سعيد كلاكيت.. والملحد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سعيد كلاكيت.. والملحد

نشر فى : الأربعاء 26 مارس 2014 - 6:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 مارس 2014 - 6:55 ص

كان من الأفضل أن يتأنيا قبل الإقدام على عملهما الأول. المخرجان جديدان: بيتر ميمى، ونادر سيف الدين. طموحهما أكبر من طاقتهما. كل منهما يتعرض لنوعية من الأفلام تحتاج لثقافة شاملة وعميقة، فضلا على خبرة بالحياة، ودراية بأساليب السرد السينمائى، فأولهما حاول الاتجاه بفيلمه اتجاها نفسيا، على غرار «سايكو» لألفريد هيتشكوك. والثانى تعمد الدخول إلى منطقة ذهنية ملغومة بأفكار حول الإيمان والإلحاد.

سعيد، عامل الكلاكيت البسيط، مصاب بمرض «الانفصام»، حيث يظن أن له طفلة، يجرى اختطافها، ويحاول استعادتها، وتلصق به جريمة قتل الممثل الفاشل، الذى يقوم ببطولة فيلم تنتجه والدته اللعوب، ويتمكن ضابط الشرطة النابه من معرفة القاتل، وهو المخرج الذى يغار من حب النجمة للبطل المدلل، وينتهى الفيلم بمشهد نصف «بانتوميم»، حين يعيد الضابط الطفلة الوهمية لوالدها الذى يحتضن الهواء، ويأخذها فى حضنه ويربت على ظهرها.

أعراض «الانفصام» مثل الميل للعزلة، السلبية، الاهتياج المفاجئ، قلة الكلام، فقدان التفاعل مع الواقع، اضطراب التفكير، عدم القدرة على التعبير، ومظاهر أخرى، يلقى المخرج «بيتر ميمى» بها جانبا، ويترك حرية الأداء لممثله، عمرو عبدالجليل، الذى قرر ــ فيما يبدو ــ أن يستعير ذات الملامح التى ظهر بها فى أفلام سابقة: الحيوية، الشجاعة والقدرة على المواجهة، التجاوب مع ما يدور حوله، إدراك الاحجام الحقيقية للآخرين.. الأخطر، والأشد خللا، أن كاتب السيناريو، محمد علام، نسج له حوارا، أقرب للافيهات اللفظية، والتى يتبارى فيها رواد المقاهى، فيما يعرف بالقافية، ولا علاقة لها بالحوار القائم على التعبير عن المتكلم، ويلقى الضوء على من يوجه له الحديث، ويدفع الأمور خطوة للإمام.. هنا، تسمع كلاما فارغا، فعندما يقول المخرج لسعيد «لقيت أماكن ممتازة للتصوير فى المقطم».. يعلن «المنفصم» «أصل انت طالع فى المقطم جديد».

سعيد، اللماح الساخر، المغتاظ من بطل الفيلم الذى يتم تصويره، الثقيل الظل، يستدرجه إلى «إفيه». يقول له «إنت المفروض تعمل فيلم قدام هيفاء»، ويستفسر البطل الرذيل عن السبب. يجيب سعيد «علشان الفيلم يبقى بطولة هيفاء.. وتافه».

عمرو عبدالجليل، قدم «عمرو عبدالجليل»، الذى لا علاقة له بسعيد كلاكيت.. وبطريقته فى نطق الكلام على طريقة اللمبى، بالإضافة للحوارات المفتعلة، وإهمال معظم شخصيات الفيلم، بما فى ذلك زوجته المهجورة ــ بأداء علا غانم ــ التى بدت باهتة تماما.. كلها أمور جعلت العمل شديد التواضع.. ولكن، يبدو متفوقا، وربما متميزا إذا قورن بذلك الشريط التافه، الذى أطلقوا عليه عنوان «الملحد»، فإن تتابع نكات وافيهات أرحم من أن تجثم عليك مناقشات سمجة، ساذجة ومسطحة، وأن تنتقل الكاميرا من مكان لمكان أفضل من بقائها حبيسة بين أربعة جدران، وأن تتابع بطلات «سعيد كلاكيت» أرحم من أن تداهمك بطلات «الملحد»، بتلك الممثلة التى تؤدى دور الخادمة المؤدبة ــ لا أعرف اسمها ــ أو الأم السمجة، التى لا تتوقف عن البكاء فى ذلك العمل الصغير، بعنوانه الكبير، المثير للفضول «الملحد».

السيناريو المتهافت الذى كتبه المخرج، نادر سيف الدين، يقدم شخصيات أقرب للعناوين، فهذا ملحد، يُقال له الأستاذ، يعقد جلسات أقرب لغرز المخدرات، ويتحدث ــ والعياذ بالله ــ عن عدم وجود الإله، وآخر، يفحمه، بقوله «إذا كانت هناك قوة بنت الأهرام، فما بالك بالكون؟».. معظم شخصيات الفيلم أقرب للاشباح، لا حضور إنسانى لهم.. إنه فيلم يفيض بالادعاء، ولعل خلو قاعات العرض من مشاهدين، يثبت أن الجمهور، هو العبقرى الوحيد الذى أدرك أن الفيلم، حقيقة، يستحق التجاهل.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات