حواء بين الحرية والإباحية - صحف الأقاليم - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حواء بين الحرية والإباحية

نشر فى : الخميس 26 مارس 2015 - 11:00 ص | آخر تحديث : الخميس 26 مارس 2015 - 11:00 ص

الأسايطة ــ أسيوط
غادة رضا

أعلم أننى ما زلت صغيرة إذا ما قورنت بنساء كافحن وضحين بأجلّ وأغلى الأشياء للحصول على حريتهن وأفنين حياتهن يركضن وراء نيل الحرية، وينادين باسمها، ليجلبوها لنساء الأرض كافة، ولكن دارت فى نفسى تساؤلات بشأن حرية المرأة التى لا تعنى أبدا الإباحية لأن للأولى حدودا تهدمها الأخرى.
واحد وعشرون عاما مضت لم يتوقف فيها مجتمعنا الشرقى عن نظرته للمرأة على أنها «مخلوق ناقص»، والغريب أننا كنا نتعجب عندما نقرأ قصص الأعراب الجاهليين الذين تعودوا أن يوأدوا بناتهن أحياء خشية العار والفقر والحاجة، إلا أن مجتمعنا ما زال يمارس تلك العادة لوأد المرأة فكريا ومعنويا طالما أنها تحيا فيه!
إن حرية المرأة التى طالب بها نماذج كثيرة من النساء اللاتى ذكرهن التاريخ، والتى ضرب بها أعداء النساء من الرجال عرض الحائط، لا تعنى فى مفهومها الإباحية كما يحلو لبعض المغرضين ــ من كارهى المرأة ــ ادعاء ذلك، ولا تعنى التحلل من قيود القوانين والأخلاق بل الحرية هى الحياة الكريمة التى تستحقها كل أنثى خلقها الله، ففى الوقت نفسه الذى اجتهدت فيه حواء أن تكون جزءا لا يتجزأ من هذا المجتمع السقيم ونجحت فى ذلك، ما زال رجال مجتمعها ينعتونها بالاعوجاج والمكيدة والمكر، ونسوا أن كل هذه الصفات خلقت بها المرأة، وستبقى حاملتها إلى يوم الدين، لكنها لم تستسلم قط لهذا الإجحاف والتهميش والقهر الذى تواجهه يوميا.
اختلفت منزلة النساء من حيث نظرة المجتمع لها من حضارة لأخرى، فكان لها مكانة كبيرة عند القدماء المصريين، وضح ذلك فى نقوشهم على الآثار التى صورت الملك يقف إلى جوار زوجته، بينما كانت المرأة فى البابلية عديمة الأهلية، وقد نظر الفُرس للمرأة نظرة احتقار حتى إنهم كانوا يعتبرونها مخلوقا «نجسا»، واعتبرها اليونانيون كائنا «منحطا». كما كرمت الأديان السماوية المرأة خاصة الإسلام الذى عززها وأثبت أنه لا فضل لجنس على الآخر، فقد حرر المرأة من ذلّ العبودية، كما أنه أعطاها حقّ إبداء الرأى حتى إنها كانت تجادل رسول الله، وأنصفها دين الحق حينما حرّم وأد البنات.
ما زال فى نفسى بعض التساؤلات والتساؤلات، هل حق المرأة فى الحرية أمر لا يتقبله المجتمع؟ أم أن الرجال النرجسيون وحدهم هم من يحلوا لهم عدم الاعتراف بهذا الحق، وهناك مقولة للكاتبة والأديبة الفرنسية سيمون دى بوفوار، هدَّأت من روعى تقول «إذا كانت مسألة حقوق المرأة أمرا سخيفا جدا، فاللوم هو على غطرسة الرجال التى جعلت منها موضوعا للنقاش».

التعليقات