الإعلانات والمسئولية الاجتماعية للشركات - ميشيل أسعد - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 4:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعلانات والمسئولية الاجتماعية للشركات

نشر فى : الإثنين 25 يوليه 2016 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 25 يوليه 2016 - 10:50 م

انتهى موسم الإعلانات السنوى الأكبر فى مصر الذى تتنافس فيه الشركات بحملات إعلانية ضخمة، مستغلين كل الوسائل والإمكانيات المتاحة فى الدعاية لمنتجاتها.
فى السنوات الأخيرة، أصبح أبرز مكونات تلك الحملات الإعلانية هو الجانب الخيرى أو الاجتماعى الذى تحاول تلك الشركات إبرازه والحديث هنا عن الشركات الهادفة للربح وليس الجمعيات الخيرية. فنلاحظ تبنى عدد من الشركات الكبيرة لحملات خيرية لصالح قضايا معينة تهم المجتمع، مستثمرين فيها مواردهم المادية أو البشرية أو على الأقل مشجعين من خلالها الناس على فعل الخير.
اللافت للانتباه فى الأعوام القليلة الماضية، هو ظهور أصوات مطالبة الشركات بالتوقف عن دفع الملايين لنجوم الإعلانات والتبرع بتلك الأموال للجمعيات الخيرية. مما يطرح تساؤلات مهمة عن مسئولية الشركات تجاه المجتمع والدور الذى يجب أن تلعبه وهل يتعدى هذا الدور مسئوليتها المالية تجاه أصحاب رأس المال، ليشمل الجانب الاجتماعى والبيئى؟ وهل التبرعات السخية هى أقصى ما يمكن أن نطلبه من الشركات؟
نقلة نوعية فى نظرة المجتمع للمسئولية الاجتماعية والبيئية للشركات فى العقود الماضية:
منذ خمسينيات القرن الماضى، بدأ تغيير نوعى فى تعريف مسئوليات الشركات تجاه المجتمع. فأصبحت هناك توجهات تتحدى التوجه الرأسمالى النيوــ كلاسيكى المنتشر آنذاك، الذى أبرزه الاقتصادى الكبير ميلتون فريدمان، صاحب الآراء المثيرة للجدل، فى مقاله فى جريدة النيويوك تايمز، فى سبتمتبر 1970، بعنوان «المسئولية الاجتماعية للشركات هى زيادة أرباحها»، الذى شرح فيه وجهة نظره أن الشركات مهمتها الأساسية تقتصر على تحقيق أكبر مكسب مالى ممكن لأصحاب رأس المال، بعيدا عن أى دور اجتماعى أو خيرى.
فمع انتشار العولمة، أصبحت أنشطة وموارد ونفوذ بعض الشركات العملاقة تتخطى حدود الدول وبالتبعية زاد تأثير تلك الشركات على الحياة اليومية للعديد من الناس فى مختلف بقاع الأرض فى مقابل انخفاض نسبى فى قدرة الحكومات والقطاع العام. بالإضافة إلى ارتفاع فى نسبة عدم المساواة فى الدخول وتصدر الفضائح الأخلاقية والبيئية للشركات عناوين الجرائد بشكل متزامن مع ارتفاع نسبة الوعى حول القضايا البيئية والاجتماعية فى العقود الأخيرة.
أدت تلك الأسباب وغيرها، إلى زيادة فى الرقابة والضغط المجتمعى تجاه سلوك الشركات وإدراك الشركات لحتمية استثمار المال والموارد فى إبراز أو محاولة اختلاق الجانب المسئول للشركة وتأثيرها الإيجابى.
فى البداية، كانت إسهامات الشركات تقتصر بشكل كبير على تبرعات مالية أو دعم مادى لمشروعات خيرية، ولا يزال الجانب الخيرى مهيمنا على جهود أغلب الشركات. لكن أصبح سقف المطالب فى ارتفاع مستمر لاسيما مع إدراك المتابعين لاستغلال بعض الشركات لتلك المبادرات من أجل الدعاية أو خداع الناس بادعاء المسئولية، على الرغم من أن أنشطة الشركة تضر المجتمع والبيئة، مثلما حدث مع شركة الطاقة الأمريكية «Chevron» وغيرها. فأصبح مطلوبا من الشركات أن تستغل مواردها بشكل أكبر من إعانات موسمية. من خلال الالتزام بالمسئولية فى كل أنشطة الشركة الداخلية، بجانب الاستمرار فى الجهود الخارجية. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، أصبح من المهم للشركات، أن تتعامل مع موردين ملتزمين بالمعايير الأخلاقية والبيئية، أو أن تلتزم بالشركة بمعايير العدل والشفافية فى تعيين موظفين جدد أو أن تعامل الموظفين بشكل عادل بدون تمييز.
الجدير بالذكر، أن الأبحاث الأكاديمية واستطلاعات الرأى الحديثة لمديرين تنفيذيين لشركات حول العالم، تشير إلى أن المعاملات المسئولة للشركات تساهم إيجابيا فى تحسين صورة الشركات وزيادة ثقة المستثمرين والمستهلكين والموظفين فيها، بالإضافة إلى تحسين أداء الشركة المالى على المدى المتوسط والطويل.
***
على الرغم من التطور الكبير فى موضوع مسئولية الشركات بشكل عام، لكن لا يزال الطريق طويلا محفوفا بالعقبات المختلفة. أهمها هو غياب مفهوم واحد متفق عليه لتلك المسئولية، مما يمثل عقبة أمام محاولات تشجيع وتعميم تلك الجهود. كما أن تلك الأنشطة لا تزال اختيارية فى أغلب الدول وغير ملزمة على الشركات. بالإضافة إلى صعوبة قياس الأداء الاجتماعى والبيئى للشركات على عكس الأداء المالى، مع غياب معايير واضحة ملزمة لتقييم تلك الممارسات. لكن المبشر هو ارتفاع نسبة الوعى بشكل متفاوت حول العالم وتحديدا فى العديد من الدول النامية بعد فترة من السبات، فنجد العديد من الناس مهتمين بمدى مسئولية الشركة قبل شراء منتجها أو العمل والاستثمار فيها.
مسئولية الشركات الاجتماعية تتعدى التبرع بجزء من أرباحها، لتشمل ضمان تحقيقها لتلك الأرباح بطرق مسئولة لا تضر المجتمع والبيئة.
اهتمام الشركات بالجانب الخيرى سواء كان التبرع بالمال أو المساهمة فى أنشطة خيرية أمرا إيجابيا، ولكنه كما ذكرت، يمثل جزءا صغيرا من مسئولية تلك الشركات تجاه المجتمع والمسئولية للشركات الكبيرة قطعا أكبر. فكما تهتم تلك الشركات بالمسئولية فى توزيع نسبة ضئيلة من أرباحها عليها الاهتمام ربما بنسبة أكبر بتحقيق تلك الأرباح بطرق مسئولة لا تضر المجتمع والبيئة، بل على العكس تساهم فى ازدهارهما.

مستشار إدارة وتطوير أعمال، وحاصل على درجة الماجستير بمدرسة لندن للاقتصاد

اقتباس
فمع انتشار العولمة أصبحت أنشطة وموارد ونفوذ بعض الشركات العملاقة تتخطى حدود الدول، وبالتبعية زاد تأثير تلك الشركات على الحياة اليومية للعديد من الناس فى مختلف بقاع الأرض فى مقابل انخفاض نسبى فى قدرة الحكومات والقطاع العام.

ميشيل أسعد مستشار إدارة وتطوير أعمال، وحاصل على درجة الماجستير بمدرسة لندن للاقتصاد
التعليقات