ضرورة الانفتاح أكثر على الأوروبيين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضرورة الانفتاح أكثر على الأوروبيين

نشر فى : الخميس 26 فبراير 2015 - 9:45 ص | آخر تحديث : الخميس 26 فبراير 2015 - 9:45 ص

زرت برشلونة بدعوة كريمة من منظمة «الاتحاد من أجل المتوسط» لمدة ست وثلاثين ساعة، ربعها ضاع تقريبا فى السفر والترانزيت فى فرانكفورت. هذا الاتحاد قد يمثل إحدى الفرص حتى ولو لم تكن كبيرة فى الانفتاح أكثر على الأوروبيين فى حوض المتوسط لتخفيف الضغوط التى تتعرض لها مصر من الولايات المتحدة وبعض التابعين لها.

«الاتحاد من أجل المتوسط » نشأ رسميا عام ٢٠١٢، لكن عمليا هو ابن شرعى لعملية برشلونة التى انطلقت عام ١٩٩٥ ، وربما أراد المنظمون والمنظرون لها أن تدمج إسرائيل فى المنطقة العربية خصوصا مع انطلاق المفاوضات متعددة الأطراف التى تلت توقيع اتفاق أوسلو عام ١٩٩٣ بين الفلسطينيين والإسرائيليين ثم اتفاق وادى عرب بين الأردن وإسرائيل عام ١٩٩٤ وكانت الآمال وقتها كبيرة فى سلام حقيقى يعيد الحقوق المسلوبة للفلسطينيين لكن وكما هو معروف نجح المتطرفون الصهاينة فى قتل عملية السلام وإسحاق رابين ثم صعد الليكود وعصابة الشر الصهيونية التى تعيش أزهى أيامها الآن بعد أن تكفل داعش وبقية المتطرفين بتحقيق كل الأهداف الصهيونية مجانا.

تجمدت عملية برشلونة طويلا إلى أن حاول حسنى مبارك وساركوزى إحياءها عام ٢٠٠٨ برئاسة مشتركة منهما. المهم سقط الاثنان، كل بطريقته، الأول بثورة شعبية عارمة، والثانى بصندوق الانتخابات وفضائح متعددة أخطرها علاقته بمعمر القذافى. وفى ٢٠١٢ انتقلت الرئاسة للأردن وإدارة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبى فى بروكسل، والطريف أن الأردن ليست دولة متوسطية أساسا.

لم نشعر كثيرا طوال السنوات الماضية بهذا الاتحاد الذى يشغل جزءا من قصر ملكى عتيق فى واحدة من أرقى ضواحى برشلونة إلى أن تولى السفير المصرى النشيط إيهاب فهمى ــ منذ شهور قليلة ــ منصب المستشار السياسى للأمين العام للاتحاد وهو فتح الله السجلماسى ودعا مجموعة من الإعلاميين المصريين لمقابلة قادة الاتحاد من أول أمينه العام إلى مسئولى القطاعات النوعية به.

الاتحاد يضم ٤٣ دولة، منها ٢٨ دولة أوروبية و١٥ دولة أخرى، معظمها بلدان عربية. مهمة التطبيع ودمج إسرائيل تلاشت بعد التطرف الصهيونى من جهة، والتشرذم العربى من جهة أخرى، وشيئا فشيئا صارت وظيفة الاتحاد هى إقناع مؤسسات التمويل بتوفير التمويل اللازم لمشروعات تهم قطاعات جماهيرية فى بلدان جنوب المتوسط.

الاتحاد وفر نحو أربعة مليارات يورو لتسعة وعشرين مشروعا فى السنوات الثلاث الماضية، منها مشروع تطوير منطقة مطار إمبابة بتكلفة تبلغ مائة مليون يورو، وتطوير مدينة إسنا بالصعيد وهناك نقاشات لتمويل مشروعات للطاقة.

السفير إيهاب فهمى قال لى إن الاتحاد لايدعم مصر فقط فى عملية التنمية، ولكن أيضا فى مواجهةالإرهاب.

ما فهمته من النقاشات مع كثيرين فى برشلونة أن هناك إمكانية كبيرة للحصول على تمويل لمشروعات كثيرة، لكن المشكلة أن قطاعات مصرية كثيرة غير جاهزة بدراسات جدوى حقيقية رغم أن الاقتصاد المصرى يستطيع استيعاب العديد من المشروعات التى تذهب إلى بلدان أخرى خصوصا فى شمال أفريقيا.

فى الماضى كانت العلاقة بين شمال وجنوب المتوسط تقوم على فكرة الاستعلاء، وعلاقة الغنى بالفقير، ولا أعلم حقا هل تغيرت هذه النظرية فعلا كما يقول مسئولو الاتحاد فى برشلونة أم لا؟.

لكن ومع استفحال خطر الإرهاب بدأت أوروبا تدرك أنها فى مركب واحدة مع عرب شمال أفريقيا ولو بالمنطق النفعى ليس فقط لمواجهة الإرهاب بل الهجرة غير الشرعية أيضا.

ما فهمته أن غالبية بلدان المتوسط خصوصا فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تفهم المنطق المصرى فى خطورة الإرهاب والتطرف خصوصا القادم من ليبيا، وإن كانت لا تود أو لا تستطيع الدخول فى مواجهة مفتوحة مع أمريكا الآن لأسباب متعددة.
الخلاصة المبدئية، أن على مصر تعميق علاقتها مع الجميع خصوصا دول جنوب أوروبا على قاعدة المصالح المشتركة والتنمية الشاملة ودحر الإرهاب.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي