الإنسان فى القرآن (1) - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإنسان فى القرآن (1)

نشر فى : الجمعة 26 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 26 أبريل 2013 - 8:00 ص

احتفى القرآن بالإنسان حفاوة بالغة، حتى يمكن القول إن القرآن الكريم هو «كتاب الإنسان والإنسانية» هو سجل حياتها ومستقبلها، هو «دليل مسيرتها وصلاحها» وقد تجلت حفاوة القرآن بالإنسان واهتمامه بالبشرية عبر حقائق قرآنية متعددة تزيد سعادة الإنسان وثقته بنفسه ومكانته عند ربه التى عبر القرآن عنها بأن الله اصطفى آدم، « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ...» (33)، هكذا فكل انسان هو فرع من ذلك الأصل الذى اصطفاه الله فهل بعد اصطفاء الله منزلة وقيمة؟!

 

وقد تنوعت مظاهر حفاوة القرآن بالإنسان تنوعا كبيرا بدأ بتوثيق «رحلة خلق الإنسان»، ولحظات تكريمه ثم يفتح القرآن أبوابا أخرى تشعر الإنسان بحب الله له ولطفه وحلمه به، فها هو القرآن يجسد هيكلا للإنسان يضم الأعضاء الرئيسة فى جسم الإنسان فبين كلمات القرآن تجد العديد من أعضاء جسم الإنسان، بل تزداد احتفالية القرآن بالإنسان فتصل إلى ذكر وظائف أعضاء جسم الإنسان وكيفية ممارسة أعضاء الجسم لوظائفها المتعددة.

 

ليس ذلك فحسب: فها هو القرآن الكريم، يذكر الأحوال المتعددة للإنسان:

 

ففى الأحوال المالية ها هم الأغنياء / الفقراء / والبخلاء / والمحسنون وأهل العفاف وأهل الإيثار وذوى الخصاصة، وفى الأحوال الصحية: تجد الإنسان السوى صحيح البنية، والقوى والضعيف، والمريض والأكمة والأعمى والأبكم والأصم.

 

ومن العلاقات الاجتماعية: يذكر القرآن فبضامن العلاقات بين بنى الإنسان مثل علاقات «ذو القربى» / «أولو الأرحام» / «الزوجية» / «الوالدية» / «النبوة» / «العشائر والقبائل والشعوب»، كذلك نرى مراحل العمر المتوالية للإنسان من الجنين إلى الوليد إلى الطفل ثم الصبى والفتى كذلك الكهل والشيخ والعجوز، كذلك تطور قدرات الإنسان: فمن بلوغ الحلم إلى بلوغ السعى إلى بلوغ النكاح إلى بلوغ الأشد ثم الرشد إلى بلوغ الكبر والشيخوخة

 

ولا يكتفى القرآن بتصوير تلك اللوحات المحيطة بالجنس البشرى بل يتجه القرآن اتجاها آخر، إذ يتجه القرآن اتجاها تنويريا لتبصير الإنسان بالنماذج المتعددة للسلوك الإنسانى حتى يختار الإنسان ما يريده لنفسه على بصيرة، فلا يسقط الإنسان فى أوهام وتصورات تضر واقعه ومستقبل.

 

ففى المناخ السياسى ترى نموذجا للاستعلاء فى «السلوك الفرعونى» عبر مواقف وتصرفات وظروف متعددة وذلك ترشيدا للسلوك السياسى من أى استبداد، وفى المناخ الاجتماعى يصور القرآن نموذجا للبخل فى «سلوك قارون».

 

كذلك يصور القرآن نماذج السلوك الإنسانى فى حالات الحزن والفرح، وحالات الخوف والأمن.

 

(2)

 

نبدأ اليوم فى ذكر مراحل التكريم الإلهى للجنس البشرى قبل خلق آدم وذريته، حيث بدأ سبحانه وتعالى بخلق السموات والأرض وما فيهما من أرزاق وموارد وجعلها مخازن لأرزاق آدم وذريته، ثم يحشد الله الملائكة ــ وكانوا قبل آدم ــ أشرف الكائنات، فحشدهم وقال لهم: (.. إِنِّى جَاعِل فِى الأَرضِ خَلِيفَة...)، نعم خليفة يتولى إعمار الأرض وإخراج خيراتها والانتفاع بها فإذا الملائكة تصاب بدهشة من ذلك المخلوق الجديد الذى سيتولى إعمار الحياة، ويحتمل أن يقع من سلوك هذا الخليفة ما يعكر صفو الأرض، فقد يقتل ويسفك الدماء بسبب رعونته وحبه لنفسه ورغبة فى الاستئثار بكل ما تراه عينه وتطوله يده، فانظر ماذا قالت الملائكة وهى تعبر عن دهشتها (..قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ..).

 

وتصغى الملائكة سمعها لله حيث يقول لها (..قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ).

 

نعم إن الله يعلم شأن الإنسان وقدرته على الإعمار لأن الله هو العليم وهو الخبير وهو الحكيم.

 

فالملائكة مدهوشة خوف جهالة الإنسان وسعيه فسادا وقتلا وتخريبا، وكانت هذه الدهشة سببا فى الفصل الثانى من تكريم الإنسان فقد تجلى التكريم الإلهى لآدم وذريته فى «تعليم آدم» (وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسمَآءَ كُلَّهَا...).

 

فما هو هذا الدرس الأول فى تعليم آدم؟ لاشك أنه درس خاص بدهشة الملائكة من احتمال فساد ذرية آدم وقتلهم وسفكهم للدماء، فما هى تلك الأسماء التى علمها الله آدم؟

 

يتبع،،،

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات