لغز التناقضات القطرية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لغز التناقضات القطرية

نشر فى : الخميس 25 مايو 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 25 مايو 2017 - 10:35 م
إذا صحت التصريحات المنسوبة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثان ليلة الثلاثاء الماضى، فالمؤكد أن خريطة التفاعلات العربية والخليجية مقدمة على أيام صعبة ومفاجآت قد تكون صادمة.
العالم العربى استيقظ على تصريحات خطيرة نشرتها وكالة الأنباء القطرية «قنا» لأمير بلادها يطلق فيه تصريحات صادمة جدا أخطرها أن قطر تستضيف قاعدة العديد العسكرية الأمريكية فى بلادها لتحميها من بعض «جيرانها» فى إشارة إلى السعودية، وأنها مع إقامة علاقات جيدة مع إيران باعتبارها ضامنة لاستقرار المنطقة، وأن حزب الله حركة مقاومة وليس تنظيما إرهابيا. تصريحات الأمير تضمنت أيضا أن بلاده تقيم اتصالات مع إسرائيل، وتعتبر حركة حماس الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى وليس منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، إضافة بالطبع إلى انتقادات تقليدية لمصر والإمارات فيما يتعلق بتصنيفها لجماعة الإخوان إرهابية.
ظلت هذه التصريحات موجودة لساعتين على الوكالة الرسمية القطرية، وبعدها تم الإعلان أن موقع الوكالة تعرض للقرصنة، وأن التصريحات غير صحيحة بالمرة وأنه سيتم إجراء تحقيق فى الأمر!!!.
فى نفس توقيت وضع هذه التصريحات التى قالها أمير قطر خلال حفل تخريج دفعة عسكرية، نشرت نفس الوكالة تصريحا لوزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن يقول فيه إن بلاده ستسحب سفراءها من مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت وستطلب من سفراء هذه البلدان مغادرة الدوحة خلال ٢٤ ساعة. والغريب أيضا إعلان الوكالة لاحقا أن تصريح وزير الخارجية، تم تحريفه لكنها هى أو غيرها لم تذكر ما هو التصريح الأصلى الذى تعرض للتحريف!.
على ذمة وسائل إعلام سعودية منها صحيفة عكاظ وفضائية العربية، فإنه يصعب تماما تصور أن موقع وكالة «قنا» قد تم قرصنته، والدليل أن النفى جاء بعد ساعتين كاملتين من بث التصريحات، وتم توزيعه على مواقع الوكالة على الفيس بوك وانستجرام وتويتر بالعربية والإنجليزية، وكذلك فقرات متعددة منه على شريط الأخبار «النيوزبار» بالتليفزيون الرسمى. حتى هذه اللحظة التى أكتب فيها هذه الكلمات عصر الأربعاء ــ ليس واضحا ما الذى حدث وما الذى يدفع أمير قطر لإطلاق هذه التصريحات، إذا صح أنه قالها ــ ولماذا تم السكوت ساعتين كاملتين قبل أن يتم النفى ولماذا فى هذا التوقيت بعد ٤٨ ساعة فقط من وجوده فى الرياض لحضور قمة ترامب مع القادة العرب والمسلمين؟!!.
وإلى أن تتوافر إجابات هذه الأسئلة رسميا، نلفت النظر إلى وجود عدة مقالات فى الصحافة الأمريكية والغربية أخيرا، تنتقد السياسة القطرية ودورها فى دعم بعض التيارات الإسلامية المتطرفة.
نفى قطر للتصريحات وأنها عملية قرصنة، لم تجد تصديقا خليجيا خصوصا فى السعودية وقطر، وكان واضحا أن وسائل الإعلام فى البلدين شنت طوال يوم الأربعاء انتقادات حادة وغير مسبوقة ضد «التناقضات القطرية فى كل الملفات والمواقف والانقلاب على الثوابت الخليجية».
ورأينا منعا وحظرا من السعودية والإمارات لمواقع وسائل الإعلام القطرية خصوصا «الجزيرة» وتصريحات لإعلاميين خليجيين، «تفتش فى القديم والجديد» لقطر ومواقفها ضد ما أسموه «الثوابت الخليجية».
هل تعرض موقع «ق ن ا» للقرصنة فعلا، أم أن التصريحات صحيحة لكنها لم تكن للنشر، ونشرت بطريق الخطأ، أم أنها رسالة لمن يهمه الأمر، وأن قطر قررت أن تسفر بوضوح عن مواقفها؟!.
لمن يتابع السياسة القطرية منذ عام ١٩٩٦ سيجد أن التصريحات المنسوبة للأمير، هى جوهر السياسات القطرية منذ انقلاب الأمير الوالد حمد بن خليفة على والده عام ١٩٩٦.
قطر استضافت قاعدة العديد الأمريكية، وأقامت علاقات مع إسرائيل ومع إيران ودعمت المنظمات الإرهابية فى سوريا واستضافت مقرا لطالبان فى الدوحة، وغازلت حزب الله المصنف خليجيا باعتباره إرهابيا، وهى الداعم الأكبر لجماعة الإخوان وتستضيف قادتها وكوادرها منذ خلعها من حكم مصر فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
من دون أى افتراءات يصعب التوفيق بين كل هذا الكم من التناقضات القطرية.
وكثيرون حائرون فى الإجابة عن السؤال الصعب وهو: كيف يمكن لدولة أن تجمع بين حب وصداقة وغرام أمريكا وإسرائيل وإيران وطالبان والإخوان وحزب الله وحماس فى سلة واحدة ووقت واحد.. هل من إجابة لهذا اللغز؟!
عماد الدين حسين  كاتب صحفي