سلوكيات اللسان .. 26- تنظيم الشورى - جمال قطب - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلوكيات اللسان .. 26- تنظيم الشورى

نشر فى : الجمعة 25 يوليه 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يوليه 2014 - 8:25 ص

-1-

هكذا رأينا بالأمس وقبله أن الشورى فرض عين علينا، وإن اختلفت مستوياتها من فئة لأخرى، أو من تخصص إلى آخر، أو من موضوع إلى آخر. ولكن كيف تشيع هذه الفريضة فى المجتمع، وكيف تتجذر فى سلوكنا؟ نحاول اليوم فى ختام حديثنا أن نرسم كيفية التطبيق والشيوع. وقبل كيفية التطبيق نذكر أنفسنا بحقيقتين مهمتين: أولاهما أن الله ــ وهو الغنى عن كل شىء ــ قد عرض مسألة خلق آدم على الملائكة قبل أن يخلقه. والله ــ كما نؤمن ــ هو الغنى عن رأى أو شورى الملائكة وغيرهم، ولكن الثابت أنه قد عرض الأمر قبل نفاذه تعليما لآدم ــ وأبنائه ضرورة عرض المسائل على من يهمهم الأمر والاستماع لرأيهم والرد عليهم بالحسنى وقبول النقد والنقض مع أنه الغنى العليم المحيط بكل شىء. والحقيقة الثانية أن الأمر الإلهى للرسول (وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ) أمر يلفت النظر، فالرسول هو من اصطفاه الله فوق الخلق، وعلمه ما لم يكن يعلم، وفوق كل ذلك فهو مزود بالوحى الذى ليس عند غيره، ورغم العلم الخاص والوحى، فالله يفرض عليه الشورى إبلاغا للجميع ألا يكتفى أحد بما عنده، ولا يستعلى على طلب الشورى، ففى كل الأحوال تضيف الشورى إلى المشاور ما لم يكن يعلم.

-2-

أما عناصر تطبيق الشورى وتفعيلها فهى:

أولا: مادامت الشورى موازية للصلاة والزكاة، و«للصلاة مؤسسة» هى «المسجد»، و«للزكاة مؤسسة» هى «بيت المال» فلا بد أن يكون للشورى «مؤسسة» دائمة مشهورة، ولتكن هى «مجلس الشورى».

ثانيا: حتى يؤدى مجلس الشورى وظيفته فلا بد أن يتم تقسيم هذا المجلس إلى دواوين متعددة بتعدد الأنشطة ومجالات الحياة الوظيفية، مثل (الزراعة/ الصناعة/ التعدين/ التعليم/ التجارة/ الأمن/ الدفاع/... إلخ).

ثالثا: ما دامت الشورى مقترنة بالصلاة والزكاة فلا بد من انتشارالشورى ودوامها انتشار الصلاة والزكاة. فالشورى «عمل علمى» تتولى جميع شئون المجتمع سلما وحربا، إنتاجا وخدمات... إلخ، فكيف يحقق المجتمع مصالحه إذا لم يكن أعضاء الشورى على أعلى درجة من التخصص العلمى؟

رابعا: تعدل قوانين النقابات والأندية الوظيفية (القضاء/ الشرطة/ الجيش... إلخ) فتصبح الجمعية العمومية للنقابة هى القاعدة الأساسية لتخصصها، ثم توضع الشروط الكفيلة بتمكين الجمعيات العمومية من اختيار أفضل أعضائها لمجلس شورى النقابة. وهذا المجلس لا تنال عضويته إلا بالانتخاب المباشر الداخلى من أعضاء النقابة بحيث يستوعب كافة فروع التخصص.

خامسا: تشغل مقاعد «مجلس الشورى القومى» بانتخابات خاصة يقوم بها أعضاء كل نقابة أو ناد وظيفى، فينتخبوا ممثليهم من بين أعضاء مجلس شورى نقابتهم، ليمكن دراسة ما يعرض على المجلس دراسة علمية متخصصة دون تلون سياسى أو حزبى.

سادسا: يشترط فيمن يرشح للمجلس القومى للشورى أن يكون قد أمضى 30 سنة خبرة فى نشاطه؛ مقيدا فى نقابته أو ناديه حاصلا على دراسات مهنية متجددة، تؤكد اطلاعه ومعرفته بمستجدات التخصص.

سابعا: فى حالة تكوين مجلس الشورى بهذه الصورة المقترحة، فلا بد من تعديل دستورى يتضمن إنشاء مجلس شورى بالكيفية المقترحة، كما ينص الدستور على عدم صدور أى تشريع دون توافق مجلس الشعب مع مجلس الشورى مع مراعاة قواعد الممارسة والشفافية المتوافرة فى خبرات البلاد ذات المجلسين الفعليين.

ثامنا: تتولى مناهج ومقررات التعليم قبل الجامعى والجامعى إشاعة مبدأ الشورى نظريا وعمليا، وجعله أساسا سلوكيا للتلاميذ والطلاب.

تاسعا: تتولى كل نقابة وناد وظيفى تثقيف المجتمع بحدود تخصصها وإمكاناته وما يستطيع أن يقدمه للبلاد، كما تقوم بنشر الشروط الواجب توافرها فيمن يختار هذا التخصص.

عاشرا: يتولى الإعلام المقروء والمسموع والمرئى إشاعة دراسات الشورى الصادرة من كل المستويات، وتدريب الناس على حسن مناقشتها والبحث عن أفضل الوسائل (تكلفة/ وقت/ موارد) لتحقيق خطط البلاد.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات