البديل موجود إذا تركوا له الفرصة ليخرج ولكنهم يقتلونه دوما فى مهده ليبقى المشهد أحاديا لترسيخ مبدأ ( اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفهوش )، فالبديل لن يأتى والمعتقلات مفتوحة أبوابها والبديل لن يأتى والشباب يتم حربهم بهذه القسوة والبديل لن يأتى وآلة الإعلام الموتورة تطلق مدفعيتها الثقيلة لاغتيال الناس معنويا وشيطنتهم وإشغالهم بالدفاع عن أنفسهم والبديل لن يأتى والناس لا تأمن على أنفسها اذا حاولت تنظيم نفسها وبناء كيانات حقيقية تشارك فى بناء الوطن، لا يعقل أن تضع السيف على رقبة أحدهم ثم تسأله : لماذا لا تغني؟

أما الحقيقة الأخطر التى يجب أن ينتبه لها هؤلاء أن حربهم المستمرة على أصحاب المنهج السلمى والفكر الإصلاحى والمؤمنين بمعنى وقيمة الدولة وضرورة حفظها يعنى فتح الباب للكافرين بمعنى الدولة وقيمة السلمية لتتحول النقاشات إلى معارك والكلمات إلى قنابل ورصاصات ويخسر الوطن أكثر وأكثر وقد يصل لمرحلة لا يستطيع أحد السيطرة فيها على مجريات الأمور، فهل يستفيقون؟

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات