الإرهاب أداة للحصول على تنازلات - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإرهاب أداة للحصول على تنازلات

نشر فى : الإثنين 25 أغسطس 2014 - 8:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 أغسطس 2014 - 12:09 م

نشر مركز العلاقات الدولية وشبكة الأمن (ISN) بسويسرا مقالا تحليليا للكاتب إيستيبان كلور، بعنوان «هل الإرهاب أداة فعالة للحصول على تنازلات إقليمية؟، جاء فيه: أن الإرهاب قضية مهمة لكنها معقدة وتؤثر على بلدان كثيرة. ومع أن لدينا فهما جيدا للمحددات التى وراء الحملات الإرهابية، فإن اهتماما قليلا جدا يوجه لمسألة ما إذا كان الإرهاب استراتيجية فعالة لإجبار البلد المستهدف على تقديم تنازلات سياسية وإقليمية أم لا. ويدعو نقص الأبحاث للدهشة، فى ظل أن الإجابة عن هذا السؤال مهم لفهم سبب وجود الإرهاب بحال من الأحوال، ولماذا يبدو متزايدا فى أنحاء كثيرة من العالم.

آراء متعارضة

تقدم الأدبيات ذات الصلة رأيين متعارضين بشأن هذه القضية. فالرأى الأول يزعم أن الإرهاب يتزايد فى أنحاء العالم لمجرد أنه يعمل. ويقول اتجاه البحث هذا إن الحملات الإرهابية التى تستهدف الديمقراطيات الغربية غالبا ما تحقق تغييرات سياسية مهمة. ذلك أن الناخبين الغربيين هم القناة الرئيسية وراء هذا الأثر لأنهم شديدو الحساسية فى العادة للخسائر البشرية الناجمة عن العمليات الإرهابية. وبعد ذلك يحث هذا قادتهم على تقديم تنازلات للفصائل الإرهابية. أما الرأى الثانى فيقول إن هناك أدلة قليلة جدا تبين أن الإرهاب فعال، لكن واقع الأمر هو أن الديمقراطيات أقل احتمالا لأن تكون هدفا للأنشطة الإرهابية من الأنظمة الأوتوقراطية، وأن الديمقراطيات أقل احتمالا لتقديم تنازلات إقليمية أو أيديولوجية.

أحد عيوب المقاربتين الأساسية هو أنهما تميلان إلى التركيز على عينة صغيرة من البلدان وتقدمان تقديرات بشأن نجاح الحملات الإرهابية ضدها. ومع ذلك فإن المقارنات عبر البلدان إشكالية لعدة أسباب. أولا: من الصعب التحكم فى كل العوامل التى يمكن ربطها بمستويات الإرهاب والاستقرار السياسى والحرية فى بلد واحد. وهذه العوامل كلها من الأرجح تحديدها داخليا، وهى تتأثر بالجغرافيا والتاريخ الاستعمارى والتركيبة العرقية والانتماء الدينى.

ثانيا: ربما تظهر الجماعات الإرهابية داخليا فى بعض البلدان تبعا لمعدل نجاح الاستراتيجيات الأخرى، وطبقا لمعدل النجاح المتوقع للاستراتيجيات الإرهابية. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل حقيقة أن معظم البلدان التى تعانى من مستويات إرهاب هى جيران جغرافيون، وتشترك فى سمات متشابهة من ناحية صراعات الحدود طويلة الأمد المختلطة بالتوترات العرقية والدينية. والتحكم فى هذه العوامل صعب فى قطاع عرضى من البلدان، مما يجعل استنتاج الخسائر من الأدلة القائمة أمرا إشكاليا. ثالثا: من الصعب فى الغالب تقدير ما إذا كان الإرهاب فعالا أم لا عندما لا تكون أهداف الإرهابين واضحة.

أدلة من الناخبين الإسرائيليين باستخدام بيانات على مستوى الأفراد

تغلبت ثلاث دراسات شاركتُ فيها، دراستان مشتركتان قمت بها أنا وكلود بيربى، ودراسة قمت بها أنا وإيريك جولد على هذه الصعوبات المنهجية بالتركيز بشكل حصرى على الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، بتحليل عينات كبيرة للبيانات الخاصة بالأفراد، وباستغلال التنوع فى عدد الهجمات الإرهابية على مر الزمن وعبر مواقع داخل إسرائيل فى الفترة من 1988 إلى 2006.

