من يدافع عن الديمقراطية فى مصر؟ - سمير كرم - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يدافع عن الديمقراطية فى مصر؟

نشر فى : الجمعة 25 يوليه 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يوليه 2014 - 8:30 ص

ليست هناك أى بادرة شك فى اهتمام الغرب، وحكوماته بصفة خاصة، بأحداث مصر والبلدان الشرق أوسطية المحيطة بها. لكن هناك ظاهرة بارزة جديرة بالاهتمام، ولا يكاد المرء يدرى سببا لبروز هذه الظاهرة.

إن الإعلام الغربى ــ بما فى ذلك أقرب وسائله إلى السلطات الغربية وكذلك أبعدها ــ تهتم اهتماما خاصا وشديد الوضوح بما يجرى من أحداث فى مصر بشكل خاص. وهذا أمر مفهوم ولا يحتاج إلى تفسير.

ولكن ما يحتاج إلى تفسير هو إصرار الإعلام الغربى ــ خلال ذلك الاهتمام بمصر ــ على نقطة اتهام التطورات التى جرت فى مصر منذ بدأ خلع الإخوان من السلطة وحتى الآن بأنها انحراف عن الديمقراطية. بل إن من الملاحظ أن أجهزة الإعلام الغربية ــ الأمريكية بوجه خاص ــ تذهب إلى حد وصف الحكم الذى صعد إلى السلطة بعد إسقاط الإخوان فى ثورة شعبية لا مثيل لمشاركة حجم الجماهير الشعبية فيها بأنه حكم غير ديمقراطى. إن وسائل الإعلام الأمريكية والغربية حتى ذات التوجه التقدمى واليسارى لا تزال تتشبث بوصف الحكم فى مصر الناتج عن إسقاط الإخوان المسلمين بأنه «انقلاب عسكرى». وعلى سبيل المثال فإن موقع الاشتراكية العالمية على شبكة النت نشر قبل أيام ــ بالتحديد فى الخامس من شهر يوليو الحالى ــ تحليلا لأحداث السنة الماضية منذ عزل الإخوان وأعطاه عنوان «سنة واحدة منذ الانقلاب العسكرى فى مصر». إنما يمكن الذهاب إلى أن كل المواقع الإلكترونية على الشبكات التقدمية تتخذ الخط نفسه بلا تردد. وفى هذا التحليل يقول «إن الجيش (المصرى) فى إطلاقه الانقلاب سعى إلى أن يسبق حركة جماهيرية كانت قد تطورت ضد الرئيس الإخوانى محمد مرسى وقد تفجر الصراع الطبقى فى النصف الأول من عام 2013 بينما صعّد العمال 5544 إضرابا واحتجاجا اجتماعيا ضد حكم مرسى». واستطرد المصدر الاشتراكى ليقول «فى غياب حزب ثورى يحارب من أجل تجميع الطبقة العاملة فى صراع من أجل الاستيلاء على السلطة على أساس برنامج اشتراكى ودولى فإن القوى التى برزت وقد سيطرت على الحركة ــ وهى حركة تمرد فى الأساس ــ عملت من أجل توجيه المعارضة الشعبية وراء الجيش».

•••

قال هذا التنظيم الأمريكى هذا القول بينما كانت واشنطن تصعّد تدخلها فى حرب الشرق الأوسط. وتوجه فى الوقت نفسه انتقاداتها ضد النظام القائم فى القاهرة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى. بل إن واشنطن الإعلامية اعتبرت أن السيسى قام بانقلابه وعزل مرسى فى تنسيق مع المؤسسة العسكرية الأمريكية وإدارة الرئيس اوباما. وليس خافيا أن أمريكا الدولة قد استمرت فى توجيه انتقاداتها لصالح الإخوان بينما حرصت على أن تواصل اتخاذ إجراءات رسمية تؤكد رغبتها فى استمرار العلاقات مع القاهرة. وهو ما يشكل موقفا محيرا فى مغزاه ومدلولاته من جانب واشنطن. فكان من الضرورى البحث عن سبب وراء استمرار واشنطن فى وصف الحكم فى مصر بعد سقوط الإخوان بأنه غير ديمقراطى وأنه نتيجة حدوث إنقلاب قام به الجيش المصرى. والملاحظ أن الصحافة الأمريكية والأوروبية لا تزال توجه انتقاداتها للحكم المصرى بأنه غير ديمقراطي. بل إن موقع الاشتراكية العالمية ذهب إلى حد توجيه تحذير إلى الطبقة العاملة (المصرية) «من الدور الرجعى الذى يمكن أن تلعبه القوات المسلحة. إن الجيش سيسعى إلى فرض سياسات سيطالب بها رأس المال المالى... فى التحليل النهائى فإن الصراع بين العسكريين من ناحية والإخوان الذين تم عزلهم من ناحية أخرى هو قتال بين فئات متصارعة من الطبقة الحاكمة».

إن الاتهامات التى تصدر من واشنطن بشأن ما جرى وما سيجرى فى مصر عندما يأتى دور الانتخابات النيابية قد لا تجد تفسيرا واقعيا فى المرحلة الراهنة. ولكن الأمر المؤكد والواضح الآن هو أن الولايات المتحدة تظهر استعدادا جليا لأن تقف إلى جانب السلطة الحالية فى مصر ــ على الرغم من وصفها بأنها سلطة الجيش ــ لأنها لا تجد لها بديلا خاصة فى مواجهة التأييد الشعبى العارم للرئيس السيسى. لقد برهنت تحركات الرئيس السيسى العملية خاصة فى المجال الاقتصادى على أن غالبية كبيرة من الشعب المصرى تدرك مدى صعوبة الوضع الاقتصادى وهذه الغالبية تحرص فى الوقت نفسه على أن تترك المجال مفتوحا أمام معالجة الوضع الاقتصادى الصعب. ويبدو أن الولايات المتحدة قد أدركت أنها لا تستطيع أن تعرقل مسيرة الحكم القائم فى مصر حتى ولو كان ذلك عن طريق اظهار معارضة أمريكية قوية وصريحة ضد المساعدات العربية لمصر. وهكذا يتضح أن الولايات المتحدة تجد نفسها مضطرة لأن ترضخ ــ وإن تدريجيا ــ أمام الإصرار الشعبى المصرى على تخطى الصعاب الراهنة.

•••

إن مصر تخوض مواجهة غير عادية مع الولايات المتحدة لا تريد خلالها إظهار عداء لأمريكا. والولايات المتحدة بالمثل تخوض مواجهة غير عادية مع مصر لا تريد خلالها إظهار عداء لمصر. ومن السهل أن نتوقع أن تنجح مصر وتنجح الولايات المتحدة فى وضع سياستيهما موضع التنفيذ خلال الفترة القصيرة القادمة التى لن تتجاوز عامين يحسبان من بداية رئاسة السيسى.

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات