حسابات الرئيس.. وميدان التحرير - محمد عصمت - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حسابات الرئيس.. وميدان التحرير

نشر فى : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 9:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 9:30 ص

غياب المشروع السياسى المفترض أن يعبر عن نهضة اقتصادية وسياسية وثقافية شاملة، ترفع من مستوى حياة ملايين المصريين، هو الخطر الحقيقى الذى يواجه حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو الذى يفتح أبواب الهجوم الضارى على سياساته، ووصمها بمختلف أنواع الاتهامات التى تبدأ من تصويره كحاكم غير ديمقراطى انقلب على الرئيس الشرعى محمد مرسى، كما

تردد الدعايات الإخوانية الهزلية وبعض الدوائر الغربية والتى لا تخلو من سذاجة مفرطة تتجاهل ما حدث فى 30 يونيو، ولا تنتهى بتصويره كحليف للفلول ورجال مبارك، كما يردد الكثير من النشطاء وبعض القوى الشبابية برؤاهم التى لا تخلو من الغضب والعصبية والحسرة على ما آلت إليه ثورة يناير!

لا الإخوان قادرون على استعادة الأرض التى فقدوها، ولا تنظيف سمعتهم السياسية التى أصبحت فى الوحل، ولا الفلول يستطيعون صدارة المشهد واحتلال الدولة كما كانوا يفعلون أيام مبارك، المعضلة الحقيقية أننا لا نعرف ــ حتى الآن ــ مرجعية فكرية واضحة لحكم الرئيس السيسى، ولا نعرف بدقة القوى الاجتماعية التى تقف وراءه، وترى فى سياساته ما يحقق مصالحها،

فلا الأغنياء يؤيدونه كما كانوا يفعلون مع مبارك، ولا الفقراء يرون خطوات واضحة لتحسين أحوالهم البائسة، والواضح حتى الآن أن القرارات الاقتصادية اتخذتها حكومة الرئيس، لا تلبى احتياجات الفقراء ومحدودى الدخل، بل تقدم امتيازات بلا حدود لكبار الرأسماليين ورجال الأعمال لتوسيع مشروعاتهم، بزعم أنها ستوظف بالضرورة المزيد من الشباب والعاطلين، وسط

تراجع شبه تام للدولة عن المجال الاقتصادى، وهى النظرية التى تبناها مبارك، وثبت فشلها الذريع، وأشعلت فى نهاية المطاف ثورة يناير وأسقطت نظامه.

وقد تواكب مع هذه التوجهات الاقتصادية المباركية، اتجاه السلطة نحو تقييد حقوق التظاهر، وإصدار فتاوى دينية وقانونية تحرم وتجرم الإضرابات العمالية والفئوية، فى انتهاك واضح لروح ونصوص الدستور، فى نفس الوقت الذى تأخرت فيه انتخابات مجلس النواب، وسط مناخ عام بأن البرلمان القادم سيكون الأسوأ والأضعف من نوعه فى تاريخ المجالس النيابية

المصرية، وان وجوده بتركيبته المتوقعة سيكون وبالا على حياتنا السياسية الراهنة !

صحيح أن الرئيس السيسى يواجه أوضاعا سياسية بائسة، على رأسها ميراث قمعى استبدادى، أدى لابتعاد الناس عن السياسة خوفا من البطش ووجع الدماغ، وتجربة حزبية عرجاء عانت طويلا من التدخلات الأمنية التى شوهتها وحبستها داخل مقارها إلا فيما ندر، وحالت دون تواصلها من جماهيرها، كما ورث مناخا ثقافيا متداعيا أفرز نخبا فكرية وسياسية عاجزة ومشوهة،

إلا أن تضييق المجال العام بمختلف الأساليب البوليسية والقانونية والإعلامية، سوف يزيد من تفاقم هذه الأزمات، التى لن يدفع فاتورتها إلا الرئيس السيسى شخصيا !

حسابات الرئيس ورجاله – فيما يبدو لى ــ لا تضع أهمية كبيرة لحل مثل هذه الأزمات، فالأولوية عندهم هى تحقيق هدفين اساسيين، أولهما الانتصار فى المواجهة الأمنية والسياسية مع الإخوان فى معركة قد تستغرق سنوات طويلة مع الإرهاب ومع التنظيمات التى تمارسه والحاضنة له، وثانيهما إقامة مشاريع اقتصادية لها طابع إستراتيجى، لن يشعر الناس بعوائدها فى

القريب العاجل، بل إنهم لا يعرفون على وجه اليقين من الذى سيستفيد من هذه العوائد أصلا، وكيف ستنعكس على تحسين أوضاع حياتهم !

واقع الحال أن هذين الهدفين لن يحققا أهداف ثورة يناير، مالم ُيعِد الرئيس حساباته من الألف إلى الياء، ويدرك أن الاستقرار الحقيقى والقضاء على الفقر والارهاب، لن يتحقق إلا بتنفيذ برنامج ميدان التحرير فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

محمد عصمت كاتب صحفي