ما لا تراه الحكومة فى تيران وصنافير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما لا تراه الحكومة فى تيران وصنافير

نشر فى : السبت 25 يونيو 2016 - 9:05 م | آخر تحديث : السبت 25 يونيو 2016 - 9:05 م
«أهم حاجة فى موضوع ‏تيران‬ وصنافير هو حجم المقاومة المجتمعية والتى أسفرت عن الحصول على وثائق ودراسات من الناس العادية ومن العلماء كل فى موقعه».

الشباب المغترب فى أنحاء العالم الذين جمعوا وثائق تؤكد مصرية الجزر، الشباب الذين تظاهروا وتم جمع أربعة ملايين جنيه كفالات فى عشرة أيام، حركة ‫«مصر‬ مش للبيع» التى تمكنت من جمع أطياف الطبقة الوسطى، واعتصامات الأحزاب السياسية. كل ذلك يكشف عن شيئين، الأول أن مصر تغيرت بصورة شديدة بعد 25 يناير، والثانى ان النظام السياسى لابد ان يستوعب ذلك ويتعامل معه بشكل واقعى «حتى لا نخبط فى الحيط».

السطور السابقة ليست كلماتى، قرأتها مساء الاربعاء الماضى على صفحة الدكتورة أمانى الطويل الباحثة المتميزة والخبيرة بمركز الأهرام للدراسات ومدير البرنامج الأفريقى، انشرها هنا فقط بتصرف بسيط. هذه الكلمات تكشف بالفعل عن حقيقة لا يراها كثيرون، خصوصا فى الحكومة، أو يرونها لكنهم يحاولون تجاهلها، ظنا ان ذلك سيجعلها غير موجودة.

لو كنت مكان الحكومة وكل أجهزتها لفكرت مليون مرة فى مغزى الطريقة التى تم بها جمع قيمة غرامة الإفراج عن الشباب المقبوض عليهم. قرأت قبل أيام تقريرا صحفيا ممتازا وشديد المهنية عن هذا الأمر. بعض المتبرعين تلاميذ دفعوا أقل من عشرين جنيها، فى حين ان من ذهب لتسليم التبرع دفع للسيارة الأجرة ضعف هذا المبلغ.

صحيح ان بعض اهالى المقبوض عليهم أو الذين تم تبرئتهم كانوا من الاغنياء ودفعوا الكفالة كاملة، وصحيح ان بعض رجال الاعمال تبرعوا بمبالغ كبيرة لكن ما حدث مع بقية الشباب كان أمرا ينبغى التمعن فى دلالاته.

ظنى الشخصى أن الحكومة وأجهزتها عندما اتخذت قرار توقيع الاتفاقية ثم السير فيها بالطريقة التى رأيناها لم تكن تدرى شيئا عن انها ستواجه هذا المستوى من رد الفعل. سبب ذلك فى تقديرى ان اجهزة الدولة لاتزال تعمل بنفس كتالوج ما قبل ٢٥ يناير. هى تعتقد ان شباب هذه الايام هم نفس شباب أيام مبارك. هذه الأجهزة تفأجات تماما بما حدث فى ٢٥ يناير، وكان الطبيعى والبديهى ان تعيد النظر فى آلية التعامل مع الشباب الجديد، الذين صاروا مختلفين تماما واكثر تمردا حتى من الشباب الذين قادوا الثورة وفجروها قبل خمس سنوات.

رأيت بعينى بعض الذين تظاهروا يوم ٢٥ ابريل الماضى فى منطقة وسط البلد، احتجاجا على ترسيم الحدود مع السعودية، معظمهم لم يكونوا من الإخوان أو أى تنظيمات دينية، بل وربما لا ينتمون لأى تنظيمات سياسية بالأساس. هم شباب وسائل التواصل الاجتماعى المنفصلين كليا عن الحكومة وكل التنظيمات السياسية التقليدية حتى لو كانت معارضة.

لا أظن أن الحكومة فكرت فى أى لحظة فى تقدير رد الفعل وعلى الاجهزة المختلفة ان تسأل نفسها لماذا اخفقت فى التنبؤ بهذا الرد، وأتمنى ان تنسى شماعة الإخوان والمؤامرة هذه المرة، لسبب بسيط ان خريطة المعارضين للاتفاق واسعة جدا.

عندما يسارع مصريون كثيرون بالخارج إلى إرسال وثائق، وعندما يتطوع مسئولون كثيرون فى الخدمة لمساندة قضية مصرية الجزيرتين، وعندما يتحول الامر إلى قضية رأى عام غير مسبوقة، فكان مفترضا على الحكومة ان تستوعب كل هذه المعطيات وتعيد النظر فى الامر سواء فى المضمون أو حتى فى الشكل. لكن الاعتقاد بأن كل شىء تمام، وأن الأمر سيمر فى كل الاحوال، فأتصور انه أسوأ خيار ممكن حتى من زواية المصلحة الشخصية للحكومة.

الوقت لم يفت تماما كى تبدأ الحكومة وأجهزتها المختلفة فى إصلاح الامر، وسد الثغرات الكثيرة فى الموضوع. أما أسوأ خيار فهو «أن تركب الحكومة رأسها ويلبس الجميع فى الحيط»!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي