حول غزة تتصارع فاشيتان - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حول غزة تتصارع فاشيتان

نشر فى : الجمعة 25 يوليه 2014 - 8:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يوليه 2014 - 8:40 ص

بينما يواصل العدوان الوحشى حصد الأرواح فى غزة يتواصل صراع الفاشيتين الدينية والوطنية أيهما يُسقط فى براثنه أكبر عدد ممكن من الضحايا، وصراعهما فى كل أرض عربية لكنه مستعر فى مصر على وجه الخصوص.

ثوابت العقيدة والتاريخ بل وحتى الأمن القومى الذى يتشدق به أرباب الفاشية الوطنية ويتذرعون بأسبابه، كلها اهتزت من قواعدها وكادت أن تخر على رءوسنا خلال التغطية اللاأخلاقية لإعلاميين وسياسين وكتاب فقدوا الحد الأدنى من آدمية وانتماء ــ إن كان ثمة انتماء من الأصل ــ ودفعتهم نقمتهم على الإخوان إلى تلذذ سادى بما آل إليه وضع غزة.

والحق أن إعلاميى «الشذوذ الفطرى والأخلاقى» ما كانوا على درجة واحدة من التردى أثناء تغطيتهم لأحداث غزة، فقد تفاوتت درجة «الفاشية» التى تشبعوا بها وأرادوا تمريرها إلى الوجدان المصرى بين من يطلب صراحة أن تنأى مصر بنفسها عن هذا الأتون المشتعل والانكفاء على خاصة شأننا، ومنهم من طالب صراحة أيضا أن يُترك الأبرياء فى غزة ليلاقوا مصير القتل والتشريد «واحنا مالنا».. أما أسوأهم طريقة وأشدههم تشوها نفسيا فهؤلاء الذين طالبوا بالمشاركة فى استهداف «حماس» وتدمير مقدراتها!

أما الفاشية الدينية، فيأبى أصحابها إلا احتكار الدفاع عن غزة ونصرتها ــ إن كان ثمة نصرة من الأصل ــ ونعت كل مخالف ٍفى الرأى أو حتى خصم سياسى بالكفر أو النفاق إذا ما اجتهد لرفع الضيم عن أهله فى غزة، أو حاول وسعه وقف آلة القتل من حصد مزيد من الأرواح.

ولذلك فإن «المكايدة السياسية» عنوان كبير لمأزق أخلاقى نعاين فصوله يوميا بين القاهرة ومنافسيها، فمن ناحية يبدو صانع القرار السياسى المصرى متشبثا بالوصول إلى اتفاق مع سلطة «رام الله» وحدها رغم معرفته «بانعدام» تأثيرها على بؤرة الصراع فى غزة مما يضطر هؤلاء إلى لعب الدور الأصعب بالتواصل مع محور (تركيا ــ قطر) للضغط على (حماس) من أجل قبول الاتفاق، لكن دون أى جدوى حتى اللحظة.

أما قطر فتكرر خطأها نفسه يوم أن اختزلت مصر الكبيرة فى جماعة الإخوان، فاليوم تختزل فلسطين كلها فى (حماس) من جهة، ومن جهة أخرى تحرص على إحراج المفاوض المصرى بتهميشه أو التشغيب عليه بغض النظر عن فحوى المبادرة المصرية وأوجه الاعتراض الموضوعى على بعض بنودها.

قطر التى يحرص أميرها على رسائل تهنئة بمناسبات مختلفة الواحدة تلو الأخرى للرئيس المصرى، فى اعتراف واضح مباشر بشرعيته، هى هى قطر التى تذرع الأرض جيئة وذهابا لإفساد محاولة الاعتماد على الوساطة المصرية، فليست المسألة اعتراضا على بند ٍأو بندين فى المبادرة قدر ما هى محاولة لتحجيم جهود الوساطة المصرية نفسها، فقط لكيلا يتحقق أى انجاز ٍإقليمى على يد القيادة المصرية الجديدة....مكايدة سياسية يدفع ثمنها الأبرياء وحدهم.

وبعيدا عن أرباب الفاشيتين، «معبر رفح» هو المتنفس الوحيد لشعب يصر العالم بأسره على أن يدفنه بأطفاله وأحلامه أحياء، ومسئوليتنا الإنسانية الأخلاقية بعيدا عن الحسابات السياسية المعقدة تحتم علينا تمرير كل جهد إغاثى ممكن عبر هذا المعبر دون «انتقائية» تثير الريبة أو «تعسف» ومماطلة بيروقراطية يدفع ثمنها أبرياء غزة وحدهم.. الدواعى الأمنية اعتبار يمكن تفهمه لكنه لن يكون حائلا أمام «تنظيم» المرور عبر المعبر لو أردنا ذلك ونفذناه بدقة وإحكام.