استخدمت الدراستان اللتان أجريتهما أنا وبيربى بيانات عن أنماط التصويت الفعلية على المستوى المحلى لبيان أن الهجمات المحلية حولت الناخبين إلى الأحزاب اليمينية. وبشكل خاص، تشير نتائجنا فى عام 2008 إلى أن حدوث هجوم إرهابى فى منطقة معينة خلال ثلاثة أشهر سابقة للانتخابات يسبب زيادة قدرها 1.35 بالمائة فى تأييد تلك المنطقة للكتلة اليمينية من الأحزاب السياسية. وهذا الأثر له حجمه السياسى المهم بسبب مستوى الإرهاب المرتفع فى إسرائيل وحقيقة أن الناخبين منقسمون بشكل متقارب بين كتلتى اليمين واليسار.

علاوة على ذلك، للوفيات الناجمة عن الإرهاب آثارهما المهمة على الناخبين التى تتجاوز المنطقة التى ارتُكِب فيها الهجوم، ويكون أثره الانتخابى أقوى كلما كان موعد الانتخاب أقرب. ولا توفر هذه النتائج دعما إمبريقيا قويا لافتراض أن الناخبين يبدون رد فعل شديد الحساسية تجاه الإرهاب، لكنها تشير كذلك إلى أن الحملات الإرهابية لديها ميل إلى لإحداث رد فعل عكسى لأنها تزيد الدعم الانتخالى للأحزاب الصقور.

أركز أنا وجولد (2010) على استطلاعات للناخبين الإسرائيليين لتبنى رؤية أكثر شمولا للمواقف السياسية. فنحن ننظر إلى أنماط التصويت الفردية ونبحث كذلك ما إذا كانت الهجمات الإرهابية تجعل المواطنين الإسرائيليين يصبحون أكثر استعدادا لتقديم تنازلات إقليمية للفلسطينيين. وبالإضافة إلى ذلك، نبحث ما إذا كانت الهجمات تجعل الإسرائيليين يغيرون أفضلياتهم بشأن الأحزاب السياسية أم لا، وكذلك مواقفهم نحو إقامة دولة فلسطينية، وما إذا كان الناخبون الإسرائيليون يعرفون أنفسهم بأنهم «يمينيون» أم لا. وتشير نتائجنا إلى أن الهجمات الإرهابية دفعت الإسرائيليين إلى اليسار فيما يتعلق بالآراء السياسية بجعلهم أكثر احتمالا لتأييد منح تنازلات للفلسطينيين. ولهذا السبب، هذه الورقة هى أول تحليل شامل يبين أن الإرهاب يمكن فى وصفه فى واقع الأمر بأنه استراتيجية «فعالة».

نتائج متضاربة

تشير المقالات الثلاث مجتمعة إلى نتيجتين متناقضتين على نحو واضح. أولا: الإرهاب يجعل الإسرائيليين يصوتون بشكل متزايد لمصلحة الأحزاب اليمينية. ثانيا: فى الوقت نفسه، يتجه الناخبون الإسرائيليون يسارا فى آرائهم السياسية. ويمكن توفيق الاختلاف فى نمط النتائج بفكرة أن برامج الأحزاب السياسية الإسرائيلية تتغير بمرور الوقت.

على سبيل المثال، ذكر برنامج حزب الليكود اليمينى أثناء انتخابات 1988 أن «دولة إسرائيل لها حق السيادة فى يهودا والسامرا (الضفة الغربية) وقطاع غزة» وأنه «لن يكون هناك تقسيم إقليمى، أو دولة فلسطينية، أو سيادة أجنبية، أو تقرير مصير أجنبى (فى أرض إسرائيل)». ويتناقض هذا بشدة مع برنامج الليكود قبل انتخابات 2009 الذى ذكر أن «الليكود مستعد لتقديم تنازلات (إقليمية) مقابل اتفاق سلام حقيقى وموثوق به». ويُقال إن موقف الليكود فى عام 2009 هو يسار برنامج حزب العمل اليسارى فى عام 1988.

يبين مشروع البحث المفصل فى الأوراق الثلاث أن الهجمات الإرهابية التى شنتها الفصائل الفلسطينية دفعت بالناخبين الإسرائيليين نحو موقف أكثر توافقا فيما يتعلق بأهداف الفلسطينيين السياسية. وفى الوقت نفسه، يحث الإرهاب الفلسطينيين على التصويت بشكل متزايد لمصلحة الأحزاب اليمينية، حيث تتحول الأحزاب اليمينية (وبشكل خاص الجماعات الديموغرافية التى تميل إلى اليمين فى آرائها) إلى اليسار ردا على الإرهاب. ومن ثم نبين أن الإرهاب يؤدى إلى منح التنازلات الإقليمية ليس بسبب إمكانية تعزيز الضغط الدولى فحسب، بل كذلك لأنه يخلق ضغطا سياسيا داخليا عند الناخبين المستهدفين.

التعليقات