الصدمة - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصدمة

نشر فى : الأحد 26 يونيو 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الأحد 26 يونيو 2016 - 9:20 م
هو برنامج ممتع، أعتبره من أجمل مفاجآت رمضان هذا العام، يحقق عدة أهداف نبيلة فى آن.. تأتى كل حلقة كعمل فنى، فكرى، اجتماعى، تأملى، يتجاوز حدود البلد الواحد، معبرا، عن الواقع النفسى، السلوكى، فى مصر، العراق، لبنان، الإمارات، السعودية.

فكرة البرنامج تعتمد على رصد ردود الأفعال تجاه سلوك سيئ، جارح، تمثيلى، مثل التعامل الفظ مع المختلفين، الأقزام، أو ذوى الاحتياجات الخاصة، أو من لا يملك ثمن أشياء يحتاجها، أو الأضعف، حين تسوقه الأقدار إلى الوقوع فى براثن الأقوى، الموغل فى الشراسة.

فى إحدى الحلقات، داخل مقهى عائلى، يطالعنا زوج مع زوجته، هما ممثلان موهوبان. لا أحد يعرف وجهيهما. الفتاة، اسمها هديل عادل، الفتى اسمه وليد أبوالمعاطى.. يؤديان دوريهما بمهارة تبعث على التصديق.. الزوجة، بملامح رقيقة، يشوبها القلق مع الإحباط. الزوج، ضخم الجثة، أصلع الشعر، الجالس بجوارها، يلكزها بكوعه عقب حوار يزعم فيه الرجل أنها كئيبة، خانقة.. تحاول استرضاءه، لكنه يتصاعد بصوته، مؤنبا، جارحا، مهددا، مما يثير حفيظة رواد المقهى. أحدهم يتدخل بأدب، يحاول تنبيه الزوج إلى أنه يفتقر لشهامة «أولاد البلد».. آخر يحتد، يكاد يتشاجر بلا تردد.. الزوجة، الممثلة غير المعروفة، هديل عادل، تتابع ما يندلع، بملامح متوجسة، لا تخلو من ذعر.. تمسح دموعها بأصابع كفها الصغيرة.. حينها، يتدخل المذيع المهذب، كريم كوجك.

قبل هذا المقطع، لا يفوت البرنامج تقديم لقطات تسجيلية، عناوين موضوعات من صفحات الحوادث، تتعرض لوقائع العنف ضد الزوجات، تبلغ حد القتل.

ينتقل البرنامج إلى بغداد.. فى أحد المطاعم، تجلس زوجة تعمد المكياج أن يرسم أثر لكمة أسفل شفتها، آثار الأسى واضحة على وجهها الممتلئ، الجميل.. زوجها، حاد الطباع، يقبض على رسغها، منذرا، مهددا. تحاول التملص منه. يرتفع صوته، يزعج المحيطين به. أسرة تترك مكانها، تتجه إلى طاولة بعيدة. تقول له كلمتين بليغتين، دقيقتين، لا يكتبهما إلا مؤلف مسرحى متمكن «انت عبد».. الممثلة المغمورة، المتمكنة، اسمها «داليا أحمد».. أمامها ممثل كالعاصفة، اسمه «مهند نصار».. يمكن القول إن البرنامج، يلمع بلسماته الإبداعية.

سيدة كبيرة فى السن، تتدخل برقة ورحمة، تحاول، بأمومة، تهدئة غلواء الرجل الذى تأخذه العزة بالإثم، يواصل قمعه، مما يدفع أحد الرواد إلى انفجار غضبه. يكاد وقوع صدام يدوى.. تتدخل المذيعة الرقيقة، «آلاء حسين» لشرح الموقف، مع إجراء حوارات تؤكد تواجد طاقة إنسانية من الممكن أن تقلل من سطوة النزعات الذكورية.

فى الإمارات، الهادئة نوعا، يختلف الوضع مع ما كان عليه فى مصر والعراق.. هنا، العنف لفظى، بلا لكزات أو أثر لكمة.. بالتالى، انفعالات المعترضين أقل تأججا.. البعض، يحاول، بدماثة، إيصال رسالة للزوج المتعسف أن يغدو أكثر رحمة.

يصل البرنامج إلى ذروته بوصوله إلى بيروت.. فى سوبر ماركت، بأداء مدهش من الممثلين: «كريستين يواكيم»، «إيلى قدمانى»، يتبضعان فى الممرات، وجهها بادى الإحباط، سلوكه واضح الفظاظة، لا يتوقف عن تعنيفها، يصفعها، يشد شعرها. أمام ماكينات الحساب يهينها، المرة تلو الأخرى، علامات الكدر ترتسم على الوجوه، بعد فترة من تحاشى التدخل، يحاول البعض تهدئة الزوج المستثار بلا سبب. لكن الرجل يزيد من وحشيته.. امرأة تعطى الزوجة المهانة رقم تليفون جمعية «كفى عنف واستغلال».. شابة، تندفع، بلا تردد، فى الانقضاض على الوحش، تشبعه لكما وصفعا.. حين يبعدوه عنها، تستخدم قدمها، تضربه عدة شلاليت.. عندئذ، يتدخل المذيع طارق سويد.. هكذا، المرأة اللبنانية هى الأجدع.

«الصدمة»، يمتد بانتقاداته من سلبية لأخرى، متنقلا، من بلد لآخر، أعتبره، بلا مغالاة، من أنضج برامجنا، يتعامل مع قضاياه بعمق وجدية، مبذول فيه جهد طويل، بعزيمة وخبرة.. نبيل الهدف، تنويرى، لا علاقة له بافتعالات هانى رمزى ورزالة رامز أفندى، لذا لزم التنويه.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات