الإسلام كما أدين به - 21: المسلم مع الدائرة الأولى - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به - 21: المسلم مع الدائرة الأولى

نشر فى : الخميس 26 مايو 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 27 مايو 2016 - 11:23 ص
ــ1ــ

الدائرة الأولى التى تحيط بالمسلم هى «الأسرة» أو «العائلة».. ومصطلح الأسرة مصطلح جميل مستحدث يدل دلالة كاملة على المفهوم، فالإنسان الفرد سواء مع أمه وأبيه أو مع زوجه وبنيه فكلهم جميعا آسرون ومأسورون، كل منهم مأسور تحت رقابة ودعم الآخرين، وفى نفس الوقت هو آسر مسئول عن راحة الآخرين. فالأسرة هى مجموع (الزوج/ الزوجة/ الأبناء)، وهؤلاء توجد بينهم أربعة مستويات من العلاقات: علاقة زوجية بين الزوجين، علاقة والدية بين الأبوين وأبنائهم، علاقة بنوة بين الأبناء ووالديهم، وعلاقة أخوة فيما بين الإخوة بعضهم ببعض.

وهذه الدائرة الأولى حول الإنسان دائرة مميزة قد اختارتها الأقدار الإلهية لكل واحد، إذ لا دخل لأى إنسان فى اختيار أبيه، ولا يقوم الواحد باختيار والدته، كما أنه لا يستطيع أن يصنع لنفسه أخوة. فالأخوة عطاء إلهى نتاج الأبوين أو أحدهما، ولذلك فالعلاقة بين الإنسان وبين أعضاء هذه الدائرة هى «علاقة البر»، وهى علاقة أرفع مستوى من علاقة صلة الأرحام ومن علاقة الصداقة والمحيطين إلخ.. فـ«البر» عطاء دائم دون طلب وتوافق متواصل. وللحقيقة، فنحن بحاجة إلى استدعاء «البر» مرة أخرى.

ــ2ــ

الدائرة الثانية من العلاقات هى دائرة «ذو القربى»، والقربى هم أقاربك من ناحية (الأب/ الوالد) فالأعمام وأبناؤهم وبناتهم ذوو قربى لك، وكذلك العمات فهم ذوو قربى، أما أبناء العمات وبناتهم فهم من مستوى آخر وهو مستوى علاقة «ذوو الأرحام»، وهم الأقارب من ناحية الأم كالأخوال والخالات وأبنائهم وبناتهم، ومثلهم كل قريب لك جاءت قرابته من ناحية أنثى.. فمثلا ذكرنا أن عمتك من ذوى القربى، لكن أبناء وبنات العمة من ذوى الأرحام لأن الصلة بينك وبينهم (عمتك) . وترتيب هذه العلاقات هو ترتيب لأولوية المسئولية فى التواصل بصفة عامة. أما إذا حدثت ظروف طارئة فيقدم المحتاج للرعاية والدعم المادى والمعنوى على غيره حتى يتجاوز الظرف الطارئ.

ــ3ــ

ويأتى بعد ذلك «المصاهرة» وهم أطراف النسب، زوج ابنتك أو زوجة ولدك، فالعلاقة بين أسرتك وبين عائلتهم علاقة «مصاهرة»، وهكذا تتواصل الدوائر الأولى من الأسرة إلى العائلة إلى الأصهار وتتسع دوائر التلاقى والتعارف لتصنع شبكة من علاقات المودة والمحبة والتكامل والتناصر دون أدنى عصبية.

ــ4ــ

ويضيف الشرع الحنيف نسقا آخر من القرابة تكاد تكون موازية للقرابة والرحم. ذلك النسق هو علاقة «الرضاع». فإذا حدث أن رضع طفل فى سن رضاعة (العامين الأولين من عمره قبل تناول الطعام) ، من امرأة غير أمه ولو مرة واحدة، فقد ارتبط هذا الطفل بمفرده بهذه المرأة التى أرضعته وعائلتها، إذ تصبح تلك المرأة أما له من الرضاع، مثل حليمة السعيدية التى أرضعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وزوجها يصبح والده من الرضاع وأبناؤها هو أخوة الطفل من الرضاع، وكذلك أخوة وأخوات هذه المرأة هو أخواله وخالاته من الرضاع.

ــ5ــ

وقد نظم القرآن الكريم جميع علاقات القربى والرحم والرضاع، وشرحت السنة النبوية الشريفة ما يحتاجه البعض لفهم تلك العلاقات. فليحرص المسلم على إدراك مسئوليته عن جميع العلاقات ويمارس تقويتها واستمرار امتدادها كما أمر الله جل جلاله حيث قال: «وآت ذا الْقرْبىٰ حقه والْمسْكين وابْن السبيل ولا تبذرْ تبْذيرا»، فللقربى والأرحام حقوق مادية ومعنوية ونفسية لابد من إنعاشها ونشرها.
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات