الحبيب محمد.. فمن يأتينى بمثله - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحبيب محمد.. فمن يأتينى بمثله

نشر فى : الجمعة 25 ديسمبر 2015 - 10:25 م | آخر تحديث : الجمعة 25 ديسمبر 2015 - 10:25 م
لغة الكلام على فمى خجلى *** ولـولا الحــب لم أتكـلم
يا مظهر التوحيد حسبى أننى *** أحد الشداة الهائمين الحوم
• كانت هذه الكلمات الرائعة تنطلق من فم أعذب الأصوات وأقواها وأصفاها وأحبها للرسول «ص» وهو الشيخ النقشبندى لتزيل من نفسى هموم السجن كله وتغسل أحزانى وتجدد همم الصلاح وعزمات الإيمان ودفقات الحب المتجددة فيها للنبي«ص».. وتجعلنى أكثر حرصا على الراديو الترانزستور من أن يضبط فى أى تفتيش.. ويؤزنى أزا على البحث عن أفضل مخبأ ممكن فى الزنزانة للراديو الصغير ومعه الأوراق والأقلام.. وكان ضباط السجون والمخبرون يجدون فى البحث عن هذه الأشياء الثمينة فى أوقات الشدائد ولا أدرى لماذا كانوا يهتمون بها فهى أقل من تضييع جهودهم فى ذلك.. أما إذا هدأت الأمور فقد يدخل التليفزيون للعنابر .
• كان حب الرسول «صلى الله عليه وسلم» يتعمق ويتعملق فى قلبى كلما استمعت لكلمات النقشبندى فأفكر فى سيرة الحبيب مجددا وأدرسها وأدارسها مرات.
• ولد يتيم الأب ثم لم يهنأ بأمه فماتت ليتجرع كأس اليتم كاملا.. ورغم ذلك لم يكره أحدا أو يحقد على صاحب نعمة مهما عظمت.. ولم يجعله اليتم مدللا فاقد الإرادة والجد أو يجعله فاقدا للأمل أو عزة النفس.. فقد أحيط بالحب والود من الجميع بدءا من جده سيد بنى هاشم مرورا بعمه الحنون أبى طالب وأسرتيهما الذين غمروه بالحب المعتدل الذى لا يعرف التدليل المفرط أو القسوة والغلظة وكلاهما يقتل فى النفس فضائل كثيرة .
طوعا لأحكام القضاء خطى على *** هذا السرى خطو اليتيم المعدم
متجردا من كل جاه ظاهر *** وبغير جاه الله لم يستعصم
• لقد جاء النبى «ص» إلى الدنيا وهى تنتظر نبيا ينقذها.. وولد فى أمة تحتاج إلى نبى يهديها ويوحدها.. زاده اليتم صلابة ورحمة وشفقة واهتماما بالضعفاء ولم يكسر إرادته.. كان على صلة بالدنيا وليس منقطعا عنها انقطاع الزهاد فى الصوامع ولا منغمسا فيها انغماس أهل الدنيا الذين لا هم لهم غيرها.
• كان عريق النسب فى أمة تجل الأنساب والأحساب.. لم يكن غنيا مترفا يغلق عليه الترف همم النفوس وتواضعها وعزمات الإيمان والتوجه نحو السماء.. ولم يكن فقيرا معدما بل كانت يده هى العليا دائما.. واختار أن يكون عبدا رسولا انكسارا للرب سبحانه وتواضعا للخلق وليقتدى به كل الدعاة وحملة الرسالة.. حتى كان لا يوقد فى بيوته نارا أو يطبخ فيها طعام لثلاثة أشهر وليس فيها سوى التمر والماء.
• أحب خديجة «رض» التى وقفت إلى جواره وواسته بنفسها ومالها فماتت عنه وهو فى أمس الحاجة إليها.. وركن إلى دعم عمه الحنون أبى طالب ومساندته له فى وجه قريش وحلفائها فمات دون أن يسلم رغم إلحاحه عليه ورغبته فى إسلامه فخوطب بقوله «إنك لا تهْدى منْ أحْببْت ولـٰكن ٱلله يهْدى من يشاء» فاستسلم لأمر الله ولم يعقب .
• أحب ابنه إبراهيم فقبض ملك الموت روحه فلم يملك إلا الاستسلام لأمر مولاه وذرف الدموع عليه قائلا لأصحابه الذين ظنوا هذه الدموع ضعفا «إنها رحمة يبعثها الله فى قلوب من يشاء من عباده الرحماء».
• ويحب الحسن والحسين ويتسرى بهما عن موت بنيه ويجد فيهما السلوى.. فيركبانه كالجمل فى منظر مهيب وقد جاوز الستين وهو نبى الأمة ورئيس الدولة فيعجب عمر لذلك فيقول ضاحكا «نعم الجمل جملكما ونعم الحملان أنتما»، فيخبر بما سيجرى عليهما من أقدار صعبة فيبشر الحسين بالجنة ويبشر الحسن بالسيادة فى الدارين لحقنه دماء المسلمين.. ويفعل ذلك وهو راض عن ربه وقدره.
• أحب عمه حمزة وقدر دفاعه عنه فإذا بالمشركين يقتلوه غيلة فى أحد ويبقروا بطنه ويجدعوا أنفه فيريد الثأر له فيمنعه ربه ويأمره بالصبر والعفو فيمتثل لأمر الله.
• ويحب مكة فإذا بغلاظ القلوب من المشركين يصرون على إخراجه منها فيهتف قلبه ولسانه «إنك لأحب البلاد إلىَّ ولولا أن قومك أخرجونى منك ما خرجت».
• ويحب أصحابه ويحنو عليهم فيمتحن فيهم فيراهم وهم يعذبون وينكل بهم فلا يملك لهم دفعا أو نصرة.
• يؤسس مدرسة الصبر ويقوم على إدارتها فيدخل المئات من أصحابه إليها ويتخرجون منها بامتياز فهذا صهيب الرومى يحصل على وسام «ربح البيع يا صهيب» وبلال ينال وساما «بلال سيدنا» وآل ياسر يحصلون على شهادة «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة» وأنس بن النضر يحوز وساما «لو أقسم على الله لأبره».
• ويعز عليه ألا يجد العدل والرحمة فى ذوى قرباه من مشركى قريش فينشد العدل لأصحابه عند النجاشى ملك الحبشة فيمدح عدله ورفقه رغم أنه على دين آخر.. ترسيخا لقيم الإنصاف فى الحكم على الناس مهما كانت ديانتهم.
• ويضيق به الحال فى مكة فيذهب إلى الطائف فيسخر كبراؤها وزعماؤها وسفهاؤها منه فيقول أحدهم «ألم يجد الله غيرك حتى يبعثك»، ويقول الآخر «لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم»، ويقول الثالث «لو كنت نبيا حقا لا أكلمك أبدا»، فيصبر لأمر ربه ولا يبادل السوء بمثله ثم أمروا صبيانهم وسفهاءهم فضربوه بالحجارة «فأبى أن يدعو عليهم.. أو يسخط ربه عليهم وهو يملك ذلك.. بل دعا لهم «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون».
• وحينما عاد إلى مكة وجد يافطة معلقة فى كل مكان «ممنوع دخول محمد» ولولا أن أجاره المطعم بن عدى ما استطاع العودة إلى بيته.
• وكان يمر على القبائل يرجو نصرتهم أو حمايتهم فينصرفون عنه.. فلا يحقد عليهم أو يذكرهم بقبيح حتى تشرف أهل المدينة بنصرته.. فلو أن أهل الطائف نصروه لكان كل شرف وخير وبركة ودعاء لحق بالمدينة لحق بهم.. ولكنه الحرمان بحق.
• ثم ها هى مكة تقاطعه وأصحابه اقتصاديا لثلاث سنوات لا طعام، لا مال، لا زواج، لا خروج، لا تجارة.. فجاع النبى وعطش كما جاع أصحابه وعطشوا حتى جاء الفرج .
• إنه محمد «ص» ذلك النبى الكريم الذى بذل الغالى والرخيص لكى تصل إلينا الرسالة المحمدية سهلة نقية واضحة صافية غضة طرية قوية أبية.. فهل نحافظ عليها أم نضيعها؟!.
التعليقات