معركتنا أبعد من انتخاب رئيس - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معركتنا أبعد من انتخاب رئيس

نشر فى : الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 - 10:10 م

انتخاب الرئيس، أيا يكن شخصه، وفق التركيبة السياسية القائمة، لن يبدل الشىء الكثير من رؤيتنا للعمل المدنى ــ الثقافى – الوطنى. هذه الطبقة السياسية لن تنتج رئيسا إلا على صورتها. سيكون الرئيس مرآة لها، وفى أحسن الأحوال، مرآة ملطفة بتقسيم الحصص وتدوير الزوايا وتبويس اللحى والتنازلات المهينة من هذا الفريق وذاك.

الرئيس الذى سيُنتخب، أيا يكن، سيكون رئيسا للعار المتواصل فصولا دراماتيكية، ابنا «شرعيا» لهذه الطبقة المخيفة فى مدى انحطاطها الذى تخطى كل «المعايير»، وكسر كل الأرقام القياسية.

لقد فسدت الحياة فى بلادنا الفساد الأكول، الذى بلغ «المرتجى»، فصار يلتهم أهله الفاسدين بالذات، بعدما كان يكتفى بالتهامنا كمواطنين، وبالتهام البلاد. لم يعد ممكنا ارتجاء أى خير من هذه الطبقة السياسية. هى ذاتها، لم تعد تؤمن بذاتها، بعدما أضحت تسخر من نفسها، بالانقلاب العلنى على مواقفها، على طريقة الكوميديا الجحيمية السوداء، الباعثة على الضحك الأسوَد، كما على القرف والاحتقار والتقيؤ.

سينتخبون رئيسا، عاجلا أم عاجلا. التسويات الرخيصة هى التى ستكون سيدة الموقف. لا يأملن أى «مواطن» فى الرئيس الذى سيُنتخَب. ففى ظل هذه البنية المؤسسية والبشرية الفاسدة، سنحظى – إذا حظينا – برئيس هو «ضمير» هذه البنية الفاسدة.

هدفنا، كمواطنات ومواطنين مدنيين، الكفاح من أجل إنتاج بيئة وطنية تهيئ لقيام طبقة سياسية وإدارية نظيفة، تؤمن بالأخلاق أولا، الأخلاق كسلم قيم، وتؤمن ثانيا بدولة المؤسسات، دولة الحق والقانون.
معركتنا طويلة. فى البيوت، فى الكتب، فى المؤسسات، فى المدارس، فى الجامعة، فى المدينة، فى الريف، بين الأطفال والأولاد، لدى الشباب خصوصا، وفى أوساط الرأى العام التقليدى عموما.

لن نترك وسيلة للتواصل الاجتماعى. لن نترك تلفزيونا. ولا جريدة. لن نترك زنقة، ولا شارعا. لن نترك شجرة. لن نترك نسمة هواء. لن نترك ظلا. ولا غيمة. لن نترك كابوسا يقض مضاجعنا. سنفتح الأحلام على آخرها. ولن نُعدم وسيلة مدنية، ديموقراطية، إلا سنغتنمها. سنزرع الأمكنة كلها، بالأفكار، والآراء، والمواقف، وسنجعل عيوننا الناقدة فى كل مكان، من أجل فضح كل فساد، وسنلاحق الطبقة السياسية أينما حلت، ولن نترك أحدا من «شرنا». ليس عندنا مطامع صغيرة. مطمعنا الوحيد هو المجتمع المدنى، الذى وحده يقدر على إنتاج طبقة سياسية خلاقة. نحن قد لا نكون قوة ضاربة فى المجتمع. لكننا ننمو بتؤدة، وبصبر، وبتواضع، فى كل مكان، وخصوصا فى أحلام الشباب.

معركتنا أبعد من انتخاب رئيس.

النهار ــ لبنان
جمانة حداد

التعليقات