حصريا.. فى بلاد العرب - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حصريا.. فى بلاد العرب

نشر فى : الجمعة 25 نوفمبر 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 25 نوفمبر 2016 - 9:35 م
• يرى رسول الله«صلى الله عليه وسلم «طائرا مفزوعا يبحث عن أفراخه التى أخذها صحابى ليربيها عنده فيهتف حزينا «من فجع هذه فى أفراخها ردوا عليها أفراخها»، وهذه بغىٌ دخلت الجنة فى كلب سقته، وهذا وفد نجران المسيحى يمكث شهرا فى المسجد فى ضيافة الرسول «ص» ثم يرفض الإسلام فيعود مكرما لوطنه دون مضايقة، وهذا رسول الله يقف لجنازة يهودى ويقول «أليست نفسا».

• كل الناس تفهم الدين بطريقة صحيحة إلا فى بلاد العرب، نفهمه صراعا على الحكم، تفجيرا وتكفيرا للآخر، أو ضابطا يصلى ويمتهن التعذيب، وموظفا يحرص على الرشوة كما يحرص على الصلاة، وحاكم يُشرد نصف شعبه ويقتل ويجرح مليونا منهم ليبقى فى السلطة، ألم تكن لديه وسيلة واحدة ليحفظ دولته ويبقى شعبه كريما ولا يسمح للميليشيات والجيوش الأجنبية من غزو دولته.

• بلاد العرب مهد الرسالات والرحمات والبركات تجد فى كل شبر منها ميليشيا مسلحة وأكثرها طائفى أو مذهبى أو عرقى متعصب أو تكفيرى، ترى الحوثيين فى اليمن، الحشد الشعبى فى العراق، القاعدة والنصرة فى سوريا، داعش فى العراق، حزب الله فى لبنان، شباب الإسلام فى الصومال، الفصائل التكفيرية المسلحة فى ليبيا.

• ترى بلادنا تموج بين حكام مستبدين أو ثورات فوضوية أو ميليشيات تقتل بالاسم أو المذهب أو الوظيفة.

• أمة العرب هى الأمة التى بُعث فيها معظم الأنبياء والرسل الذين جاءوا جميعا بالحب والعفو والتسامح والرحمة ورغم ذلك تجدها أكثر الأمم التى تعج بالاغتيالات والتفجيرات والتصفيات الجسدية رغم نداء السماء العلوى الذى يصم آذانها «مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَمَا قَتَلَ النَاسَ جَمِيعا» وهى أكثر أمة تسيل دماؤها بغير حق وفى صراعات تافهة على السلطة والنفوذ والأموال.

• أمة العرب التى صكت آذانها مرارا قصة المرأة التى دخلت النار فى هرة حبستها فلم تطعمها ولم تتركها تأكل من رزق الله فى أرضه ولم تنفعها صلاتها وصيامها، ورغم تكرار سماع هذه القصة إلا أنها الأمة الأولى فى معدلات التعذيب فى السجون والأقسام، فليست هناك دولة عربية ليس فيها تعذيب تتفاوت معدلاته وقسوته من بلد إلى آخر.

• والغريب أنها الأخيرة فى التكنولوجيا والعلوم رغم أنها الأمة التى خاطبها الله بـ«اقرأ» فإذا بها تكره العلم وتحب الجهل وتعشق الفوضى وتكره النظام، والكتاب يطبع منه ألف نسخة فلا توزع جميعا حتى وإن كان جيدا، أما فى أمريكا فالطبعة الأولى من أى كتاب قد تجاوز الملايين وتنفد، إنها شعوب تقرأ.

• كل جامعات العرب لم يحصل عالم واحد منها على نوبل، لم يخترع عالم منها جهاز طبى يشار إليه بالبنان مثل قسطرة القلب أو دعامتها أو الرنين المغناطيس أو الدوبلر وغيرها، بل إن كل الدول العربية فشلت فى تقليد هذه الأجهزة مثل الصين كما فشلت فى صناعة سيارة فى الوقت الذى تصنع فيه كوريا الجنوبية ثلاثة أنواع من أرقى السيارات رغم أن إمكانيات الدول العربية أكبر بكثير من كوريا.

• أما مصر صاحبة السبعة آلاف سنة حضارة فلم تصنع التوك توك لتوفر العملة الصعبة بدلا من استيراده من الهند، هل يعقل أن أمة «اقرأ» نسبة الأمية فيها من أعلى المستويات العالمية، أما خريجو الدبلومات المتوسطة والمعاهد فوق المتوسطة فلا يعرفون كتابة الأسماء بطريقة صحيحة.

• أمة العرب التى خوطبت بـ«فاصفح الصفح الجميل»، «فاصفح عنهم وقل سلام» وقيل لها على لسان عيسى عليه السلام «أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم» تتنكر لهذه المعانى النبيلة ولا يعرف العفو أو الرحمة إلى قلبها طريقا، وصراعاتهم أقسى الصراعات، ربهم يناديهم: «وَالصُلْحُ خَيْرٌ» وهم يدعون أنه شر، يتصالحون مع أعدائهم دون شعوبهم وأبنائهم.
• فى بلادنا تم تحرير سعر الصرف ولدينا آلاف السجناء لم يرتكبوا عنفا فمتى يتحررون أسوة بسعر الصرف.

• فى بلاد العرب فقط وحصريا معظم سكان سوريا هجروها وتركوها للحكومة والميليشيات المتقاتلة والأساطيل الأجنبية التى تسرح وتمرح فى سمائها ومائها، العرب أمة الحصرى الذى لا يستطيع أحد تقليده.

• تظاهر الشباب الأمريكى فى الشوارع والجامعات ضد صعود ترامب لسدة الرئاسة، انتهت المظاهرة بمشهد مثير جدا لأمثالنا العرب، فالمتظاهرون يسلمون صفوفا على الشرطة فى محبة ومودة وابتسام لا نظير له، ما هذا؟!

• فى بلادنا الميمونة كل مظاهرة إما تشتم أو تخرب أو تحرق أو تترك خلفها مصيبة أو تقمعها الشرطة بالغاز أو الرصاص أو تجرح أو تقتل بعض المتظاهرين أو المارة وتقبض على المئات الذين يهانون ويلاقون الأهوال بعد ذلك، وتتحول المظاهرة إلى مآسٍ فى كل بيت، نحن نختلف عنهم بالقطع، فلا المتظاهر متحضر ولكنه فى الغالب فوضوى ويميل للتخريب ولا الشرطى رحيم ومنضبط بالقانون ولكنه عادة ما يكون جبارا وقاسيا.

• التغيير يبدأ من الإنسان، وبلادنا تحطم الإنسان بحجة إتمام البنيان، أكثر الشباب الآن يعشق دور «الصايع» أكثر من دور «العالم أو الزاهد،عاشق العمل» الشاب لدينا يهتم بمظهره أكثر من العلم والعمل.

• الديمقراطية فى بلادنا شكلية ميتة لا جوهر لها ولا مضمون .

• والكراهية فى بلاد العرب فاقت الحدود تحت وطأة الصراعات السياسية والفكرية والمذهبية وغذتها الميليشيات والجماعات التكفيرية والشيعية والعرقية، فضلا عن الفقر الذى هو قرين الكفر، وأصبح الحب عملة نادرة، حتى بين الأزواج وفى البيوت.

• لقد نسيت أمتنا أن القلب المملوء بالحب تفتح له أبواب السماء، وأن القلوب المشحونة بالكراهية تغلق أمامها أبواب الخيرات فى الأرض والسماوات، والغريب أن الشعوب فى البلاد الغربية مهذبة وراقية ولديها قواعد أخلاقية فى التعامل إلا أمتنا حيث تسمع السباب والشتم واللعن، والطعن فى الأعراض فى كل مكان، والردح فى القنوات.

• أكاد أحصى فى شارع عيادتى خناقة كل ساعة تبدأ بوصلات ردح وسب للأديان، هل هذه هى أمة عاش فى بلادها يوسف الصديق، أو سمعت هتاف المسيح «الله محبة» أو هتاف محمد عليهما السلام «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

• من يصدق أن بلاد العرب التى هبط إليها جبريل الأمين مرارا وتكرارا بالرسالات العظيمة هى أكثر أمة تعانى الاستبداد والديكتاتورية وحكم الفرد وصناعة الآلهة؟

• من يصدق أن هذه البلاد التى ساسها الأنبياء بالعدل والرحمة والرفق والعطف والزهد ومات الأنبياء عنها دون أن يورثوا دينارا ولا درهما وورثوا العلم والرسالة وحدها يسوسها ويقودها الاستبداد والفساد فى شتى صوره بدء من الأسرة وانتهاء بأكبر المؤسسات؟

• من يصدق أن حكام بلاد العرب دون غيرهم يموتون أو يعزلون وهم يملكون المليارات وشعوبهم غاية فى الفقر والعوز؟

• من يصدق أن هذه البلاد التى تنزلت فيها الرسالات بالعدل الاجتماعى فيها من التفاوت الطبقى ما لا يوجد فى البلاد الرأسمالية؟

• لماذا لم تعد تعرف بلادنا أخلاق الأشعريين الذين مدحهم الرسول «ص» لأنهم كانوا يتقاسمون الطعام بالسوية أيام المجاعات، وأمجاد يا عرب أمجاد، اللهم اهدِّ أمتنا.
التعليقات